قدمت الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة من خلال موقعها في رئاسة الاتحاد العالمي لصاحبات الأعمال والمهن البحرينية تجربة نموذجية في تأهيل رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وبقدر ما اكتسبت تجربة الاتحاد أهمية متزايدة في هذا الجانب خلال تفشي فيروس كورونا، غير إن الموضوعية تقتضي الإشارة إلى أن تجربة تدريب رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال برامج متخصصة، ولدت قبل نحو عقد من الزمن.
هذه التجربة، تعكس رؤية مهمة لدى الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة في استنباط متطلبات المستقبل، خصوصاً بالنسبة الى دولة كمملكة البحرين، التي لا تتمتع بفوائض مالية ضخمة وتحتاج بشكل مستمر إلى توليد فرص عمل جديدة ضمن رؤية طموحة لتعزيز الاقتصاد غير النفطي وتوفير فرص عمل للشباب وتمكين المرأة.
لا يخرج المقر الرئيسي للاتحاد العالمي لصاحبات الأعمال والمهن البحرينية ومنشآته المحيطة في حديقة الأندلس عن السمة العامة للعاصمة البحرينية وبيئة الأعمال فيها والتي تتسم بالسلاسة البعيدة عن التعقيد، لكن النظرة الداخلية إلى المكان ومتابعة النشاطات الحاصلة فيه وفي محيطه، توحي للزائر بأنه في ورشة عمل كخلية نحل مفعمة بنشاطات حيوية وفعاليات ذات صلة بمهن وحرف مهمة عدة تضم شباناً وشابات في مقتبل العمر.
وتلفت رئيسة الاتحاد العالمي لصاحبات الأعمال والمهن البحرينية الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة، النظر إلى أن الاتحاد يضم في مجلس إدارته 12 سيدة من سيدات الأعمال ممن كنّ يقمنّ بمبادرات وتبرعات مهمة تجاه رواد الأعمال والمبادرين، مشيرة إلى أن أحد أهداف تأسيس الاتحاد تجلى في السعي لضم هذه السيدات وتوحيد جهودهن تحت مظلة واحدة، تحت شعار "تمكين المرأة والاستثمار في الشباب".
معايير محددة لاختيار الشباب المؤهلين لبرامج التدريب
أصحاب المواهب
وتضيف الشيخة هند بنت سلمان أن الفكرة من إطلاق الاتحاد لنشاط الاحتضان وتأسيس حاضنات أعمال خاصة، ولدت من حقيقة أن شريحة واسعة من الشباب ممن يرغبون في الإقبال على تأسيس مشاريعهم الصغيرة والمتوسطة، قد يواجهون تردداً أو تحديات مالية وفنية، مشيرة إلى أن الحافز المتوفر لدى الشباب ووجود توجه عام نحو الإقبال على هذه المشاريع، كانا الدافع الرئيسي لدى الاتحاد في إطلاق حاضنات أعمال خاصة به، مشيرة إلى أن الاتحاد وضع معايير واضحة لانتقاء المستفيدين من نشاط الاحتضان كأن يكونوا من أصحاب المواهب، والاهم أن يكونوا من ذوي الدخل المحدود.
أدركنا قبل عقد من الزمن أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الاعمال
في تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل
خلفية ورؤية
وأنت تتابع بدقة ما تورده الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة بين السطور، تستدرك من دون عناء ما تملكه السيدة من رؤية ونظرة واعية تجاه المستقبل، مستفيدة من تجارب شخصية مرت بها على مدى السنوات الماضية، فهي تنحدر من الأسرة الحاكمة في البحرين وما يعنيه ذلك من متابعة لشؤون وشجون المرأة والشباب ومختلف مناحي الحياة في بلادها، كما إن هذا الواقع صُقل بتجربة علمية مهمة اكتسبتها من على مقاعد الجامعة الأميركية في بيروت، ما عزز ثقافتها في تتبع إرهاصات المستقبل. كذلك، تحرص الشيخة هند بنت سلمان على الاستماع والمتابعة، وتمنح ثقة مطلقة لمن هن في محيطها وضمن فريق عملها وفي مقدمتهن السيدة خيرية دشتي التي تحتل مكانة مهمة في دعم نشاط الاتحاد وتوجيه بوصلته.
وتقول الشيخة هند بنت سلمان بما يعكس قدرة على استنباط المستقبل:" أدركنا قبل عقود أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال قد أصبحت ركيزة اقتصادية أساسية كمفهوم حديث في الاقتصادات المتطورة. وتضيف: كنا من أوائل المبادرين في منطقة الخليج للتوجه نحو تكريس بيئة حاضنة لرواد الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، قبل أن تستدرك قائلة: نحن نعمل بمفهوم العمل الأهلي، وهناك دول خليجية عدة قدمت نماذج ناجحة في هذا المجال، وإن كان يقف خلفها دعم مالي حيوي.
