موديز وتخفيض تصنيف الكويت: حتمية الإصلاح المالي والاقتصادي

  • 2020-09-24
  • 23:47

موديز وتخفيض تصنيف الكويت: حتمية الإصلاح المالي والاقتصادي

تلويح بالمزيد من الخفض المستقبلي

  • عاصم البعيني

حمل خفض وكالة "موديز" لتصنيف الكويت الائتماني درجتين من Aa2 إلى A1 مع تغيير النظرة المستقبلية إلى مستقرة أبعاداً مهمة في توقيته.

فمن الناحية الشكلية، تعد هذه المرة الأولى التي تقدم فيها "موديز" على مثل هذه الخطوة. أما النقطة الثانية والأهم، تتمثل في أن خطوة "موديز" تحمل رسالة تحذير واضحة وتضع الكويت أمام خيار الإصلاح الاقتصادي القسري. 

وكانت الحكومة قد لجأت إلى حلول وخيارات عدة مؤقتة واستثنائية كان من بينها توفير سيولة لصندوق الاحتياطات العام بعد نفاذها من قبل صندوق الأجيال القادمة، عبر شراء الأخير أصولاً عائدة للأول. كما جرى إصدار قانون جديد يقضي بوقف استقطاع نسبة 10 في المئة من إيرادات الدولة لصندوق الأجيال القادمة.

وكان من اللافت للانتباه أن خطوة خفض التصنيف من قبل وكالة "موديز"، دفعت محافظ بنك الكويت المركزي إلى إبداء موقف علني عبر دعوة وزير المالية براك الشيتان لإجراء إصلاحات مالية مدروسة لتعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي، محذراً من أنه ما لم تتخذ مثل هذه الإجراءات، فلن تتمكن الكويت من تحقيق الاستقرار الاقتصادي واستدامة الرخاء.  


أي إصلاح وبأي ثمن؟  

 

 وفيما بدا أنه بمثابة مزيد من رسائل التحذير من قبل "موديز"، لفتت الوكالة النظر إلى أن غياب الإصلاحات المؤثرة منذ العام 2014، إلى جانب الانخفاض الحاد في أسعار النفط خلال المرحلة الماضية، من شأنه أن يرفع مستوى العجز إلى نحو 13.7 مليار دينار (44.7 مليار دولار)، أي ما يعادل نحو 38 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2020/2021. وتوقعت أن ينخفض العجز المالي إلى نحو 10.6 مليار دينار خلال السنة المالية 2021/2022، أي بما يعادل نحو 25.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتقود هذه المعطيات إلى القول بأن المالية العامة في الكويت، باتت أمام خيار الإصلاحات الجذرية. فقد شهدت السنوات الماضية تعمق فجوة الاختلال الهيكلي في الاقتصاد، ولاسيما أن بند الرواتب والدعم باتت يستهلك نحو 70 في المئة من الإيرادات. 

في المقابل، يبدو أن خيار السير قدماً في الإصلاح الاقتصادي دونه عقبات عدة في ظل التباين بين الحكومة ومجلس الأمة حول سبل العلاج. فقد سبق لمشاريع حكومية عدة أن لاقت معارضة شرسة في أروقة مجلس الأمة، كما هي الحال مع مقترحات خفض الدعم عن الوقود والكهرباء إلى جانب تعطل إقرار سلة ضرائب سواء بموجب الاتفاقات الخليجية المشتركة كضريبة القيمة المضافة أو ضرائب داخلية كضريبة الدخل أو أخرى على أرباح الشركات.

كذلك فإن مشاريع الإصلاح تقترح توسيع دور القطاع الخاص وزيادة الانفاق الحكومي الرأسمالي، وإعادة إحياء مشاريع الخصخصة وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهي الأخرى، تدخل في إطار التباين الواضح. وقد تجلى التباين الحكومي النيابي أخيراً في عدم إقرار مشروع قانون الدين العام، ما حرم الكويت خيار اللجوء للاقتراض من الأسواق الدولية، والاستفادة من التكلفة المنخفضة للتمويل في ظل تراجع معدلات الفائدة العالمية. 

