قطاع التأمين رهينة كورونا: 203 مليارات دولار الخسائر المتوقعة

  • 2020-05-18
  • 21:55

قطاع التأمين رهينة كورونا: 203 مليارات دولار الخسائر المتوقعة

  • برت دكاش

مع بدء ظهور نتائج مجموعات التأمين وإعادة التأمين العالمية في الربع الأول من العام الحالي، تتكشّف تدريجياً تداعيات فيروس كوفيد-19 على إيراداتها وأرباحها الفصلية، وترسم توقّعات الرؤساء التنفيذيين لغالبية هذه المجموعات ملامح مصير القطاع في الربع الثاني وربما العام بكامله، طالما لم يسيطر على الوباء، واستمرار الإغلاق وتعطّل الأعمال لوقت أطول، وذلك على مستوى العالم ككل، وليس ضمن منطقة جغرافية محدّدة.

خسائر مفتوحة على المجهول

وفق تقرير شركة لويدز للتأمين وإعادة التأمين الفصلي، دفعت الشركة لزبائن عالميين تعويضات ناجمة عن كوفيد-19، تتراوح قيمتها ما بين 3 و4.3 مليارات دولار، وتوقعت الشركة أن تصل خسائر عمليات الاكتتاب بسبب كوفيد-19 هذا العام إلى نحو 7 مليارات دولار، وأن تهبط محافظ استثمار شركات التأمين بنحو 96 ملياراً، جاعلة الخسائر المتوقعة في صناعة التأمين تلامس الـ 203 مليارات دولار.

وفي الموازاة، تتوقع مجموعة زوريخ ري أن تصل قيمة مطالبات تأمينات الأفراد والممتلكات لديها خلال العام الحالي إلى نحو 750 مليون دولار، منها 280 مليوناً في الربع الأول من العام، وأوضحت أن استمرار الوباء يعني استمرار حالة عدم الاستقرار في العالم، مع ما يعني ذلك من تأثير سلبي على أداء الأسواق المالية والنشاط الإقتصادي العام وانعكاسه على إيرادات المجموعة وأرباحها خلال ما تبقى من السنة الحالية.

وسجلت مجموعة سويس ري بدورها صافي خسائر بلغت 225 مليون دولار في الربع الأول من العام الحالي والتي تعكس تأثير أزمة كوفيد-19 على عملية الاكتتاب وإيرادات استثمارات المجموعة، ويتوقع الرئيس التنفيذي لأكبر مجموعة إعادة تأمين في العالم من حيث رأس المال كريستيان مومينهالر أن "التخلّص من وباء كوفيد-19 لا يزال بعيداً وتداعيات الفيروس الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة ستتضح بعد القضاء عليه".

أما مجموعة متلايف لتأمينات الحياة، فسجلت استثماراتها خسائر بنحو 228 مليون دولار في الربع الأول، وعلى الرغم من تحقيقها زيادة في نشاط الأفراد والممتلكات بنسبة 12 في المئة، إلا أن هذه الزيادة متأتية بشكل رئيسي من زيادة في الأسعار في معظم الأسواق.

وفي هذا السياق، يشير تقرير مؤشر سوق التأمين العالمية الصادر عن شركة الوساطة والاستشارات التأمينية مارش Marsh إلى زيادة في أسعار التأمين التجاري العالمي بنسبة 14 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، وذلك للربع العاشر على التوالي، وعلى الرغم من تأثير وباء كوفيد-19 العالمي المحدود على التسعير في الربع الأول، إلا أن الزيادة المحققة في الربع الأول من العام الحالي هو الأعلى ضمن مؤشر مارش لسوق التأمين العالمية منذ إطلاقه العام 2012.

وفي العودة إلى متلايف، توقعت المجموعة عائدات سلبية من استثماراتها في الأسهم هذا العام، مشيرة إلى أن أحد أبرز التحديات الذي يواجهه العام 2020 نتيجة كوفيد-19 هو البيع المباشر والذي يعدّ جزءاً أساسياً من سياسة بيع المجموعة حول العالم.

وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة أكسا توماس بوربيل إن وباء كوفيد-19 أنتج أزمة صحية غير مسبوقة وتحديات اقتصادية ومالية جمة، ويتوقّع تأثيراً مهماً على أرباح المجموعة العام 2020، على الرغم من أن المطالبات المرتبطة بكوفيد-19 كانت محدودة في آذار/ مارس وتداعيات الأزمة الفعلية لا تزال غير واضحة المعالم بعد.

الشرق الأوسط: في انتظار صدور النتائج

يصعب تكهّن حجم الخسائر المتوقعة في سوق التأمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، طالما أن شركات التأمين بغالبيتها العظمى لم تنشر نتائجها الفصلية بعد، وتأخر إصدارها بياناتها المالية جاء مترافقاً، في بلدان الخليج تحدياً، مع فترة سماح منحتها الهيئات الناظمة والسلطات الراعية للقطاع للشركات إلى الربع الثاني من العام الحالي لنشرها، إلا أن ذلك لا يلغي تداعيات كوفيد-19 السلبية على القطاع حيث يشير تقرير أعدّته شركة "مارش" حول سبل تجاوز وإدارة التداعيات المرتبطة بقطاع التأمين وإدارة المخاطر خلال هذه الأزمة طالت تأثيراتها الممتلكات والمرافق، وشملت إلغاء الفعاليات والمسؤولية الإدارية والمخاطر السيبرانية والائتمانية.

