شركات التقنيات المالية قد تسهم في التغلب على أزمة السيولة

  • 2020-05-29
  • 14:07

شركات التقنيات المالية قد تسهم في التغلب على أزمة السيولة

حديث خاص مع المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي في شركة بايماتريكس للتقنيات المالية موكيش شاندرا

  • رانيا غانم

استطاعت شركات التقنيات المالية أن تأخذ موقعاً لها في السنوات الأخيرة وتحقق نمواً ملحوظاً في عدد المستخدمين والعملاء، وترسخت مكانتها أكثر مع انتشار جائحة كورونا إذ شهدت تدفقاً كبيراً من قبل المستخدمين للحصول على الخدمات المالية الرقمية، ومن المرجح أن تلعب تلك الشركات دوراً حيوياً ما بعد كورونا في مساعدة العملاء في التغلب على أزمة السيولة.

ويؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة بايماتريكس موكيش شاندرا في حديث خاص إلى موقع "أولاً-الاقتصاد والأعمال" الدور الكبير الذي يمكن تلعبه شركات التقنيات المالية ما بعد كورونا لمساعدة الناس في التغلب على أزمة السيولة.

 

ما هي أبرز الخدمات التي تقدمها "بايماتريكس" وكيف تقيم أداء الشركة منذ تأسيسها؟

 

تتيح خدمة "بايماتريكس" للأفراد إمكانية الاقتراض من بطاقات الائتمان الخاصة بهم (أو سحب سُلفة رقمية) لتغطية النفقات الطارئة، أو عند حاجتهم إلى المال، والتسديد لأطراف خارجية حتى عند عدم توفر نقاط البيع. تأسست الشركة في الهند خلال العام 2016، وتوسعت بعدها لتتخذ من الإمارات مقراً لها، وتمكنت من إتمام عمليات تسليف (سحب على المكشوف) زادت قيمتها على 13 مليون دولار على بطاقات الائتمان عبر المنصة، واستطاعت خلال شهر نيسان/أبريل من العام 2020 إتمام عمليات تسليف بلغت قيمتها نحو 13 مليون دولار، وبلغت عوائد الشركة الشهرية 30 ألف دولار. يبلغ تعداد قاعدة المستخدمين للمنصة 60 ألفاً وتحقق معدل نمو شهرياً نسبته 15 في المئة. نحن مدعومون بمسرع "باي بال" في الهند Paypal India، ونعتمد على تمويل شبكة من المستثمرين تتضمن صندوق التمويل IIIT-H، ومؤسسة IIIT-H، ومجموعة شركاء Xseed Venture، وشبكة Succeed Angel.  

 

كيف انعكست تداعيات جائحة كورونا على أداء الشركة، وإلى أي مدى ارتفع الطلب على خدماتها؟

 

كان لانتشار فيروس "كوفيد-19" تأثير إيجابي وسلبي في الوقت ذاته على أعمالنا، فالقطاع الأكبر والرئيسي من قاعدة المستخدمين لدينا هم من الموظفين ورواد الأعمال الصاعدين. وبسبب هذه الأزمة العالمية، والقلق المتنامي إزاء تراجع معدل نمو بيئة الأعمال والتوظيف، لجأت هذه الشريحة من المستخدمين إلى الحفاظ على السيولة النقدية، ودفع جميع نفقاتهم عبر بطاقة الائتمان. ولذلك، شهدنا تدفق أعداد كبيرة من المستخدمين الراغبين بالتسجيل في خدماتنا، والحصول على رصيد سريع لتغطية نفقاتهم المعيشية الكبيرة، مثل تسديد رسوم الإيجار، والصيانة، والمدارس، والمشتريات مستخدمين بطاقات الائتمان.

أما الأثر السلبي فإنه يرتبط بالمستخدمين الذين يحاولون تأجيل أو الحدّ من النفقات الرئيسية، وشهدنا توجه الشركات الصغيرة إلى الحد من قيمة المدفوعات المخصصة لشركات التوريد ولمشترياتهم من المواد الخام، الأمر الذي قلص من عدد المستخدمين للمنصة ليشمل عدداً قليلاً من حالات الاستخدام خلال هذه الأزمة.

