أظهرت سوق المكاتب في مدينة الرياض أداءً قوياً خلال الربع الثاني من العام الجاري 2025، مدعومة بنظرة اقتصادية مستقرة، وثقة عالية في بيئة الأعمال، وتزايد اهتمام الشركات الدولية، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن شركة "سَفِلز".
وتتوقّع التقديرات أن ينمو اقتصاد المملكة بنسبة 3.5 في المئة خلال العام 2025، مدفوعاً بارتفاع نسبته 4.9 في المئة في القطاع غير النفطي، ممّا يُعدّ مؤشراً واضحاً على نجاح أجندة التنويع الاقتصادي التي تنتهجها المملكة. وظلّت ثقة الأعمال مرتفعة، حيث صعد مؤشر مديري المشتريات إلى 57.2 في يونيو، وهو أعلى مستوى له منذ مايو من العام 2011. وتعكس هذه الأرقام قوة نشاط القطاع الخاص، ونمو معدلات التوظيف. ومن جهة أخرى، واصلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر اتجاهها التصاعدي، لتبلغ 22.2 مليار ريال في الربع الأول من 2025، مقارنةً بـ 15.5 مليار ريال خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي ما يتعلق بسوق المكاتب، بلغت نسبة الإشغال في المساحات من الدرجة الأولى 98 في المئة، الأمر الذي يعتبر انعكاساً لاستمرارية الطلب القوي من المستأجرين في ظل محدودية المعروض. وارتفع متوسط الإيجارات بنسبة 0.75 في المئة على أساس ربع سنوي، وبنسبة 10 في المئة على أساس سنوي. وتصدرت "المنطقة C" التي تضم مراكز ناشئة مثل "واجهة الرياض"، و"المدينة الرقمية"، و"وادي اليسن"، نمو الإيجارات السنوي بنسبة 15 في المئة، تلتها "المنطقة A" التي تشمل مواقع متميزة مثل "بلايا"، و"مركز الملك عبدالله المالي، و"مركز المملكة"، بنسبة قاربت 11 في المئة، ويعتبر ذلك دليلاً واضحاً على الجاذبية المتواصلة للمناطق التجارية القائمة والمواقع الحديثة التي تعرف بمواقعها الاستراتيجية.
وفي هذا السياق، علّق رئيس خدمات المعاملات في المملكة العربية السعودية لدى "سَفِلز" كريس تشامبرز، قائلاً: "يبدو واضحاً أننا نشهد نشاطاً واسع النطاق مدفوعاً بالتوسع عبر العديد من القطاعات، ولاسيّما في قطاع البنوك والخدمات المالية والتأمين الذي استحوذ على 50 في المئة من إجمالي الصفقات خلال هذا الربع من العام. وساهمت شركات الاستشارات القانونية والمنتجات الدوائية أيضاً بنسبة 25 في المئة لكل منهما، ما يؤكد عمق الطلب وتنوّعه. ومن اللافت في هذا المجال أن الطلب على استئجار المساحات يتّجه بشكل متزايد نحو المساحات الأكبر، حيث تستهدف نصف الاستفسارات الوحدات التي تتجاوز 1,000 متر مربع".
ويستمر اهتمام الشركات العالمية بمدينة الرياض في الارتفاع، حيث حصل أكثر من 660 شركة عالمية على تراخيص لإنشاء مقارّها الإقليمية في العاصمة بحلول منتصف العام الجاري 2025، متجاوزة بذلك هدف "رؤية السعودية 2030" البالغ 500 شركة. ومن أبرز الشركات الجديدة خلال الربع الثاني: "بي إن واي ميلون"، و"أسبن"، و"غلوبانت"، و"كلية لندن للأعمال". وتُظهر بيانات الاستفسارات من "سَفِلز" أن 46 في المئة من الطلبات على الاستئجار خلال هذا الربع جاءت من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ما يعكس ثقة عالمية قوية في العاصمة السعودية. وعلى صعيد القطاعات، تصدرت الاستفسارات قطاعات البنوك والخدمات المالية، والتكنولوجيا والإعلام والاتصالات، والهندسة والتصنيع، ما يؤكّد تنوّع القاعدة التجارية للرياض وجاذبيتها للقطاعات القائمة على المعرفة.
كما تواصل مشاريع البنية التحتية في العاصمة دعم نموها التجاري؛ فقد استقبل مترو الرياض أكثر من 25 مليون راكب خلال الربع الأول من 2025، ومن المتوقع أن تُسهم محطات المترو الجديدة في تعزيز الوصول إلى مناطق حيوية، مثل مركز الملك عبدالله المالي وحي العُليّا.
وبالنظر إلى المستقبل، تُرجّح التوقّعات أن تظل وتيرة نمو الإيجارات ثابتة على المدى القريب في ظل استمرار الطلب ومحدودية المعروض، إلا أنه من المرجّح أن تشهد هذه الضغوط بعض التراجع بحلول نهاية العام المقبل 2026، مع دخول أكثر من 900,000 متر مربع من المساحات المكتبية من الدرجة الأولى إلى السوق، عبر مشاريع ضخمة مثل "بوابة الدرعية" و"مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية (مسك)".