وفي حديث إلى "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال" يقول الرئيس التنفيذي لشركة مارش الشرق الأوسط وأفريقيا كريستوس أدامانتياديس رداً على سؤال عن مدى تأثيرات كوفيد-19 على شركات التأمين في المنطقة:"إن شركات التأمين في المنطقة تميل إلى تنويع محافظ الخطر لحمايتها ضد سيناريوهات مماثلة، وتعيد تأمين جزء من المخاطر للتخفيف من حدتها".  ويضيف: "بعض شركات التأمين قد يواجه تحديات، وبعض خطوط التأمين سيشهد ارتفاعاً في المطالبات، مثل توقف الأعمال، في حين حققت خطوط أخرى أداءً أفضل خلال الأزمة، مثل تأمين السيارات والحوادث أثناء العمل والتي انخفضت بنسبة كبيرة خلال فترة الإغلاق".

كوفيد-19 يُسرّع الحاجة إلى المنصات الرقمية

وتعليقاً على آراء بعض المحللين التي تجمع على أن تأثيرات وباء كورونا ستسرّع عمليات الاندماج المتوقعة في قطاع التأمين الذي يعاني من التشرذم وارتفاع عدد الشركات في عدد من أسواق المنطقة، يذكّر أدامانتياديس بأن "سوق التأمين في المنطقة سوق حيوية وديناميكية، وسبق أن تجاوزت بنجاح جملة تحديات واجهتها وتعافت منها، مثل الأزمة المالية العالمية، لكن مما لا شك فيه، أن شركات التأمين في المنطقة ستواجه في العام 2020 وربما 2021، ضغوطاً كثيرة من ناحية المطالبات والسيولة والعائدات على الاستثمار، وغيرها، ما قد يدفع بعضها إلى مجابهة هذه التحديات بالاندماج، بينما، في الوقت نفسه، هنالك فرصة حقيقية أمام الشركات الكبيرة لتوفر تجربة أونلاين وتجربة رقمية لعملائها، ولاسيما أن كوفيد-19 سرّع في الحاجة إلى منصات رقمية مرنة وسريعة".

من المبكر تحديد حجم الخسائر

وعن حجم الخسائر المتوقعة من وباء كورونا، يشير أدامانتياديس إلى أنه "لا يزال من المبكر تقديرها كون الوباء لا يزال في تطور مستمر، لكن لا بدّ من الإشارة إلى أنه في حين سيواجه بعض الشركات انكشافاً على فروع تأمين معينة، فإن فروعاً أخرى ستشهد مطالبات أقل مثل السيارات، والتأمين الصحي وتعويضات العمال".

وإذ تشير الشركة في تقريرها إلى أن توقف الأعمال وإلغاء الأحداث والفعاليات هو أحد التحديات الأساسية التي تواجهها الشركات، وعما إذا كان باستطاعة الشركات التمنع عن دفع التعويضات المرتبطة بالوباء، يوضح أدامانتياديس أنه في ظل مواصلة كوفيد-19 تأثيره على الأعمال وتوقفها بمعدلات غير مسبوقة، يتعيّن على المؤسسات مراجعة انكشافها على المخاطر وطبيعتها باستمرار، بالإضافة إلى تقييمها لكيفية استجابة بوالصها التأمينية لأي خسارة مالية موجودة مع وسيطها التأميني". ويتابع شارحاً: "بوليصة التأمين هي عقد قانوني، محكوم بأحكام وشروط محددة، وكيفية استجابة هذه الأحكام والشروط إلى أحداث محددة ليست موحدة بل تختلف باختلاف العقد وشروطه، إلا أن الظروف الراهنة كشفت عن تعقيدات حول كيفية تجاوب بعض فروع التأمين مع بعض المطالبات وعما إذا كانت قابلة للتعويض أم لا".

دليل المخاطر "الجديدة"

وماذا عن الهيئات الناظمة والسلطات المعنية وكيف يمكن أن تساهم في الحدّ من تداعيات كورونا السلبية؟ يجيب أدامانتياديس قائلاً: "ليس باستطاعة السلطات التأمينية أن تتجاوز أو تتجاهل عقود التأمين السارية حالياً، إنما بالتأكيد يمكنها تنظيم أو إصدار دليل إرشادي في ما يتعلق بمخاطر "جديدة" مثل الأوبئة وغيرها كالمخاطر السيبيرانية، وبعيداً عن كيفية تدخل الجهات الناظمة، نقترح أن تقيّم جميع الشركات بوالصها بعناية، بما في ذلك أي تمديد أو ملحقات مع وسيطها التأميني أو مستشار المطالبات لفهم أفضل وأوضح لأحكام وشروط هذه البوالص، وكذلك التواصل مع خبراء التأمين والمخاطر للإرشاد والنصح كونه عنصراً حاسماً لضمان حماية المؤسسات لأعمالها وتوفير مرونة ضد أي تداعيات إقتصادية غير مضمونة النتائج لكوفيد-19".