 

ما هي المزايا التنافسية التي تتمتع بها شركتكم؟

 

تعالج شركة "بايماتريكس" آلاف المعاملات ونقاط بيانات المستخدم من أجل تخصيص المنتجات المالية المتاحة حالياً في الأسواق، مثل القروض الشخصية وبطاقات الائتمان. وتساعدنا المنهجية المطبقة من قبلنا (الموجهة بالبيانات) على إنشاء منتجات قادرة على استيعاب واستثمار المنتجات الائتمانية الحالية باستمرار، وطرح منتجات جديدة موجهة بحالات الاستخدام. فـ "بايماتريكس" ليست مجرد مؤسسة مالية تؤمن القروض أو السلف الائتمانية فحسب، بل تعمل على إنشاء وتصميم منتجات ائتمانية موجهة بحالات الاستخدام لصالح شبكة شركائنا من المصارف، ومُصدري بطاقات الائتمان، والجهات الممولة غير المصرفية، وذلك لمساعدتهم على تحسين معدل العوائد على استثماراتهم، وفي الوقت ذاته الحفاظ على معدل منخفض جداً من التخلف عن السداد. من ناحية أخرى، ينظر المستخدم إلى "بايماتريكس" على أنها الوسيلة الأسرع المتاحة في الأسواق لتأمين السيولة النقدية والحصول على السلف.

 

كيف يمكن لشركات التقنيات المالية المساعدة في التغلب على أزمة السيولة؟

 

تلعب شركات التقنيات المالية دوراً مهماً في تخطي هذه الأوقات العصيبة، فهي تعمل على تسهيل سير أعمال الجهات المُقرضة والجهات المقترضة، حيث بإمكانها اختصار زمن الوصول إلى المنتجات المالية مثل القروض، والحسابات المصرفية، وبرامج الادخار، والتأمين وما إلى ذلك، كما تتفوق هذه المنصات على الأنظمة التقليدية من حيث بيع المنتجات المالية، وتوسيع نطاق الوصول والشفافية بكل سهولة أمام المشترين، وفي الوقت ذاته فإنها تعزز من معدل الادخار، وتُنمّي أعمال الشركات والمؤسسات المالية كالمصارف وشركات التأمين.

فعلى سبيل المثال، أضحت عملية طلب الحصول على قرض شخصي بسيطة جداً مقارنة بالتعامل مع أحد المصارف، حيث يتوجب على مقدم الطلب تعبئة استمارة الطلب بشكل يدوي، وتقديم حزمة من الوثائق والمستندات المطلوبة والمعتمدة، وعليه الانتظار لحين صدور قرار الموافقة على القرض. في المقابل، تمكنت شركات التقنيات المالية من اختصار زمن هذه المعاملة إلى زمن الصرف المتمثل ببضعة دقائق فقط، وذلك باستخدام أدوات التحقق والمصادقة للتعرف على العملاء ضمن الزمن الحقيقي، ونمذجة المخاطر بشكل فوري، والتحقق من الجهات المصدّرة لبطاقات الائتمان عبر واجهات برمجة التطبيقات، وهو ما يؤهل شركات التقنيات المالية الصاعدة من تقديم خدمات أفضل وأسرع لمقدم طلب القرض (الذي يسعى للحصول على السيولة الفورية) مقارنةً بالجهات المقرضة التقليدية كالمصارف.

 

ما هي أهمية التسهيلات الائتمانية القصيرة الأجل للشركات والأفراد؟

 

عرّضت أزمة "كوفيد-19" الأفراد والشركات الصغيرة لصعوبات مالية عدة، إذ ينظر الأفراد الذين يتقاضون الرواتب بقلق كبير إلى إجراءات خفض الأجور، أو إلى المستقبل المالي المتذبذب، ويجدون صعوبة متزايدة في إدارة نفقات أسرهم والالتزامات المترتبة عليهم مثل دفع رسوم الإيجار، ودفعات الرهن العقاري، والرسوم الدراسية للأطفال ومحلات البقالة. لذا، يبحث الأفراد عن خيارات اقتراض قصيرة الأجل، تتيح لهم الراحة في تأمين السيولة النقدية لحين سداد هذه النفقات في موعدها المحدد.

من جهةٍ أخرى، تواجه الشركات أوقاتاً عصيبة نظراً الى تراجع معدل دخلها إلى الصفر تقريباً، وفي الوقت ذاته اضطراها إلى خفض طاقتها الإنتاجية، كما إنها لاتزال ترزح تحت وطأة التكاليف المستمرة التي تتضمن الرواتب، والإيجارات، والتأمين، وعمليات الصيانة، ورسوم الرهن العقاري. لذا، من شأن تسهيلات القروض القصيرة المدى مساعدتهم على تجاوز هذه الأزمة، وذلك عبر ضمان استمرارية الأعمال، والاحتفاظ بالمواهب (الموظفون).