مبادرون أصبحوا أصحاب مشاريع ناجحة
بينهم من أسسوا تطبيقات الكترونية مبتكرة
رواد أعمال ونماذج ناجحة
وفّر الاتحاد العالمي لصاحبات الأعمال والمهن البحرينية نحو 36 حاضنة أعمال تدرب من خلالها نحو 7 آلاف متدرب من الشباب البحريني التواق للانطلاق وبناء مسيرته المهنية في مجال مهنية وفنية عدة كالتصوير والرسم وإعادة التدوير وغيرها، وحرص الاتحاد منذ نحو 5 سنوات على تنظيم فعاليات تدريبية يتولى الإشراف عليها والمساهمة في تدريب الشباب خبراء من دول خليجية وأخرى أوروبية.
ويختزن المكان تجربة جاسم الحمادي المتخصص بالخط العربي والذي انطلق من مكان صغير في منزله، قبل أن يفتح له الاتحاد أبوابه فيتحول معه إلى قصة نجاح حيث تولى بعد صقل موهبته بتدريب شباب من البحرين والسعودية ودول الجوار على يد الحمادي نفسه. وهناك تجربة المصور محمود سلامي الذي انتقل من غرفة خشبية على سطح منزله خصصها كاستديو بدائي، ليمر بتجربة التطوير والتدريب في الاتحاد، ثم يتحول إلى متدرب متخصص في مجال التصوير ويدرب مئات الشباب، ومن نقله نجاحه لان يصبح ضمن فريق تصوير ملك البحرين تقولها الشيخة هند بشيء من الغبطة. ولإضفاء الموضوعية التامة على تجربة الاتحاد، فإن هذه التجربة لم تقتصر على تلك المهن، بل تعدته إلى احتضان مبادرين اهتموا في تأسيس تطبيقات الكترونية ووصلت مشاريعهم إلى الجهات المعنية بالتمويل كما هي الحال مع إحدى طبيبات أسنان التي أسست تطبيقاً يربط المريض بالطبي المختص.
تمكين المرأة
وتعرّج الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة على حيّز مهم في دور الاتحاد في دعم المبادرين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة يتمثل في تمكين المرأة، فتشير إلى تجارب شابات انتقلن من الشغف في تصميم المجوهرات إلى تصميمها بالتعاون مع أرقى الدور المتخصصة، بعد خضوعهن لبرامج تدريب متخصصة تحت مظلة الاتحاد ومن خلال الحاضنات التي يوفرها. وتخلص إلى القول: "كل هذه التجارب تؤكد على أن فكرة وتجربة الاتحاد ركزت على جذب الطاقات الشابة وتوفير حاضنات لها بما يمكنها من الانطلاق في علم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال بحيث تتاح له تنفيذ برامج تدريبية وتصبح نماذج ناجحة في مجالاتها"، لافتة النظر إلى أن الاتحاد نجح في ضوء الأهداف الرئيسية من تأسيسه والجهود المبذولة في اختصار المسافة بين المبادرين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبينهم وبين المؤسسات المعنية بالتمويل في البحرين وفي مقدمها صندوق العمل "تمكين" وتكريس نفسه كجسر عبور بين الجانبين.
أطلقنا جائزة رواد البحرين لتكريم رواد الاعمال وأصحاب المهن
كورونا وتأكيد صوابية الخيارات
منذ ما قبل تفشي فيروس كورونا، كان الاتحاد العالمي لصاحبات الأعمال والمهن البحرينية حريصاً على توسيع دائرة نشاطات تجربته في دعم رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهنا تكشف الشيخة هند أن آثار الفيروس دفعتنا للتعامل مع تداعياته ومقاربة التوجه بطريقة أكثر عمقاً ولاسيما في ظل التداعيات التي تركتها الجائحة وحالة الإغلاق الجزئي التي سادت في البحرين، ليبرز دور الاتحاد بصورة أوضح خلال هذه الفترة من خلال النشاطات التي نظمها مع مراعاة قواعد التباعد الاجتماعي. وتضيف الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة، أن هذه النشاطات ستتوج بالإعلان عن "جائزة رواد البحرين" المخصصة لرواد الأعمال والحرفيين في الاتحاد، ضمن المساعي للحدّ من تداعيات الفيروس في ظل هذه المرحلة، وجرى تشكيل لجنة تحكيم وإشراف على الجائزة ضمت أعضاء المجلس الاستشاري للاتحاد وتمكين وزارة التجارة والصناعة والسياحة، وصندوق العمل "تمكين"، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، وجامعة البحرين، وتتولى اللجنة المتخصصة المشكّلة من قبل الاتحاد ووزارة الصناعة والتجارة والسياحة اختيار الأسماء المرشحة على أن تكون من تلك الحاملة لسجل تجاري، قبل أن يتم تحديد الفائزين.
المنامة- عاصم البعيني
