قطاع التعدين السعودي: نحو فورة استثمارات من القطاع الخاص

  • 2020-06-14
  • 10:30

قطاع التعدين السعودي: نحو فورة استثمارات من القطاع الخاص

مبادرات شاملة لدعم القطاع ضمن رؤية 2030

  • كريستي قهوجي

يدخل قطاع التعدين في السعودية مرحلة جديدة، في ضوء سلسلة قرارات ومبادرات متكاملة تُوّجت بإقرار مجلس الوزراء السعودي أخيراً نظام الاستثمار التعديني الجديد، ما يؤهل المملكة لاكتشاف ثروتها المعدنية والاستفادة منها في مجال تحقيق إيرادات إضافية من بيع المواد المعدنية الخام.

 

المملكة تسير ببرنامج التخصيص رغم تداعيات فيروس كورونا

 

ويأتي هذا التطور، ليعيد التأكيد على أن خطط تطوير القطاع وتأهليه لجذب استثمارات جديدة لم يتأثر بتداعيات فيروس كورونا، كما يعيد التأكيد، على أن المملكة تعوّل على هذا القطاع في كونه يشكل رافعة أساسية ضمن رؤية المملكة 2030، والمساهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي.

 

الوزير الخريف: 5 تريليونات ريال قيمة مواقع التعدين

 

تحول استراتيجي

يعدّ تطوير نظام الاستثمار التعديني الجديد أحد أبرز ركائز برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية، كما يعدّ من أبرز مبادرات الاستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية. وفي هذا السياق، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف أن نظام الاستثمار التعديني الجديد يشمل 63 مادة، وهو يمثل نقلة نوعية لقطاع التعدين والصناعة المعدنية، مشيراً إلى أن إقرار النظام يمكّن المملكة من الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية، ولفت النظر إلى قيمة مواقع التعدين في السعودية، تقدر بنحو 5 تريليونات ريال (133.3 مليار دولار).  

وتوقع الخريف أن ترتفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 240 مليار ريال (64 مليار دولار)، وخلق أكثر من 200 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة في حلول العام 2030، موضحاً أن من بين مرتكزات استراتيجية التعدين والصناعة المعدنية حوكمة القطاع وتعزيز الشفافية وزيادة ثقة المستثمرين بالقطاع، وهي أمور كفلها نظام الاستثمار التعديني الجديد.

وكان الخريف قد أصدر 7 قرارات متعلقة بأكبر عملية تخصيص لموقع الاحتياط التعديني شملت 54 موقعاً بمساحة نحو 4 آلاف كيلو متر مربع، حيث جرى تخصيص 12 موقعاً لخام الذهب، و 12 موقعاً لخام النحاس، و 9 مواقع للعناصر الأرضية النادرة و 5 مواقع لخام الزنك، وموقعين لخام الحديد وموقع لكل من خام القصدير وخام الموليبيدنيوم.  

 

دعم ملكي بنحو 200 مليار ريال

 

دعم وفير

وتزامنت هذه التطورات، مع إصدار الملك سلمان بن عبد العزيز سلسلة قرارات سبقت الموافقة على نظام الاستثمار التعديني الجديد، تضمنت دعماً بقيمة 200 مليار ريال لقطاع الصناعات التحويلية والخدمات اللوجيستية، في خطوات مكملة وحيوية من شأنها أن تضع القطاع على السكة الصحيحة وتمهد لانطلاقة جديدة خصوصاً وأن المملكة تمتلك مخزوناً كبيراً من المواد النادرة.

وتستند هذه التوجهات إلى تعزيز دور القطاع، الذي لعب على مدى العقود الماضية دوراً حيوياً في البيئة الاقتصادية للسعودية، إذ شكلت الشركة السعودية للتعدين "معادن" والمملوكة بنسبة 65 في المئة من صندوق الاستثمارات العامة، نواة هذه الحركة مع انتاجها للذهب والنحاس، قبل أن يتوسع نشاطها خلال السنوات الماضية ليشمل إنتاج الألمنيوم والفوسفات.

