كورونا يعزز اتجاه قطاع الساعات إلى المنصات الرقمية

  • 2020-05-12
  • 16:00

كورونا يعزز اتجاه قطاع الساعات إلى المنصات الرقمية

التجارة تتحول إلى حاجة للقطاع

  • برت دكاش

ليست التجارة الإلكترونية بالظاهرة المستجدة، لكنها بدأت تروج في قطاع الرفاهية عموماً وصناعة الساعات تحديداً في الأعوام الأخيرة، إذ تمثّل علاقة العملاء وخدمة الزبائن داخل المتاجر جزءاً لا يتجزأ من تجربة الرفاهية الشاملة. وصحيح أن دور ساعات كثيرة، قبل ظهور فيروس كورونا وفرضه معادلة جديدة على صانعي الساعات لناحية مقاربتهم التجارة الإلكترونية، كانت سباقة في الانخراط في مجال البيع الإلكتروني، ولاسيما تلك التابعة لمجموعة الرفاهية  Richemont، وتحديداً بعد تملّك المجموعة العام 2018 موقع التجزئة الإلكتروني YOOX Net A Porter، إلا أن ذلك لم يوقف حركة توسع الدور التابعة لها جغرافياً، بل إنها واصلت افتتاح المزيد من المتاجر في الأسواق الحيوية والواعدة، وليس إغلاقها كما في ظل كوفيد-19.

كيف تبدو الصورة حالياً؟ وكيف تطورت حركة دور الساعات باتجاه التجارة الإلكترونية في ضوء كورونا وتراجع الطلب على الساعات الذي تعكسه بشكل أساسي أرقام صادرات الساعات السويسرية التي تراجعت بنسبة 21.9 في المئة في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019؟ وهل يمكن أن تحلّ محلّ المتجر؟

وسيلة حتمية للبيع

فرضت التجارة الإلكترونية نفسها على صانعي الساعات في زمن كورونا كحاجة، وليس كخيار ناجم عن تطور وسائل التواصل مع العملاء وقنوات التسويق، كما قبله، ولم يبقَ أمام العلامات سواها وسيلة لتبيع وتصرّف إنتاجها، بعد إغلاق متاجرها حول العالم نتيجة تفشي الفيروس. ففي نيسان/ أبريل الماضي، أطلّ الرئيس التنفيذي لدار Breitling جورج كيرن في بث عبر الإنترنت، ليقدّم الدفعة الأولى من إصدارات الدار للعام 2020 والمؤلفة من ثلاث مجموعات مختلفة، قائلاً إن "الساعات الجديدة ستكون متوفرة على موقع التجارة الإلكترونية الخاص بالعلامة، كما على مواقع وكلاء التجزئة".

وفي حديث إلى موقع "أولاً- الاقتصاد والأعمال" كشف الرئيس التنفيذي لدار Hublot ريكاردو غوادالوبي أن الدار تستعدّ لإطلاق موقعها الخاص بالتجارة الإلكترونية في حزيران/ يونيو المقبل، متوقعاً أن "تشكّل مبيعات التجارة الإلكترونية نحو 15 في المئة من إجمالي مبيعات الدار".

وخلال طاولة مستديرة عقدها الرئيس التنفيذي لدار IWC Schaffausen التابعة لمجموعة Richemont كريستوف غرينغر-هير بواسطة الفيديو لتقديم مجموعة العلامة للعام 2020 المكوّنة من ستة إصدارات مختلفة من ساعة Portugieser، نوّه غرينغر-هير "بالنتائج الجيّدة التي تحققها مبيعات الدار الإلكترونية، والمنخرطة فيها العلامة منذ مدة"، قبل أن يأتي ردّه على سؤال الى موقع- أولاً الاقتصاد والأعمال" حول ما إذا كانت الدار تلقت طلبات من وكلاء التجزئة الذين اطلعوا منذ مدة على الإصدارات الجديدة، "بأنهم تفاعلوا بإيجابية تامة مع المجموعة الجديدة، لكن تفشي الوباء أخّر طلبات الشراء نسبياً"، ليستخلص من ردّه اعتماد الدار في المرحلة الراهنة، كما دور كثيرة أخرى، على التجارة الإلكترونية لبيع مجموعتها الجديدة والتعويض عن إغلاق المتاجر وتراجع المبيعات.