وتطرح الأوساط النيابية المعارضة تقديم خارطة طريق شاملة تبدأ بمكافحة الفساد ومعالجة الهدر ضمن سلة متكاملة والبقاء بعيداً عن الخيارات التي تمس المواطن بصورة مباشرة.  وتقود هذه المعطيات إلى القول أن أي عملية إصلاح مالي واقتصادي دونها ثمن.

تزايد احتمالات إقرار قانون الدين العام بمرسوم ضرورة

ومصدر مطلع لا فائدة منه ما لم يواكبه إصلاح اقتصادي ومالي 


تلويح بالمزيد من الخفض .. واستبعاد 

 

ولوحت موديز بأنها قد تلجأ إلى المزيد من الخفض في التصنيف الائتماني للكويت، ولاسيما إذا ما استمرت القوة المالية للحكومة بالتراجع على المدى المتوسط، وذلك نتيجة الارتفاع الحاد في الديون الحكومية الناتجة عن عدم القدرة على اتخاذ إجراءات إضافية على طريق ضبط أوضاع المالية العامة، وتسجيل المزيد من الانخفاض في أسعار النفط. 

وأضافت إلى ذلك، عوامل أخرى من شأنها أن تشكل عوامل ضغط تدفع باتجاه خفض التصنيف الحالي بأكثر من درجة واحدة تتمثل في زيادة مخاطر السيولة الحكومية، خصوصاً مع اقتراب موعد استحقاق السندات الدولية واقتراب سيولة الصندوق الاحتياطي العام من النفاذ.

وفي هذا السياق، استبعدت مصادر في القطاع الخاص في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والاعمال" حدوث أي خطوة من هذا النوع في المستقبل القريب، في ظل الحديث عن إقرار مشروع قانون الدين العام بمرسوم ضرورة بما يمنح الكويت جرعة مهمة على طريق توفير السيولة. غير أن المصادر نفسها، حذرت من أن توفير القدرة للحكومة على الاقتراض من الأسواق الدولية، دون اتخاذ إجراءات صارمة على طريق الإصلاح، سيعيد الكويت إلى المربع الأول على صعيد المالية العامة لجهة تضخم النفقات وارتفاع العجز، لافتة النظر إلى ضرورة عدم تحول قانون الدين العام في حال إقراره بمرسوم ضرورة إلى "حبة علاج مخدرة ذات طابع آني".     

في المقابل، أوضحت "موديز" أن هناك عوامل عدة قد تدفع باتجاه رفع التصنيف تتمثل في وجود ادلة على التحسن في المتانة المؤسساتية ومعايير الحوكمة، وذلك من خلال الاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة، ما يؤدي إلى تشكيل سياسة أكثر سلاسة ويمكن التنبؤ بها، فضلاً عن تحسن فعالية السياسة المالية من خلال تحسين القدرة على الاستجابة للصدمات، وتنفيذ الإصلاحات المالية التي تقلل بشكلٍ جوهري من متطلبات التمويل للموازنة العامة.

 

خفض التصنيف 

يرفع تكلفة أي اقتراض وينعكس على تصنيف شركات القطاع الخاص



تداعيات خفض التصنيف 

 

من جهة أخرى، فإن خفض التصنيف الائتماني للكويت من قبل وكالة "موديز" من شأنه أن يجر تداعيات تتمثل في رفع تكلفة إصدار أي أدوات مالية جديدة للاقتراض من الأسواق العالمية. وكذلك تكلفة تأمين وعوائد السندات الدولية المصدرة من قبل الكويت في السابق، علماً أنه من المتوقع أن يلي خفض التصنيف الائتماني للدولي خفضاً في تصنيف المصارف وشركات القطاع الخاص، بما يرفع أيضاً التكلفة عليها في حال قررت الاقتراض.