لبنانيان يبتكران منصة لفحص المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا

  • 2020-04-19
  • 22:08

لبنانيان يبتكران منصة لفحص المشتبه في إصابتهم بفيروس كورونا

مكتب منظمة الصحة العالمية في بيروت يعاين الجهاز على أرض الواقع

  • عاصم البعيني

هي روح المبادرة التي اتسم بها اللبنانيون أينما حلّوا، وتذهب في بعض الحالات أبعد وأعمق من دور المؤسسات العامة فتتكامل معها في نهاية المطاف.

وما مبادرة الأخوين باسل ونزار ملاعب إلا عينة على ذلك، فبين باسل المتواجد في المملكة العربية السعودية حيث يعمل مديراً لقسم مكافحة العدوى في أحد المستشفيات الخاصة، ونزار الموجود داخل الوطن، ولدت فكرة منصة فحص المصابين بفيروس كورونا، لتكون ثمرة خبرة باسل المتخصص في مكافحة العدوى والأوبئة، ومعاناة نزار المرهق، كسواه من اللبنانيين، من تداعيات الأزمة الاقتصادية. فكرة كرست كيف يمكن لأوجاع الوطن ان تتفوق على آلام الغربة.

 

 

باسل ملاعب: مرونة التصميم تسمح بإدخال المزيد من الخصائص والمزايا 

الفكرة والابتكار 

يوضح باسل ملاعب أنه ومن موقع خبرته، بدأ بوضع التصاميم الأولى لإنتاج منصة أو "كبينة" مستقلة يجري فيها فحص المصابين المحتملين بفيروس كورونا مجهزة بوسائل متنوعة للتعقيم. ويشرح قائلاً: "إن إالفكرة موجودة في أميركا وجنوب كوريا، بمعنى أننا لم نخترع النموذج ولكننا طورناه بإضافة خصائص عدة لحماية فريق العمل الصحي من بينها، العزل التام عن المشتبه فيهم، توفير أجهزة تعقيم باستخدام الرذاذ في الداخل لتعقيم الأسطح، بما يمكن استقبال مشبه به جديد في غضون 5 إلى 7 دقائق بعد إتمام الفحص الأول، وكذلك ابتكار آلية لنقل العينة عبر أنبوب من المريض إلى المختبر بشكل آمن".   

وبعد وضع التصاميم كان على باسل تحويلها إلى واقع، وهنا جاء دور أخيه نزار المتخصص في بناء المنازل الجاهزة المنخفضة التكاليف، والذي تلقف المبادرة وبدأ مرحلة التنفيذ، خصوصاً أنها تشكّل، بالنسبة إليه، فرصة لتنشيط مصنعه الذي تاثر بالأزمة الاقتصادية والمالية وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية. ويقول نزار إن الفكرة "الفرصة"، على الرغم من أنها كانت سبيلاً لعودة النشاط إلى مصنعه، لكنها واجهت تحديات إذ "لا نزال نعاني من نقص مواد التصنيع الأولية كالألمينيوم والفايبر غلاس وغيرها من المواد"، وفيما يعبر الشاب عن خشيته من تفاقم الأزمة، يؤكد أنه يجري العمل على الفكرة "باستخدام الأموال المحولة من قبل شقيقي في السعودية".

 

منصة فحص فيروس كورونا المبتكرة 

مرونة التصميم وتعدد الخصائص 

وهنا يستعيد باسل الحديث ليقول: "في المحصلة، نجحنا معاً بجهود مشتركة وعبر التكامل في ما بيننا في تحويل الفكرة إلى مشروع على أرض الواقع مع التأكد من مطابقته للمعايير العالمية المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية في التعامل مع الأوبئة وكيفية الحماية منها خلال إجراء الفحوصات". 
أما عن أهمية هذا النموذج، يوضح باسل ملاعب أنه يدعم جهود المستشفيات في تكريس معايير السلامة في مواجهة الفيروس، نظراً إلى تواجد "الكبينة" في مكان خارجي ما يسهل إتمام الفحوصات بسرعة أكبر وفقاً لسلسلة الإجراءات المعتمدة والتي تبدأ بالفحص وإتمام إجراءات التعقيم ونقل العينة إلى المختبر في مكان واحد من دون الحاجة إلى دخول المشتبه فيهم إلى الطوارئ  في المستشفى أو أي أقسام أخرى، ما يقلل نسب الاحتكاك ويخفض احتمالية انتشار الوباء، كما إن هذه الكبينة تسمح بتقليل استخدام المعدات الوقائية المختلفة من قبل الممرضين باعتبار أنها توفر من خلال تصميمها مراحل التعقيم المطلوبة كافة.

إقبال إلى حين 

من جهة أخرى، يوضح باسل ملاعب أن بلدية بيصور، حيث مسقط رأسه، أبدت اهتماماً بالمشروع، وجرى التبرع من قبلها بنموذج لصالح مستشفى رفيق الحريري، وهناك أُخضع النموذج للاختبار والتجربة، وبالتوازي جرى التواصل مع مكتب وزير الصحة حمد حسن والمدير العام للوزارة وليد عمار، وجرى نقل المعلومات حول النموذج المصمم إلى اللجنة المعنية بمكافحة الفيروس، كما إن مكتب منظمة الصحة العالمية في بيروت، وبعد التواصل مع الأخوين بهدف الحصول على المزيد من المعلومات، قبل بالانتقال إلى المستشفى وعاين الجهاز على أرض الواقع. ويضيف: "لدينا قدرة على إدخال أي تعديلات على التصميم بما يعزز مرونة الجهاز ويعزز كفاءته من خلال إضافة المزيد من المزايا".    

مع حاجة المستشفيات إلى أجهزة مماثلة تمكنها من إتمام إجراءات الفحص وخفض نسبة الاحتكاك بين الأشخاص، إلى جانب ما اتسم به من مزايا كمختلف مراحل التعقيم ومستوى الحماية التي يوفرها للطاقم الطبي، يأمل الاخوان ملاعب في توسيع الاستفادة من الجهاز، ويقول باسل: "في البداية لم نطور المنصة كمنتج تجاري بقدر تحقيق الهدف برفد قدرات القطاع الصحي ورفع مستوى الحماية ومساعدة المجتمع بصفة عامة، غير أن الإقبال على الجهاز خصوصاً من قبل الراغبين في التبرع به إلى المستشفيات والمراكز الصحية دفعنا إلى التفكير بانتاج المزيد من الأجهزة. وهنا يعلق نزار موضحاً: "بمبادرة من متبرعين حصل مستشفى بشري على أحد الأجهزة وكذلك مستشفى آخر، ونأمل أن يكون هناك إقبال أكبر بما يدعم جهود القطاع الصحي".   

تطوير مستمر

وشكّلت روح الابتكار لدى الأخوين حافزاً لإجراء عملية تطوير شاملة على الجهاز، ويوضح باسل ملاعب أنه جرى تطوير جيل جديد من هذا الجهاز، عبر تحويله إلى ما يشبه غرفة عزل يدخل إليها المشتبه فيهم، وتجري داخلها إجراءات الفحص كافة مع إخضاعهم إلى تعقيم شامل حال الانتهاء منه، في حين يبقى الفريق الصحي في الخارج.