 

المزروع: خطوات تدعم تمكين القطاع وتحقق التكامل مع اللوجيستي

 

شركة جديدة إلى جانب معادن

وتتضمن الرؤية السعودية لتطوير قطاع التعدين جذب استثمارات جديدة تقود إلى رفع مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي، وهو ما تُرجم قبل أشهر قليلة بالتمهيد لهذه الخطوة، عبر موافقة مجلس الوزراء على إنشاء شركة مساهمة تمتلكها الدولة لخدمات التعدين من دون الإشارة إلى تفاصيل عن الحجم أو رأس المال أو الإطار الزمني لتأسيس الشركة. وفي هذا السياق، قال رئيس برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية سليمان المزروع إن هذا القرار يساهم في تطوير قطاع التعدين، إلى جانب الإيجابيات التي يتركها على القطاع الصناعي بدعم وتمكين من القطاع اللوجيستي، مشيراً إلى أن ذلك يحقق أهداف البرنامج الهادفة إلى خلق التكامل بين القطاعات.

وأضاف أن تأسيس الشركة الجديدة من شأنه أن يوفر خدمات وحلولاً جديدة عدة، بحيث يعول عليها في استقطاب استثمارات جديدة إلى قطاع التعدين.

 

   استثمارات جديدة بنحو 30 مليار ريال

 

مشاريع حيوية واستثمارات جديدة

من جهة أخرى، من المتوقع أن يؤسس نظام الاستثمار التعديني الجديد لتعميق التعاون مع شركات القطاع وجذب استثمارات جديدة فرص عمل حيوية، وسبق لوزارة الصناعة أن توقعت أن يضخ القطاع الخاص استثمارات بقيمة 28 مليار ريال في مجال التعدين، أبرزها عبر منجمي الذهب "منصورة" ومنسرة" حيث سيتم إنشاء مصنع لإنتاج الذهب معتمداً على الطاقة الشمسية باستثمارات تبلغ نحو 3 مليارات ريال، كما إن هناك مشروع "معادن فوسفات 3" بإجمالي استثمارات تقدر بنحو 24 مليار ريال حتى العام 2025، ومن شأن الاستثمارات الجديدة المستقطبة، أن تمهد لتجهيز البنية التنظيمية والبيانات الجيولوجية اللازمة لإطلاق مسيرة الاستثمار في القطاع، ومن ضمنها البرنامج العام للمسح الجيولوجي الذي يعدّ أكبر برنامج مسح من نوعه عالمياً.

 

صندوق للتعدين لتمويل ودعم استمرارية القطاع

 

صندوق للتعدين

واستكملت المملكة مبادرتها الحيوية لدعم القطاع، من خلال ما تضمنه نظام الاستثمار التعديني الجديد بتأسيس صندوق التعدين لضمان التمويل المستمر ودعم نشاطات برامج المسح الجيولوجي والاستكشاف، بما يعزّز جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، كما يعدّ وجود معادن بكميات تجارية قابلة للإستخراج بتكلفة منخفضة محرّكاَ أساسياً لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، إذ إن النظام الجديد يتيح صلاحية منح الرخص على أراضي الدولة، ويسمح بإصدار رخص المناجم الصغيرة لبعض المعادن لفئة "أ" كالذهب والأحجار الكريمة، ومنح المستثمر حق رهن الرخص والتغيير في إدارة الشركة بعد استكمال حزمة من الإجراءات والشروط.

 

التخصيص إلى الواجهة

في المحصلة، فإن الخطوات التحفيزية الموجهة لقطاع التعدين، تعيد ملف التخصيص إلى الواجهة، في تأكيد على أن المملكة مستمرة في نهج الانفتاح الاقتصادي رغم ما تركته تداعيات فيروس كورونا، بما يسرّع وضع الخطط تحت مظلة رؤية السعودية 2030 موضع التنفيذ، لجهة تحقيق التنويع الاقتصادي والتعويل على دور القطاع الخاص في قيادة المرحلة المقبلة، إذ تسير خطط التخصيص على المسار الصحيح، مع استعداد المملكة لتخصيص قطاع المطاحن، تحت مظلة المركز الوطني للتخصيص.