التأمين الصحي بالشرق الأوسط وشمال افريقيا: توقعات بتقلّص السوق

  • 2020-08-10
  • 12:08

التأمين الصحي بالشرق الأوسط وشمال افريقيا: توقعات بتقلّص السوق

  • برت دكاش

يقول الرئيس التنفيذي لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة "إيتنا إنترناشونال" المتخصصة في التأمين الصحي ديفيد هيلي إن "تغييراً في توجهات شراء المؤسسات لمنتجات التأمين الصحي سيحدث، إذ ستبحث الشركات عن وسائل لاحتواء التكاليف، ومنها خفض نفقات التأمين الصحي لموظفيها"، ويضيف: "ستتوجه الشركات أكثر من السابق نحو التركيز على مزايا وفوائد منتجات وخدمات التأمين لدى تجديد العقود، وقد يتجه بعضها نحو تقليل المزايا لخفض تكاليف الأقساط، وبعضها قد يكتفي بالتغطية التأمينية الإقليمية فقط من دون الدولية، بالإضافة إلى توقع المؤسسات بأن توفر شركات التأمين الخطط المرنة التي تتناسب مع احتياجاتها الحالية، كما من المتوقع مطالبة أصحاب الأعمال بمنتجات وخطط تأمين توفر زيادة في المزايا المقدمة للموظفين، إذ أظهرت إجراءات التباعد الاجتماعي المتخذة في ظل أزمة جائحة "كوفيد-19 " أهمية توفير برامج مساعدة في المستقبل، لدعم احتياجاتهم الصحية والنفسية وبخاصة خلال فترة العمل عن بُعد.

 

ما مدى مرونة وجهوزية القطاع؟

 

ويوضح هيلي حول سرعة استعادة قطاع التأمين في المنطقة والعالم عافيته، قائلاً إن "السؤال المطروح من قبل مقدمي خدمات التأمين الصحي، ليس بالدرجة الأولى حول سرعة تعافي القطاع من هذه الأزمة، بقدر ما هو حول مدى مرونة وجهوزية الشركات لتلبية المتطلبات المستجدة للعملاء"، مستبعداً حصول عمليات دمج واستحواذ بين الشركات نتيجة تداعيات "كوفيد-19"، لافتاً النظر إلى أن "الهيئات التنظيمية الإقليمية للقطاع أشارت إلى أنه ليس من المتوقع أن يشهد القطاع عمليات اندماج واستحواذ بين شركات التأمين في دول مجلس التعاون الخليجي، في حين ذكرت بيانات هيئة التأمين في الإمارات أن جميع الجهات المعنية في القطاع من شركات ووسطاء تأمين لديهم مسؤولية مشتركة لناحية القيام بالتغييرات اللازمة التي تدعم احتياجات المؤسسات والعملاء". ويشدّد في هذا الإطار، على "أن ذلك ربما ينطبق بشكل خاص على شركات وساطة التأمين، إذ قد يتغير الدور التقليدي للوسطاء الذين سيتجهون للبحث عن أفضل مزودي خدمات التأمين ممن يقدمون منتجات تتمتع بمزايا تستقطب العملاء، مع ضرورة الحصول على أفضل الأسعار والتي تمثل ركيزة أساسية لاختيار الوسطاء لشركات التأمين، علماً بأن بطء تكيف الوسطاء مع هذه المتطلبات الجديدة قد يكون سبباً لحصول اندماجات واستحواذات في ما بينهم". 

 

الضريبة على القيمة المضافة

ستزيد الكلفة على المؤمنين

 

ماذا عن رفع فرض عدد من دول المنطقة ضرائب إضافية وزيادة الضريبة على القيمة المضافة وتأثير ذلك على صناعة التأمين؟ يلفت هيلي الانتباه إلى أنه "من الواضح أن فرض ضرائب إضافية سيؤدي إلى دخل نهائي أقل للأفراد والمؤسسات. وفي الموازاة، فرض ضريبة على القيمة المضافة على أقساط التأمين سيزيد من تكاليف الأقساط التي يدفعها العميل. لذلك، فإن احتمال تقلّص سوق التأمين من حيث الأقساط احتمال وارد جداً، حتى في البلدان التي تطبق التأمين الصحي الإلزامي لأن المؤسسات والأفراد سيسعون إلى تقليل النفقات، من خلال خفض مستوى التغطية التأمينية"، ويتوقّع هيلي "زيادة كبيرة في البرامج التأمينية ذات الكلفة المتدنية مقابل تراجع في برامج التأمين الشاملة".

 

إقرأ :

قطاع التأمين رهينة كورونا: 203 مليارات دولار الخسائر المتوقّعة

 

دور حيوي للقطاع الصحي

 

ويتابع هيلي مشيراً إلى الدور الحيوي للقطاع الصحي خلال هذه الأزمة غير المسبوقة قائلاً إن "مقدمي خدمات الرعاية الصحية حريصون على توفير خدماتهم لحماية وعلاج ودعم المجتمعات على الرغم من الضغوط التي يواجهونها"، ويلفت إلى أن بمقدور مزودي خدمات التأمين الصحي أيضاً، تقديم الدعم والمساعدة من خلال توفير خطط تلبي احتياجات أصحاب الأعمال والعملاء خلال هذه الأزمة، ودعم الصحة النفسية للمؤمنين، إذ يعاني عدد كبير من الأفراد مشاعر القلق والتوتر، سواء نتيجة التباعد الاجتماعي أو نتيجة تأثير التداعيات الاقتصادية للأزمة عليهم. وقد تؤثر هذه المشاعر بدورها على صحة الفرد العقلية على المدى الطويل. من هنا، يمكن لمقدمي خدمات التأمين الصحي التعاون مع مراكز الرعاية النفسية لتوسيع برامج دعم الصحة النفسية للموظفين، وأيضاً توفير الخطوط المجانية للدعم وتطبيقات المساعدة مثل myStrength وWysa والخدمات الأخرى التي تساهم في دعم الصحة النفسية وتعزيز رفاهية أفراد المجتمع".

