شركات التكنولوجيا الأميركية تعزز دعمها لاتفاق باريس

  • 2020-02-18
  • 07:31

شركات التكنولوجيا الأميركية تعزز دعمها لاتفاق باريس

التغير المناخي يسجّل أرقامه القياسيّة خلال 141 سنة

  • حنين سلّوم

سجّل التغير المناخي في شهر كانون الثاني/يناير من العام الحالي أرقاماً قياسيّة إذ وصلت درجات الحرارة إلى 1.14 درجة مئويّة فوق متوسّط معدّل القرن العشرين، وذلك وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).

وعلى الرغم من أن أشهر كانون الثاني/يناير اعتبرت الأكثر سخونة منذ العام 2016، فإن الولايات المتحدة لا تزال عازمة على الانسحاب من اتفاق باريس. لكن شركاتها التكنولوجية تصر في المقابل على تحمّل مسؤوليتها تجاه الكوكب.

انتقادات لاتفاق باريس

شهدت سنة 2015 إجماع دول العالم على ضرورة التحرك للحد من الاحتباس الحراري فوقّعت جميعها على اتفاق باريس، أوّل اتفاق عالمي بشأن المناخ وقد جاء نتيجة مفاوضات مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي، متعهّدةً ببذل الجهود اللازمة لمكافحة تغيّر المناخ بما فيها دعم البلدان الناميّة لتحقيق ذلك أيضاً.

إلّا أنّ انتقادات عدّة طالت الاتفاق، فقد ذكر تقرير The Truth Behind Climate Pledges الذي نشره الصندوق البيئي العالمي (FEU-US) أن التعهدات التي قدّمتها الدول بموجب الاتفاق ليست كافية لتحقيق الهدف الأساسي الذي يقضي بالمحافظة على معدّل ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئويّة فوق معدّل ارتفاعها بين عامي 1850 و1900 (الفترة المعتمدة لقياس تبدّل معدلات درجات الحرارة)، وهي معروفة بفترة pre-industrial حين كان حرق الوقود الأحفوري لا يؤدّي إلى تغيّر في المناخ. تبيّن أيضاً أنّ تطبيق ما يقارب 69 في المئة من هذه التعهدات مشروط بشكل جزئي أو كلّي بحصول البلدان النامية على الدعم النقدي من البلدان الصناعية المتطوّرة.

ولتزداد الأمور سوءاً، أعلنت الولايات المتّحدة الأميركيّة، ثاني أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، عن رغبتها في الانسحاب من اتفاق باريس، الأمر الذي سيدخل قيد التنفيذ في تشرين الثاني/نوفمبر 2020. وفي حين كان نشطاء المناخ حول العالم يترقبون ظهور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في منتدى الاقتصاد العالمي في دافوس لمعرفة ما إذا كان سيعود عن قراره بالانسحاب من اتفاق باريس إلّا أنّه اكتفى بالتأكيد أنّه مؤمن بالبيئة ويريد الهواء والمياه الأنقى في العالم وأنّ الولايات المتّحدة ستنضم إلى مبادرة زرع تريليون شجرة التي أطلقت خلال المنتدى.

الشركات الأميركية الضخمة: قرارانا ثابت

أمّا الشركات الأميركيّة الضخمة فلا تزال متشبثة بقرارها ومستمرّة بأخذ المبادرات لمحاربة التغير المناخي من دون التقيّد بقرار الرئاسة وذلك لإدراكها خطورة الوضع في حال لم تتصرّف قبل فوات الأوان.  

وكانت شركة Google، المشتري الأكبر للطاقة المتجدّدة، السّباقة في هذا السياق فهي كانت قد وقّعت عقدها الأول لشراء الطاقة المتجدّدة في العام 2010 في الولايات المتحدة. وقد ولّدت الشركة خلال عامي 2017 و2018 كامل الطاقة الكهربائيّة التي تحتاجها من مصادر الطاقة المتجدّدة وهو الأمر الذي تعتزم شركة Facebook تحقيقه في العام الحالي.

وقد تربّعت شركة مايكروسوفت العالميّة على عرش المبادرات بحيث أعربت عن عزمها محو بصمتها الكربونيّة (carbon footprint) أي إزالة إجمالي الغازات الدفيئة التي نتجت عن أعمال الشركة منذ تأسيسها وذلك بحلول العام 2050 وعدم الاكتفاء بوقف الانبعاثات المستقبليّة فقط كباقي الشركات. وسوف تقوم مايكروسوفت بذلك من خلال إنشاء Climate Innovation Fund الذي سيستثمر مليار دولار أمريكي في السنوات الأربع المقبلة للإسراع في تطوير التكنولوجيا المختصّة بالتقاط غاز ثاني أكسيد الكربون. تكون بذلك قد ساهمت بالتقاط الغازات الدفيئة بقدر ما أطلقت خلال 45 عاماً من الأعمال. هذا وقد حدّدت الشركة عام 2030 كالحد الأقصى لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بأكثر من النصف في سلاسل توريد الشركة.

أمّا شركة أمازون التي فتعرّضت لانتقادات عدّة بسبب خدمات التوصيل السريع التي تؤدّي إلى ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة نتيجة عدم الكفاءة بحيث تتم تلبية الطلبات كلّ على حدة بدلاً من جمعها وذلك بغرض رفع المنافسة، قد تعهّدت أن تصبح محايدة للكربون أي net zero carbon بحلول العام 2040 فضلاً عن عزمها شراء 100 ألف شاحنة توصيل كهربائيّة. ولتصبح محايدة للكربون، على الشركة أن تساوي انبعاثات الكربون الناتجة عن عمليّاتها، والتي بلغت 44 مليون طن متري عام 2018، بكميّة الكربون التي تلتقطها ليكون صافي العمليّتين عدم زيادة كميّة الكربون في الغلاف الجوّي.

وأخيراً، أطلقت شركة آبل تقنيّة جديدة لإعادة تدوير الالكترونيّات من خلال الروبوت "دايزي" الذي يستطيع تفكيك هاتف الآيفون أو غيره من الآلات الالكترونيّة بحيث يمكن استخراج المعادن لإعادة استعمالها. أعلنت الشركة أن الروبوت ليس سوى جزء من خطّتها لتتخلّص من اعتمادها على قطاع التعدين الذي يستهلك الطاقة ويؤدّي إلى ارتفاع انبعاثات الغازات الدفيئة. كما أعلنت الشركة عن إمكانيّة مشاركة هذه التكنولوجيا خاصّة مع مصنّعي السيارات الكهربائيّة.

 

يبدو إذاً أنّ شركات التكنولوجيا عازمةً على تحقيق أهدافها بالرغم من تراجع السلطات الأميركيّة وعدم تولّيها مسؤوليّتها في الحد من التغير المناخي في العالم. ولكن في حين كانت شركات التكنولوجيا السبّاقة في هذا السياق لعدم ارتباط اعمالها بشكل مباشر بمسبّبات انبعاثات الغازات الدفيئة، فما هو مصير الشركات في القطاعات الأخرى، أبرزها قطاع النفط والغاز، في ظل موجة الحد من التغير المناخي؟