شركات عالمية تربح معركة كورونا وتعزز قيمتها السوقية

  • 2020-04-21
  • 07:30

شركات عالمية تربح معركة كورونا وتعزز قيمتها السوقية

  • دائرة الأبحاث

بعد أسابيع من انتشار فيروس كورونا، بدأ التباين يظهر على أداء القطاعات الاقتصادية والأصول الاستثمارية. ففي حين يتخبط القطاع المالي ويعاني الصناعيون والتجار وشركات النقل والسياحة، يبدو أن الفيروس أنعش قطاعات أخرى بما فيها الصناعات التكنولوجية والتجارة الالكترونية والترفيه الرقمي، إضافة إلى القطاعات الأساسية مثل صناعة الادوية والمعقمات. وقد استطاع بعض الشركات في قطاعات إنتاجية مختلفة أن يحول الأزمة التي يعيشها العالم إلى فرص استثمارية ناجحة.

وفي تقرير لدائرة الأبحاث في "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال" حول آثار أزمة كورونا على أداء مختلف الأصول الاستثمارية بما فيها الأسهم والسندات والسلع والعقار وغيرها، يظهر أن شركات عالمية عدة تمكنت من النمو والتوسع خلال فترة كورونا بعد أن أظهرت المرونة والقدرة على التعامل مع الواقع الجديد، وهو ما دفع بأسهمها إلى التحسن مقارنة مع شركات أخرى كانت انعكاسات كورونا كبيرة عليها وأدت إلى تراجع قِيَمها السوقية إلى مستويات قياسية.

 وأبرز ما يمكن استنتاجه استثمارياً واقتصادياً من الأزمة الحالية حتى الآن:

أولاً، إن تأثر الشركات القيادية والكبيرة بفيروس كورونا كان أقل بكثير من تأثر الشركات الأخرى، إذ انخفض إجمالي القيمة السوقية لأكبر 10 شركات عالمية بنحو 2.1 في المئة فقط منذ بداية العام، في حين أن أداء البورصات العالمية تراجع بأكثر من ذلك بكثير، فعلى سبيل المثال، تراجع مؤشر اس اند بي (S&P 500)  الأميركي  بنسبة 13.8 في المئة وانخفض مؤشر يورو ستوكس (Euro Stoxx 50) بنحو 25.1 في المئة، وتدنى مؤشر نيكاي الياباني بنحو 18.5 في المئة منذ بدابة العام الحالي. ويعود السبب في ذلك إلى المتانة التي تتمتع بها هذه الشركات مقارنة بغيرها واحتفاظها بسيولة لازمة لمواجهة الظروف الراهنة إضافة إلى اتخاذها خطوات عملية سريعة لمواجهة الأزمة.

ثانياً، إن أربعاً من أكبر عشر شركات عالمية، أي ما يمثل نسبة 40 في المئة منها، ارتفعت قيمتها السوقية بعد أن أعدت خططاً ومنتجات تلائم المرحلة الحالية. وسجل سهم أمازون الارتفاع الأكبر بين الشركات القيادية بنحو 25 في المئة وبلغت مكاسب المساهمين 229 مليار دولار منذ بداية العام الحالي مع استمرار الشركة في التوسع وقدرتها على خلق 100 فرصة عمل في الشهر الماضي وعزمها عن توظيف 75 ألف شخص إضافي في الشهر الحالي. كذلك الحال مع مايكروسوفت والتي ارتفع سهمها بنحو 9 في المئة لتبلغ قيمة مكاسبها منذ بداية العام نحو 107 مليارات دولار، بينما كسبت تانسنت الصينية نحو 28 مليار دولار منذ بداية العام.

ثالثاً، إن التحسن في بعض القطاعات لم يشمل جميع الشركات التي تعمل ضمنه، ومرد ذلك إلى قدرة الشركة على التكييف مع المتغيرات، ففي حين سارع بعض الشركات إلى اتخاذ تدابير سريعة وخطوات عملية لمواجهة الأزمة، والاستفادة منها، تخلفت شركات أخرى عن اتخاذ اجراءات مماثلة ما أدى إلى تراجع حصصها السوقية في القطاع الذي تعمل به، فمثلاً، تحسن أداء أمازون فيما تراجع أداء شركة علي بابا لتفقد 11 مليار دولار من قيمتها، كذلك، بدا التباين واضحاً بين مايكروسوفت من جهة وأبل وألفابت من جهة أخرى، كما يظهره الرسم البياني المرفق.

رابعاً، إن الاستثمار في أسهم شركة منتجة لسلعة محددة قد يكون أفضل من الاستثمار في السلعة نفسها، فتراجع سعر النفط بنحو 60 في المئة منذ بداية العام إلا أن سعر أسهم أرامكو السعودية لم يتراجع إلا بنحو 15 في المئة فقط. كذلك الحال مع عدد آخر من الشركات النفطية العالمية، إذ تراجعت القيمة السوقية لأكسن موبايل بنحو 40 في المئة وهي أقل بكثير من نسبة تراجع النفط.

خامساً، إن الطلب الاستهلاكي لم يختفِ بل تحول نحو السلع الأكثر ضرورة، وهذا يحتم أن تعمل الشركات، ولا سيما الكبيرة منها، على تنويع مصادر دخلها. ففي الوقت الذي سجلت فيه الشركات الصناعية والتجارية خسائر بعشرات المليارات نتيجة تراجع الطلب على منتجاتها وتقطع سلاسل الامداد، استفادت شركات تصنيع المواد الأساسية ومستحضرات التنظيف والتعقيم والامدادات الطبية من هذه الأزمة، وفي هذا السياق، ارتفعت القيمة السوقية لشركة جونسون اند جونسون بنحو 5 مليارات دولار منذ بداية العام.

سادساً، إن تنويع الاستثمار جغرافيا بين البلدان والمناطق أو ضمن أصول استثمارية مختلفة من سندات وسلع وأسهم وعقار أثبت محدوديته في وقت الأزمات الكبيرة. في المقابل، أثبتت عملية الانتقاء في اختيار الاستثمار (Active Investment) نجاحها وتفوقها على النموذج السلبي (Passive Investment) ولا سيما أن أداء بعض الأسهم، وهي التي تعتبر أصول خطرة، جاء أفضل من أداء معظم السندات وغيرها من الأصول الآمنة.

سابعاً، أكدت الأزمة على أهمية امتلاك النقد لسببين. الأول، القدرة على الاستمرار في وقت الأزمات عندما يصبح من الصعب تسييل باقي الأصول الاستثمارية أو الحصول على تدفقات نقدية من الأنشطة التشغيلية. والثاني، لاقتناص الفرص الاستثمارية عند حدوثها.