كيف تعمل البحرين للتحول إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا المالية؟

  • 2020-02-05
  • 15:42

كيف تعمل البحرين للتحول إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا المالية؟

  • عاصم البعيني
تبذل مملكة البحرين جهودا شاملة ومنسقة يقودها مجلس التنمية الاقتصادية ومصرف البحرين المركزي لتكون المركز الإقليمي للتكنولوجيا المالية، بالإضافة إلى كونها مركزاً مالياً إقليمياً. 
"أولاُ-الاقتصاد والأعمال" التقى ممثلين عن الجهات المعنية الفاعلة بهدف تسليط الضوء على الخطوات المتخذة والإنجازات المحققة حتى الآن وكذلك على الخطوات المرتقبة.
 

كان مصرف البحرين المركزي سبّاقاً في التعامل مع المتغيرات الحاصلة في القطاعين المالي المصرفي في ظل التطورات التكنولوجية، إذ أطلق قبل سنوات البيئة الرقابية التجريبية، كما أسس وحدة متخصصة في التكنولوجيا المالية واعتمد سياسة الحوسبة الحسابية ضمن حزمة من الخطوات المحفزة. 

 

خالد حمد: لا قيود من المركزي على أي تكنولوجيات مالية  

دور مصرف البحرين المركزي

وفي هذا السياق يقول المدير التنفيذي للرقابة المصرفية في المصرف خالد حمد إن الاستراتيجية التي اعتمدها مجلس الإدارة انطلقت من فكرة مفادها أن ما كل هو معتمد من تطبيقات وخدمات متعلقة بالتكنولوجيا المالية في الخارج وذات صلة بالقطاعين المصرفي والمالي، قابل للتطبيق في البحرين وليس هناك ما يحول دون اعتمادها في السوق المحلية، مشيراً إلى عنصرين مكنا المصرف من الذهاب بعيداً في التوسع في مجال خدمات التكنولوجيا المالية، الأول يكمن في الرقابة الشاملة للمصرف على القطاعين المالي والمصرفي معاً، والثاني تداعيات الأزمة المالية العالمية وما نتج عنها من حاجة الشركات إلى خفض نفقاتها.    

ويوضح حمد أن جهود المركزي تُرجمت بورشة عمل شاملة لتحديث القوانين ذات الصلة وإقرار تشريعات جديدة، فقد جرى حتى اليوم إصدار أكثر من 95 في المئة من التشريعات المستهدفة بما فيها التشريعات ذات الطابع المعقد أو تلك التي ما زالت موضع خلاف أو نقاش في الصناعة المصرفية، ومنها على سبيل المثال، الأصول والعملات المشفرة ومنصات التمويل الجماعي (Crowd Funding). 
ويضيف أن إصدار هذه التشريعات مهّد لإصدار أنواع جديدة من التراخيص لشركات توفر خدمات التكنولوجيا المالية المساندة للقطاع المصرفي منها ما هو متخصص بأنظمة المدفوعات وإصدار البطاقات وتحويل الأموال بتكلفة أقل مقارنة بتلك التي تقدمها المصارف. ويخلُص الحمد إلى القول إن ورشة العمل التي بدأها المصرف المركزي في تكريس التكنولوجيا المالية تكتسب طابعا مستمرا، وهي لا تتوقف إلا عند حدود قبول الودائع التي تبقى الخدمة الوحيدة المقتصرة على المصارف وفق النموذج التقليدي المتعارف عليه، لافتاً الانتباه إلى أن صناعة خدمات التكنولوجيا المالية تقف عند مرحلة جديدة مع تحول شركات الاتصالات إلى لاعب مؤثر وجديد فيها، ما يفتح الباب على تطورات جديدة قادمة.  
  

 

ديفيد باركر: مجلس التنمية يدعم التعاون مع الدول الأخرى

مجلس التنمية الاقتصادية

بدوره يلعب مجلس التنمية الاقتصادية دوراً أوسع وأشمل لكنه يتكامل مع توجهات مصرف البحرين المركزي، ويكمن هذا الدور في السعي إلى جعل الابتكار والتكنولوجيا جزءاً من جهود التنويع الاقتصادي، عبر نقل وتوطين المنتجات والخدمات ذات الطابع التكنولوجي المالي إلى البحرين. وتجلت أبرز مبادرات المجلس بنجاحه في استقطاب "أمازون ويب سيرفيسز" لتأسيس مركز بيانات لها في البحرين بهدف توفير تقنيات الحوسبة السحابية. وهنا يقول الرئيس التنفيذي المشارك للاستثمار الخدمات المالية والشركات الناشئة في المجلس ديفيد باركر إن المجلس اتخذ خطوات مهمة عدة لدعم أجندة التكنولوجيا المالية عبر ثلاثة محاور، الأول دعم المبادرات التي تؤسس لاقتصاد داعم للابتكار والتحول الرقمي بما فيها المؤسسات المصرفية وكان من بينها ما تجلى أخيراً في إطلاق بنك ABC مصرفه الرقمي "إلى". والثاني جذب شركات التكنولوجيا المالية عبر "شركة فنتك باي" (Bahrain Fin Tech Bay). أما الثالث فالعمل على توفير التمويل للمشاريع والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، إذ لمس المجلس وجود فجوة للمبادرين في مراحل التمويل المبكر أو أدوات مالية تخدم الشركات الناشئة، وقد دعم إطلاق صندوق الصناديق-الواحة بقيمة 100 مليون دولار الذي يدار من قبل بنك البحرين للتنمية. 

