برنامج دولي لإغاثة مئات الألوف من اللبنانيين أسوة باللاجئين السوريين

  • 2020-07-28
  • 15:08

برنامج دولي لإغاثة مئات الألوف من اللبنانيين أسوة باللاجئين السوريين

  • أحمد عياش

يتحدث مسؤول بارز في إحدى المنظمات الدولية أن عدد اللبنانيين الذين يتهددهم الجوع هذه السنة يكاد يساوي عدد اللاجئين السوريين الذين يشملهم برنامج هذه المنظمة منذ أن بدأت محنة لجوئهم بدءاً من العام 2012. واللبنانيون الذين انحدروا إلى هاوية الجوع يقدّرعددهم بنحو 750 الف مواطن. وها هي القصة بكاملها تقريباً:

وفق معلومات لموقع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" فإنّ مشاورات بدأت بعيدة عن الأنظار في الآونة الأخيرة بين منظمات المجتمع المدني على المستوى الدولي "INGO" بغية الوصول إلى أفضل السبل كي يجري توجيه المساعدات إلى لبنان بعيداً عن الاطر الرسمية، والسبب وراء الابتعاد عن هذه الأطر يعود إلى الشكوك في كفاءة القطاع العام في لبنان بتلقي المساعدات الخارجية نتيجة غياب الاصلاحات المطلوبة دولياً في هذا القطاع، والعبارة التي يجري استخدامها في هذه المشاورات هي How To Channel، أي كيف يمكن إيصال هذه المساعدات الى مستحقيها ضمن مخطط قد يستمر ما بين 4 الى 5 سنوات وفق هذه المعلومات، ما يعني أن التقديرات الخارجية لأزمات لبنان مرشحة للاستمرار أعواماً.

في موازاة ذلك، أفادت صحيفة واشنطن بوست نقلاً عن نائب المدير الاقليمي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة "WFP" نيكولاس أوبرلين أن مئات الألوف من اللبنانيين من المتوقع الآن أن يصبحوا فقراء كاللاجئين السوريين، وهذا البرنامج الذي يدعم 750 الف لاجئ سوري في لبنان، هو الآن، وللمرة الأولى منذ حرب تموز/يوليو 2006، يخطط لتوزيع الغذاء على المحتاجين اللبنانيين الذين من المتوقع أن يبلغ عددهم حتى نهاية السنة عدد اللاجئين السوريين (الذين يشملهم البرنامج).

ويجري التعريف رسمياً ببرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة بأنه "أكبر منظمة إنسانية في العالم معنية بإنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ وبناء الرخاء ودعم مستقبل مستدام للمجتمعات التي تتعافى من النزاعات والكوارث وتأثير التغير المناخي".

وسأل موقع "أولاً-الاقتصاد والاعمال" المديرة العامة السابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية نعمت كنعان عن تقديرها لهذه الخطوة التي سيقدم عليها برنامج الأغذية العالمي في لبنان فقالت إنها ليست المرة الأولى التي يقوم بها البرنامج بخطوة كهذه، فهو قام وعلى امتداد 20 عاماً، بين عقديّ السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، بتقديم مساعدات واسعة للبنان لمواجهة نتائج الحرب التي اندلعت العام 1975، وجاءت تلك المساعدات، بمبادرة من إدوار صوما عندما كان يترأس منظمة الأغذية والزراعة "FAO" وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تقود الجهود الدولية للقضاء على الجوع.

 

مسح دولي مشترك للحصول على معلومات

عن الوضع الاقتصادي والأمن الغذائي

 

 منذ 14 تموز/يوليو الحالي، يجري برنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي مسحاً مشتركاً عبر المكالمات الهاتفية بهدف الحصول على معلومات عن الوضع الاقتصادي والأمن الغذائي بالإضافة إلى فهم تأثير تدابير الإغلاق الناتجة عن فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية على الأسر في لبنان، وسيتم الإتصال بالأسر من خلال مركز برنامج الأغذية والبنك الدولي من خارج لبنان.

