انهيار أبراج كابيتال: نقفي وعبد الودود ينتظران محاكمتهما بأميركا.. وتحول الاهتمام إلى مسؤولية المدقق الخارجي

  • 2021-11-15
  • 15:05

انهيار أبراج كابيتال: نقفي وعبد الودود ينتظران محاكمتهما بأميركا.. وتحول الاهتمام إلى مسؤولية المدقق الخارجي

KPMG تواجه مطالبات بـ 600 مليون دولار من انهيار أبراج.. ومطالبات ماليزية بـ 5.6 مليارات دولار في قضية 1 MDB

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

منذ انهيار شركة أبراج كابيتال في العام 2018 والاتهامات كلها تلاحق الفريق القيادي الذي تولى مسؤولية إدارة الشركة ورافق صعودها المستمر منذ تأسيسها في العام 2008 كما رافق انهيارها المدوّي في العام 2018 عندما ضغطت مجموعة من المساهمين الكبار في صندوق الشركة المخصص لمشاريع الصحة العامة لإجراء تحقيق في ما بدا انه مخالفات مالية ونقص مريب في سيولة الشركة وقدرتها على رد الأموال المقترضة للمساهمين. وبينما كانت الشركة تخضع للتصفية وبيع وحداتها وأصولها بأسعار مخفضة، فإن قيادييها السابقين كانوا يبحثون عن ملجأ أو ملاذ يقيهم الملاحقات واحتمال التعرض لأحكام قضائية قاسية خصوصاً في الولايات المتحدة التي سارعت للإدعاء عليهم وبدأت إجراءات قانونية لاستردادهم لتجري محاكمتهم بموجب القانون الأميركي.

لكن وسط التركيز الكبير على الشركة وقيادتها فإنه لم تبد أي من السلطات القضائية المعنية اهتماماً حقيقياً بالتحقيق في دور لاعب مهم في قضية انهيار الشركة وهم المدققون الماليون شركة "كي بي إم جي" KPMG الذين كانت يقع عليهم جزء مهم من مهمة حماية المساهمين عبر الاطلاع التفصيلي على عمليات الشركة والتحقق الدائم من مطابقتها للقوانين ولأحكام التحوط والإدارة الشفافة للأصول الاستثمارية، وهذا  مع العلم أن "كي بي إم جي" هي التي أصدرت وبطلب من الرئيس التنفيذي لـ "أبراج" تقريراً أكد سلامة حسابات الشركة في وقت كانت الضغوط تشتد من المساهمين لمعرفة حقيقة ما يجري وحقيقة وضع الشركة المالي، لكن تقرير "كي بي إم جي" لم يكن كافياً لتهدئة خاطر المساهمين ورفع الضغوط عن نقفي وإدارة "أبراج"، إذ إن المساهمين الكبار وبينهم مؤسسات مثل البنك الدولي ومؤسسة بيل ومليندا غيتس الخيرية رفضوا التسليم برأي المدقق الخارجي ولجأوا لشركة تدقيق مستقلة قاموا هم باختيارها لإجراء "تدقيق مستقل" في حسابات أبراج، وقد كشف هذا التدقيق عن حجم المخالفات والعجز في مالية الشركة وكان بالتالي بمثابة الصاعق الذي تسبب بانهيارها.

نتيجة لتلك التطورات، تحول الضوء إلى شركة كي بي إم جي KPMG  (التي قامت بتدقيق حسابات "أبراج لمدة 6 سنوات قبل انهيارها) وما يمكن اعتباره نوعاً من الإهمال في تدقيق "أبراج" وبالتالي تأمين الحماية للمستثمرين والمساهمين، لكن تقصير "كي بي إم جي" الواضح في القيام بدورها أعاد مجدداً طرح السؤال حول الدور الذي يلعبه المدققون الخارجيون في عدم القدرة على كشف الكثير من الممارسات الخاطئة بل والجرمية التي قد ترتكبها إدارات الشركات والتي يدفع غالباً ما يدفع ثمنها المساهمون بالدرجة الأولى ثم الإدارة المتهمة.  

لهذا السبب ربما استرعى الانتباه شروع شركتين كانتا تعملان تحت مظلة "أبراج" في ملاحقة قانونية لشركة كي بي إم جي تتضمن مطالبة المدقق الخارجي السابق بدفع 600 مليون دولار كتعويض عن الأضرار التي لحقت بهما من جراء "التقصير الكبير في القيام بدوره في حماية المساهمين وأصحاب المصلحة وبالتالي التسبب بانهيار الشركة".