ويخلص باركر إلى القول بأن المجلس يسعى إلى بناء جسور تكنولوجية مالية بين البحرين والدول الأخرى، بما يمكن الشركات القادمة إلى البحرين من الاستفادة من البيئة التكنولوجية الحاضنة أو الربط بينها وبين الشركات المحلية. وتجلى ذلك على سبيل المثال في التعاون بين مصرف السلام وإحدى الشركات الصينية لإطلاق صندوق للاستثمار في شركات التكنولوجيا الناشئة. 

 

 

 

خالد سعد: جذبنا 45 شركة عالمية متخصصة

Bahrain FinTech Bay

كذلك ترجم مجلس التنمية الاقتصادية رؤيته في مجال التحول الرقمي عبر دعم إطلاق خليج البحرين للتكنولوجيا المالية "فنتك" بهدف توفير بيئة متكاملة لخدمات التكنولوجيا المالية (Ecosystem)، وخلق منصة تفاعل بين شركات التكنولوجيا المالية العالمية والشركات الناشئة المحلية، التي نجحت بحسب الرئيس التنفيذي  السابق خالد سعد باستقطاب نحو 45 شركة عالمية متخصصة في مجال التقنيات المالية في عدة مجالات كالذكاء الاصطناعي البلوكشتاين استخدام الروبوتات وإدارة الثروات المالية الآلية، بعضها يعمل في وادي السيليكون في ديترويت وسنغافورة، مشيراً إلى أن نحو 12 شركة محلية ممن عملت في البيئة التجريبية جذبت إليها استثمارات بنحو 150 مليون دولار. 

ويضيف أن الخدمات التكنولوجيا التي توفرها هذه الشركات لا تقتصر على القطاع المالي بل تشمل تكنولوجيا التأمين التكنولوجيا الرقابية البلوكتشاين بما يفتح المجال أمام مختلف القطاعات لمواكبة التطورات الحاصلة. 

عبد الحكيم الخياط: تعاون بين المصارف والشركات الناشئة المحلية 

تجربة مصرفية حية 

هذه التوجهات التي يتحدث عنها سعد تلاقي تطبيقاً عملياً مع تجربة بيت التمويل الكويتي في البحرين "بيتك-البحرين" لجهة إيجاد إطار للتعاون بين شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات المصرفية والمالية، وهنا ينوه الرئيس التنفيذي في "بيتك-البحرين" عبد الحكيم الخياط بالجهود المشتركة التي بذلها مصرف البحرين المركزي ومجلس التنمية الاقتصادية في التأسيس لبيئة حاضنة لصناعة التكنولوجيا المالية بما يدعم تحول مملكة البحرين من مجرد مركز مالي إقليمي إلى مركز إقليمي للخدمات التكنولوجيا المالية.

ويضيف أن مجلس التنمية الاقتصادية فتح المجال أمام المصارف للدخول معه في شراكات حيوية سمحت بإطلاق عدد من المبادرات المشتركة، كما كان للمصرف المركزي دور مهم عبر وضع إطار العمل للبيئة الرقابية التجريبية (Regulatory Sandbox) ما مكن شركات التكنولوجيا المالية من اختبار مشاريعها في مجال الحلول الرقمية، مشيراً إلى أن هذه الجهود شجعت البنك على إطلاق منصة "بيتك جزيل" في سياق التحول نحو الصيرفة الرقمية. ويتابع أن تهيئة البيئة الملاءمة أثمر تأسيس شركات محلية ناشئة عدة تعمل بكفاءة عالية ووفر الفرصة للمصارف على وجه التحديد للتعامل معها، كما هو الحال مع بيت التمويل الكويتي، مشيراً إلى أن التعاون مع هذه الشركات قلّص حجم التكاليف المفترضة مقارنة بأي تعاون مع الشركات العالمية المتخصصة.


أحمد النعيمي: خططنا توجّت بتأسيس معهد للتدريب

اهتمام بالكوادر البشرية 

  في تأكيد على شمولية الرؤية لتكريس الخدمات التكنولوجيا المالية وخطط التحول الرقمي، حظي تطوير الكوادر البشرية باهتمام خاص على عدة مستويات سواء صندوق العمل "تمكين" ومعهد البحرين للدراسات المصرفية والرقمية، وهنا يشير رئيس التحول الرقمي في المعهد أحمد  النعيمي إلى التسارع الذي شهدته الخطط والبرامج الخاصة بالتدريب، والتي توجت بتأسيس أكاديمية التحول التكنولوجي تحت مظلة المعهد قبل نحو عامين وهي توفر برامج تدريبية في مجال التكنولوجيا المالية كالأمن السيبراني، والبلوكتشاين، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء وسواها بما يخدم بيئة الاعمال والمؤسسات التي تركز على هذا التحول.

ويوضح أن هذه البرامج تركز على شريحتين: الأولى، تُعنى بالارتقاء بقدرات الكوادر العاملة في القطاعين المصرفي أو المالي، إذ نجح المعهد من خلالها في خلق نخبة متخصصة في كافة مجالات التكنولوجيا المالية. أما الشريحة الأخرى من البرامج فهي موجهة لحديثي التخرج والقادمين الجدد إلى سوق العمل، وهي تركز على ردم الفجوة الحاصلة بين البرامج التعليمية ومتطلبات سوق العمل، إذ يلعب المعهد دور صلة الوصل في توفير كوادر مدربة وفق متطلبات الجهات الراغبة بالتوظيف بعد إخضاعهم لبرامج تدريبية لمدة ثلاثة أشهر.