 

إلى أي مدى تعتبر عمليات الدفع الرقمية آمنة؟

 

حملت عمليات التحول الرقمي في جعبتها مصادر الراحة والقلق في آن واحد، فعلى الرغم من أن تطبيقات الدفع الأسرع والأذكى أتاحت فرصة تحويل الأموال بسهولة بالغة عبر المصارف وقنوات الدفع (حتى خارج الحدود الجغرافية)، إلا أنها أظهرت العديد من المخاوف المتعلقة بالشفافية، وأمن البيانات، وخصوصية المستخدمين، وأعتقد بأن المرحلة المقبلة من تطور ونمو شركات التقنيات المالية ستتلخص في العمل على سدّ هذه الهوة، وذلك بهدف معالجة مصادر القلق ونقاط الضعف المتعلقة بخصوصية المستخدم، وأمن البيانات، ومكافحة غسل الأموال، ومنع عمليات الاحتيال.

 

ما أهمية وجود شركات التقنيات المالية في المدن الذكية؟

 

يجب أن تشكل شبكة المعاملات المالية جزءاً حيوياً من بنية أية مدينة ذكية، وذلك من أجل المساهمة في إصدار الفواتير بانسيابية تامة، وإتمام الدفعات وعمليات التسديد والمصالحات بأعلى درجات الأمان، كما ينبغي على شركات التقنيات المالية، التي تمكنت بالفعل من تمكين هذا الأمر على مستوى حالات الاستخدام الصغيرة والمحدودة، العمل حالياً على تمكينه على مستوى بيئات البيانات المفتوحة، التي تقوم بمعالجة وتحليل الملايين من نقاط البيانات كل دقيقة، وذلك من أجل توسيع دائرة التجربة الآمنة والمحمية، وبالتالي، سيتحتم على قطاع المؤسسات المالية التخلي عن الأنظمة القديمة وتبني المنهجيات الذكية والموجهة بالبيانات، سعياً منها لدعم الابتكارات التقنية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من المدن الذكية.

 

ما هي التحديات التي تواجهها شركات التقنيات المالية في المنطقة؟

 

يعتبر تراجع ونقص المخصصات المالية التحدي الرئيسي الذي تواجه شركات التقنيات المالية الصاعدة، وبحكم العادة تخضع قنوات التمويل للإجراءات التنظيمية الصارمة، فالعديد من القطاعات الرئيسية، بما فيها المصرفية والتأمين والمدفوعات والإقراض لا تزال محكومةً بالإجراءات التنظيمية، ما يُقيد حركة الممولين الجدد، ويحد من مسيرة الابتكار، علاوةً على ذلك، فإن الافتقار للوضوح التنظيمي، والاستجابة المتأخرة في اعتماد وصياغة إجراءات الحوكمة الخاصة بشركات التقنيات المالية الصاعدة، تشكل عائقاً أمام نمو الصناعة.

ونظراً الى حاجة شركات التقنيات المالية للتنقل ما بين الإطار التنظيمي المتعلق برأس المال، وأمن البيانات، وخصوصية المستخدم، والحوكمة، فإن الأمر يتطلب منهم وقتاً وجهداً كبيرين لتحقيق الخدمات المطلوبة، ومواكبة متطلبات الأسواق، وبالتالي، يتحتم على شركات التقنيات المالية التمتع بالحرية والمخصصات الكافية من رأس المال، كي تتمكن من الحفاظ والامتثال وتحقيق المعايير المطلوبة.

 

ما هي توقعاتكم لقطاع التقنيات المالية في المرحلة المقبلة؟

 

إن آثار أزمة كورونا يمكن أن تتفاقم محدثةً أثراً طويل الأمد على الحياة الاقتصادية والمعيشية بشكل عام. لذا، يتعين على الهيئات الحكومية والمنظمات والشركات استغلال هذه الفرصة لاتخاذ وتطبيق التدابير والإجراءات القادرة على تسليحنا بالقدرة على مواجهة مثل هذه الأزمات بشكل أفضل في المستقبل. ومن التوجهات التي فرضت نفسها والتي أصبحت خياراً لا مفرّ منه بعد الخروج من هذه الأزمة: ممارسات العمل من المنزل، ومفهوم الحلول الرقمية أولاً، والقوى العاملة عن بعد، وتطوير آليات ممكننة لعمليات التصنيع، ونمذجة المخاطر المالية بدرجة أكثر ذكاءً، وإنشاء قدرات مرنة تؤهلنا التعامل بشكل أفضل مع أي أزمة من هذا القبيل في المستقبل.