وفي سياق متصل، كان مدير عام مؤسسة هاغوب أتاميان مهير أتاميان، وكلاء عدد كبير من علامات الساعات الراقية في لبنان، أثنى سابقاً في حديث إلى موقع أولاً- الاقتصاد والأعمال" على مجموعة IWC الجديدة، وأبدى في الموازاة، تردداً لناحية التقدم بطلب شراء أي من ساعات الدار الجديدة، "بسبب انتشار فيروس كورونا وزيادته تعقيداً للأزمة الإقتصادية والمالية التي يمرّ بها لبنان، وانعكاس ذلك سلباً على طلب الزبائن شراء الساعات".  

كورونا يعزّز الركون إلى المنصات الرقمية

لا تختلف دار Audemars Piguet عن الدور الأخرى في ركونها إلى المنصات الرقمية سواء لمخاطبة عملائها أم لبيع ساعاتها. وكانت التطورات الحاصلة في مجال التواصل الاجتماعي وقنوات البيع الجديدة أحد أسباب مغادرة العلامة الصالون العالمي للساعات الرفيعة الذي أصبح Watches & Wonders Geneva اعتباراً من دورة هذا العام. ويشدّد رئيس التعقيدات في Audemars Piguet مايكل فريدمن في حديث إلى "أولاً- الاقتصاد والأعمال" على "التحوّل الواضح في صناعة الساعات والتوجه المتنامي لاستخدام المنصات الرقمية بطرق مبتكرة وأكثر شمولية"، مشيراً إلى "زيادة التفاعل، والحوار والتواصل مع زبائننا عبر هذه الوسائط الرقمية في خلال العام الجاري"، ومؤكداً "مضي العلامة قدماً في هذا التوجّه".

لا بديل عن المتجر

في المقابل، التراجع في الاستهلاك الذي يشير إليه غوادالوبي نتيجة إغلاق المتاجر والذي شكّل الدافع أمام عدد كبير من دور الساعات إلى تسريع انخراطها أو توسيعه في العالم الافتراضي، "لا يمكنه أن يحلّ محل المتاجر لكنه وسيلة جديدة للوصول مباشرة إلى المستهلكين في ظل تراجع الاستهلاك، وستبقى نسبة مبيعات الأونلاين ضئيلة مقارنة بحجم المبيعات المحققة في المتاجر"، كما يقول، وهو ما يؤكده كذلك أتاميان، إذ يعتبر أنه "في قطاع الساعات يحتاج الزبون إلى معاينة تفاصيل الساعة وتجربتها قبل أن يقرّر شراءها، لذلك ستبقى عمليات الشراء الإلكترونية محصورة بشكل أساسي بمن سبق أن رأوا الساعة وجرّبوها".

وفي السياق نفسه، يضيف رئيس التسويق في دار Breitling تيم سايلر الى موقع أولاً- الاقتصاد والأعمال قائلاً إن "التفاعل مع المجموعة الجديدة المتوفرة على موقع التجارة الإلكترونية للدار كان إيجابياً جداً، وتلقينا عدداً لا بأس به من الطلبات"، لكنه يعود ويوضح أن "البيع الإلكتروني لا يمكن أن يعوّض عن المتاجر، فهو قد يكون خياراً بديلاً ومجدياً لزبائن العلامة والذين يعرفونها، لكن الرغبة في لمس القطعة وتجربتها مسألة تبقى أساسية في عملية شراء الساعة، وهو ما لا يوفّره البيع أونلاين".