المعهد الدولي للتمويل: السعودية على طريق التعافي من آثار الجائحة

  • 2021-02-21
  • 18:22

المعهد الدولي للتمويل: السعودية على طريق التعافي من آثار الجائحة

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

 

أصدر المعهد الدولي للتمويل، الذي يعكس وجهة نظر المصارف الدولية، تقريراً تناول فيه أداء الاقتصاد السعودي في ظل جائحة كورونا، متوقعاً أن تكون السعودية في طريقها للتعافي من آثار الجائحة في العام 2021، ولاسيما في النصف الثاني منه مع توقع انحسار الجائحة في تلك الفترة من العام الحالي. وبحسب التقرير، فإن الأوساط المالية الدولية متفقة على تقييم إيجابي للوضع المالي السعودي، خصوصاً في ضوء الطلب الكبير على السندات الحكومية السعودية، ومعدل العائد المنخفض المدفوع عليها، وتوقع المعهد أن تؤدي الإصلاحات المستمرة، خصوصاً على صعيد التحول الرقمي والإصلاحات الهيكلية الأخرى، الى المزيد من تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.

قد يهمك:
السعودية: نقلة نوعية في تطوير وتحديث التشريعات

آثار محدودة للجائحة

ووفقاً للتقرير، فإن الاقتصاد السعودي تعرض لقدر محدود من آثار أزمة كورونا نظراً إلى الحصة المحدودة لقطاع الخدمات في الناتج المحلي، وكذلك نظراً إلى النسبة الكبيرة للشباب في التركيبة السكانية (فقط 3 في المئة من السكان هم فوق سن الـ 65)، وكذلك نتيجة لحزم متوالية من الإجراءات الاحترازية التي ساهمت في احتواء الوباء والحؤول دون انتشاره كما تبين من التراجع الكبير في عدد الإصابات اليومية من 2000 في حزيران/يونيو من العام الماضي إلى 100 في كانون الثاني/يناير (قبل ارتفاعه إلى نحو 300 إصابة يومياً بعد أعياد رأس السنة)، كما تراجع بقوة عدد حالات الوفاة من جراء الإصابة بالفيروس.

يمكنك متابعة:
أزعور: الصندوق زاد تمويلاته للمنطقة 17 مليار دولار

لكن تقرير المعهد شدّد على أن التعافي سيحصل بصورة تدريجية، وسيستند بصورة أساسية إلى انتعاش الطلب المحلي، متوقعاً أن تتسارع وتيرة التعافي في النصف الثاني من العام 2021 وذلك نتيجة للانحسار المتوقع في الموجة الثانية لفيروس كورونا. يدعم ذلك التحسن الملحوظ في مؤشر مدراء المشتريات PMI من 45 في أيار/مايو 2020 إلى 56 في كانون الثاني/ يناير 2021 وهو المعدل المسجل قبل جائحة كورونا،  وتوقع التقرير أن تزداد التدفقات المالية لغير المقيمين بصورة طفيفة إلى نحو 47 مليار دولار نتيجة المساهمة الملحوظة لاستثمارات المحافظ المالية.

وأظهر التقرير أن الانكماش الاقتصادي المحدود في العام 2020 تسبب بارتفاع معدل البطالة إلى 14.9 في المئة في الفصل الثالث من العام 2020 إلا أن سبب ذلك الارتفاع يعود إلى التحسن الكبير الذي كان قد تحقق في معدلات انخراط العمالة السعودية في سوق العمل، إذ بلغت هذه نحو 49 في المئة من المجموع عند ظهور الجائحة. ويشير التقرير الى ان السياسات المرنة للعمل عن بعد قد ترفع من مشاركة السعوديين في سوق العمل ولاسيما مشاركة المرأة.

دور البنك المركزي السعودي

وبحسب التقرير فقد كان للحلول والمبادرات الإنقاذية التي أطلقها البنك المركزي السعودي والحكومة السعودية بصورة مبكرة، دور أساسي في مساعدة الاقتصاد السعودي على احتواء الصدمة، وهو ما جعله في وضعية أفضل للانتقال إلى مرحلة التعافي في مرحلة لاحقة، ومن أبرز تلك المبادرات، حزم الدعم المالي على شكل تأجيل مستحقات قروض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل السياسة النقدية، وتوفير السيولة الكافية للجهاز المصرفي. وبلغ ما وفره البنك المركزي دعماً للسيولة في الأسواق نحو 2 في المئة من الناتج المحلي، وأعلن البنك المركزي في الفترة الأخيرة نيته تمديد العمل بقرار تأجيل سداد قروض القطاع الخاص حتى آخر شهر آذار/مارس المقبل.