اللافت أن شركة كي بي إم جي تواجه تحدياً قانونياً ضخماً نتيجة للدعوى المقامة من قبل الحكومة الماليزية وصندوق التنمية الماليزي ضد 44 شريكاً في "كي بي إم جي ماليزيا" وتطالب فيها الشركة بتعويض لا يقل عن 5.6 مليارات دولار نتيجة عجز الشركة عن الكشف على أكبر فضيحة فساد واختلاس مالية في تاريخ البلاد.

بالطبع ينبغي الانتظار لمعرفة النتائج التي ستنجم عن الملاحقة القانونية لإحدى أكبر أربع شركات التدقيق المالي في العالم، لكن في انتظار اتضاح موقف القضاء في هاتين الدعويين، فإن هناك تطوراً مستمراً في موقف الحكومات والمحللين الماليين من موضوع عجز شركات التدقيق في الكثير من الاحيان عن كشف تجاوزات جوهرية في حسابات الشركات التي تتولى تدقيقها. وقد شهدت العقود الأخيرة على عشرات الحالات التي أظهرت أن احتمال حصول هذا التواطؤ قائمة وبقوة خصوصاً في الدول التي لا تمتلك أطراً قوية للحوكمة ولحماية المستثمرين وأصحاب المصلحة وهناك الآن العديد من الاقتراحات المقدمة من جهات قانونية ومالية متخصصة بشأن تقليل احتمالات التواطؤ وتعزيز النزاهة في دور المدقق الخارجي، ومن أبرز الاقتراحات المتداولة:

  1. قيام شركات الاستثمار الخاص بالمساهمة المالية في صندوق مشترك مخصص لمدقق خارجي مستقل يكون دوره التدقيق في الحسابات والبيانات المالية لجميع الشركات المساهمة، وبذلك يتم تجنب قيام علاقة خاصة بين المدقق وبين الشركة التي يقوم بتدقيق حساباتها.
  2. فرض مبدأ تغيير المدقق الخارجي كل فترة بحيث يحال دول نشوء التواطؤ أو المحاباة.
  3. تزويد المستثمرين والمساهمين بآليات تدقيق ومتابعة لوضع الشركة المالي وتصرفاتها المالية وخصوصاً احتمالات قيام التواطؤ بين الشركة والقائمين على تدقيق حساباتها.
  4. تطبيق المبدأ السائد في الدول المتقدمة والذي يمنع على شركة التدقيق تقديم خدمات مالية أو استشارية لشركات أخرى تابعة للشركة الأم.
  5. أخيراً هناك اقتراح يلزم الشركة المدققة بأن يشمل تدقيقها إجراء مقابلات مفصلة وتحقيقاً دائماً مع الرئيس التنفيذي أو مدير العمليات بهدف اكتساب رؤية شاملة للوضع المالي للشركة واكتشاف نواحي الخطر بصورة مبكرة.

 

 

سيف القانون الأميركي

أحكام شديدة على الجرائم المالية

يستعد القياديان السابقان في "أبراج كابيتال" الرئيس التنفيذي عارف نقفي ونائبه في إدارة العمليات مصطفي عبد الودود لمواجهة محاكمة قاسية في الولايات المتحدة التي يتميز قانونها بالأحكام المشددة على الجرائم المالية.  وتعزز هذا الاحتمال بسبب اعتقال السلطات الأميركية لعبد الودود وإخلاء سبيله بكفالة 10 ملايين دولار في انتظار محاكمته، ثم فشل الرئيس التنفيذي السابق للشركة عارف نقفي في مطلع العام الحالي في محاولة تجنب تسليمه إلى السلطات القضائية الأميركية، إذ أصدرت محكمة بريطانية قرارا برفض الطلب الذي استند إلى واقعة أن أكثر الارتكابات التي اتهم بها ارتكبت في بريطانيا.
عبد الودود الذي كان الرجل الثاني في "أبراج كابيتال" صدر منذ أيام قرار من هيئة سوق المال في دبي بتغريمه 1.9 مليون دولار "لمخالفته أحكام الهيئة واحتياله على المستثمرين" وقضى الحكم أيضا بمنعه من القيام بأي نشاطات مالية أو استثمارية في دبي أو انطلاقا منها.
وكانت هيئة سوق المال في دبي أصدرت في العام 2019 حكما بتغريم أبراج نحو 315 مليون دولار بتهمة تضليل المستثمرين وإساءة استخدام أموالهم.