ويضيف: "ثانياً، الإدارة الفعالة للأقساط وتسريع سداد المبالغ المالية إذ يمكن لمقدمي خدمات التأمين أيضاً المساعدة بتقديم خصم على أقساط التأمين لهذا العام، أو توفير دورات فوترة مرنة بدلاً من النموذج السنوي المعتاد، كما يجب تقديم حلول دفع متميزة جنياً إلى جنب مع تسريع عملية السداد لدعم التدفقات النقدية المحلية. وثالثاً، تغطية نفقات فحص وعلاج فيروس "كوفيد-19" لعملاء التأمين الصحي، بالإضافة إلى إمكانية تقديم الخصومات، والمساعدة على تغطية نفقات علاج فيروس "كوفيد-19" للعملاء المصابين بالفيروس، وسداد كامل كلفة فحص الفيروس عند إحالة العميل من قبل الأطباء إلى مركز الرعاية الصحية"، أما رابعاً، فيقول هيلي: "مشاركة المعلومات الموثوقة والمستجدات مع العملاء من المصادر المختصة مثل منظمة الصحة العالمية أو مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، لتكون شركات التأمين بمثابة مصدر حيوي للمعلومات والتوجيهات الصحية".

 

الخدمات الصحية عن بعد

 

ويضيف أنه "يمكن توفير الخدمات الصحية عن بُعد، حيث توفر خدمات الرعاية الافتراضية تواصل المرضى مع المتخصصين للحصول على الاستشارات الصحية. فقد مكنت منصات خدمات الرعاية الصحية عن بعد خلال أزمة جائحة "كوفيد-19"، الأطباء من اكتشاف الحالات المصابة مع الالتزام بالإجراءات الوقائية المتبعة، كما ساعدت العملاء الذين لديهم أي أمراض أخرى في الوصول للاستشارات الطبية من دون التعرض للإصابة بفيروس كوفيد-19".

ويؤكد هيلي أن "أزمة الوباء العالمي غيّرت وسائل تقديم الرعاية الصحية بشكل كبير في مختلف أنحاء العالم، وهناك توجه متزايد نحو استخدام التقنيات الرقمية في هذا المجال، إذ أدت إجراءات التباعد الاجتماعي والإغلاق إلى دفع مقدمي الرعاية الصحية إلى إعادة النظر في وسائل توفير الخدمات الصحية، وشملت الخدمات الرقمية المقدمة من الجهات الصحية الاستشارات عبر مكالمات الفيديو مع المرضى مع الحفاظ على سرية وخصوصية المعلومات، وتقديم المعلومات وآخر المستجدات عبر البريد الإلكتروني، وتوفير ندوات عبر الإنترنت تشمل جلسات أسئلة وأجوبة مع العملاء، مع العمل على تطوير حلول رقمية جديدة لخدمة العملاء مثل تطبيقات الرعاية الصحية الذاتية للصحة الجسدية والنفسية والرفاهية ووسائل الدعم السريعة للعملاء، وذلك بواسطة قنوات رقمية مختلفة بما في ذلك مراكز الاتصال أو البريد الإلكتروني أو برامج الدردشة "شات بوت".

ويضيف: "اعتقد أن الجهات المعنية في قطاع التأمين الصحي ستكون بحاجة إلى تسريع خطط اعتماد التقنيات الرقمية للاستعداد لمستقبل ما بعد أزمة "كوفيد-19"، وحتى بعد رفع الإجراءات الاحترازية المتخذة، من المتوقع أن يظل عدد كبير من الأشخاص يخشى المقابلات الشخصية". 

 

سوق تنافسية جداً

 

بعيداً عن تداعيات أزمة "كوفيد-19" على قطاع التأمين، ما هي التحديات التي تواجه هذا القطاع في الشرق الأوسط؟ يجيب هيلي قائلاً: "يعتبر قطاع التأمين الصحي في منطقة الشرق الأوسط سوقاً تنافسية، لذا، فإن استقطاب العملاء والاحتفاظ بهم سيشَكلان دائماً تحدياً للشركات"، موضحاً أنه "على الشركات تصميم منتجات متنوعة تناسب مختلف الاحتياجات لضمان استمراريتها، ولاسيما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل جزءاً كبيراً من الاقتصاد الوطني، فعلى سبيل المثال 94 في المئة من شركات التأمين في الإمارات هي صغيرة ومتوسطة الحجم، ووفقاً لتقرير وزارة الاقتصاد الإماراتية، فإن هذه الشركات لديها 86 في المئة من القوى العاملة في القطاع الخاص".

ويختم مشدّداً على أن "توفير الخطط المرنة وخفض التكاليف هي توجهات ومتطلبات العملاء والتي جمعناها خلال حوارنا معهم حول احتياجاتهم المستقبلية. لذلك، من المهم جداً تصميم منتجات وحلول تأمين مرنة وذات مزايا عالية تساعد عملاءنا من المؤسسات على استقطاب المواهب والكفاءات والاحتفاظ بها".