وتوقع المعهد الدولي للتمويل أن تحافظ السياسات النقدية للبنك المركزي السعودي على درجة كبيرة من التفاعل مع الظروف والاستجابة لأي حاجات جديدة وذلك حتى تجاوز الجائحة.

ونوه المعهد بأداء الاقتصاد السعودي في العام، 2020 مشيراً إلى أنه ونظراً الى النجاح السعودي في احتواء الوباء، فقد تقلص الاقتصاد السعودي بنسبة 4.1 في المئة في العام 2020 وهي نسبة أقل بدرجة ملموسة من معدل تقلص الاقتصاد في بقية الدول الناشئة والمتقدمة، بينما تقلص الاقتصاد الحقيقي غير النفطي بنسبة لا تزيد على 2.7 في المئة.

صندوق الاستثمارات العامة السعودي

وتوقع المعهد أن يحقق الاقتصاد السعودي غير النفطي نمواً بمعدل 3 في المئة في العام 2021، مشيراً إلى أنه سيكون للإنفاق المتوقع من صندوق الاستثمارات العامة على المشاريع التي يمولها دور أساسي في تحقيق النمو الإضافي، كما توقع أن يستمر لهذا الغرض تحويل الأموال من البنك المركزي السعودي إلى صندوق الاستثمارات العامة. وقدر التقرير احتياطات البنك المركزي حالياً بنحو 453 مليار دولار بزيادة كبيرة عن الاحتياط الضروري للحفاظ على ارتباط الريال بالدولار الأميركي وهو 250 مليار دولار.

نحو التوازن المالي

توقع المعهد أيضاً أن يتقلص العجز في الميزانية الحكومية السعودية إلى 4.3 في المئة من الناتج المحلي في العام 2021 وذلك نتيجة للتحسن الملحوظ في أسعار النفط ولمواصلة سياسات ترشيد الإنفاق وخفض الإنفاق الرأسمالي، علماً  أن الخفض في بند النفقات سيتم تعويضه بل والزيادة عليه من خلال المشاريع الممولة من صندوق الاستثمارات العامة.
لكن دراسة المعهد تشير إلى أن معدل التضخم في السعودية ارتفع إلى 3.4 في المئة في العام 2020 (مقابل معدل تضخم سلبي بنسبة 2.1 في المئة في العام  2019)، وذلك نتيجة الزيادة على ضريبة القيمة المضافة وعدد من العوامل مثل رفع الدعم عن بعض السلع غير النفطية وكذلك ارتفاع سعر بعض السلع الأولية، وتوقعت الدراسة أن يبقى معدل التضخم السعودي في حدود 3 في المئة في العام 2021.

ميزان المدفوعات

وتوقع تقرير المعهد الدولي للتمويل أن يشهد العام 2021 تحسناً في ميزان الحساب الجاري السعودي وذلك مع اتجاه أسعار النفط إلى الارتفاع إلى معدلات قريبة من 52 دولاراً للبرميل، كما إن زيادة إضافية بقيمة 10 دولارات على سعر البرميل ستزيد دخل الصادرات النفطية بنحو 30 مليار دولار وتعزز بالتالي قوة ميزان المدفوعات.

المصارف السعودية

نوّه تقرير العهد الدولي للتمويل بأداء المصارف السعودية مؤكداً أن النظام المصرفي أظهر خلال الأزمة مرونة لافتة، كما أظهر قدرة احتمال استندت بصورة خاصة إلى كفاية رأس المال ومعدلات السيولة التي تمتعت بها المصارف في بداية الجائحة، إضافة إلى الدور الداعم للبنك المركزي، إلا أنه من المتوقع أن يؤدي مناخ الفوائد المنخفضة في المدى المنظور للتأثير على قدرة المصارف على التوسع في النشاط الإقراضي للقطاع الخاص، كما إن الدعم الذي تلقته المصارف للمساعدة على تأجيل تسديد قروض القطاع الخاص، ولاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يجعل من الصعب تقدير نسبة القروض غير المنتجة أو المتعثرة في محافظ البنوك، إلا أن التقرير توقع أن تتراجع نوعية أصول المصارف بنسبة طفيفة لا تتجاوز 3 في المئة.