في المعطيات الحالية، فإنّ هناك من بين 6 ملايين و800 الف شخص يعيشون في لبنان، واحد من بين 5 أشخاص هو في حالة لجوء، ومعظمهم من اللاجئين السوريين، ما يجعل لبنان الأعلى عالمياً في نسبة عدد اللاجئين الى عدد السكان، وفق احصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي. إنّ الدولة اللبنانية لا تعترف بأن السوريين الذين فروا من بلادهم بسبب الحرب التي نشبت هناك، بأنهم لاجئون بل تعتبرهم نازحين، لأن اللجوء يرتب إلتزامات بموجب القوانين الدولية، وهو ما لا تريد الدولة تقييد نفسها بهذه الالتزامات.

من ناحيتها، تقول الناطقة الرسمية باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليزا أبو خالد، إن هناك نحو 892 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى المفوضية، كما تشير تقديرات الحكومة اللبنانية إلى وجود ما يصل إلى مليون ونصف مليون نازح  سوري في البلاد، بما في ذلك أولئك غير المسجلين لدى المفوضية، وتشير أبو خالد إلى ان هناك 57,730 أسرة سورية تستفيد من بطاقات الطعام من برنامج الأغذية العالمي "WFP" التي يتم استبدالها في المتاجر.

 

ما هي الصورة العامة التي يرسمها برنامج الأغذية العالمي للبنان؟

 

يورد البرنامج على موقعه الالكتروني: يتسم لبنان بمساحته الصغيرة واكتظاظه بالسكان وهو يقع في قلب منطقة تعاني من الصراعات وغياب الاستقرار السياسي، وقد أظهر لبنان تضامناً استثنائياً مع الفارين من الحرب وانعدام الأمن في البلدان المجاورة وأضحى لديه أعلى نسبة لاجئين في العالم بالمقارنة بعدد سكانه، حيث تقدر بربع مجموع سكانه، وقد أدى اتساع دائرة الحرب القائمة في سورية إلى تفاقم التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ما فرض ضغطاً على الموارد الحالية واستنزف الخدمات العامة والبنية التحتية  في المجتمعات المضيفة. وبسسب ضعف القطاع الزراعي، تغطي الواردات ما يصل إلى 80 في المئة من الاحتياجات الغذائية للبلد.

وبسبب تأثره البالغ بالأزمة السورية، تحوّل الوضع الاقتصادي المتردي إلى أزمة عميقة وأدى إلى احتجاجات واسعة في جميع أنحاء البلاد في تشرين الأول/أكتوبر 2019 .

ومع الوضع الاقتصادي غير المستقر، وإجراءات الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا، وعدم الاستقرار السياسي الذي تسبب في خسائر فادحة للأسر المحتاجة، دفعت هذه العوامل باللبنانيين وأسر اللاجئين إلى المزيد من الفقر، ما جعل الآلاف من اللبنانيين يعيشون من دون دخل ثابت. ففي خلال الفترة ما بين تشرين الأول/أكتوبر 2019 ونيسان/أبريل 2020، سجل برنامج الأغذية العالمي في لبنان زيادة بنسبة 56 في المئة في أسعار المواد الغذائية.

ووفقاً لتقييم هشاشة أوضاع اللاجئين السوريين الذي أجري في العام 2019، فإن 63 في المئة من اللاجئين السوريين يعانون بشدة أو بدرجة متوسطة من انعدام الأمن الغذائي بزيادة تبلغ 57 في المئة عن العام 2018.

في المقابل، يكشف البرنامج عن أن 49 في المئة من اللبنانيين يشعرون بالقلق بشأن الحصول على الغذاء.

المثل القائل: "أن تضيء شمعة أفضل من أن تلعن الظلام"، يبدو صالحاً لمواجهة التحديات التي يواجهها لبنان الغارق في بحر من الأزمات من بينها الأزمة المعيشية الخانقة. لكن ذلك، وبحسب نعمت كنعان، يجب ألا يعني "أن اللبنانيين شحاذون" على حد تعبيرها، وهي تفضل التركيز على "مفهوم المساعدات" الذي يتطلب إدارة كفوءة في تلقيها وتوزيعها بالطرق المناسبة.

هناك مثل آخر هو من الاهمية بمكان في الاوضاع الحالية التي يمرّ بها لبنان هو:"أفضل من تعطيه سمكة، علّمه كيف يصطادها"، أي المطلوب منح لبنان فرص النهوض وهو كفيل بما لديه من حيوية مواطنيه ان يخرج مما هو فيه.