الصناديق السيادية في مواجهة التحولات: الاتجاه نحو الادارة النشطة للاصول...والصين

  • 2025-07-15
  • 08:00

الصناديق السيادية في مواجهة التحولات: الاتجاه نحو الادارة النشطة للاصول...والصين

في ظل تصاعد التقلبات في الأسواق العالمية وتزايد الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية، بدأت صناديق الثروة السيادية حول العالم بإعادة النظر في استراتيجياتها الاستثمارية، متجهة نحو الإدارة النشطة وزيادة الانفتاح على السوق الصينية، بحثاً عن الاستقرار والعوائد المستدامة وفق دراسة نشرتها شركة "انفسكو" الاميركية المتخصصة في ادارة الاستثمارات مؤخراً حول ادارة الاصول في هذه الصناديق، وتقرير لوكالة "رويترز" بهذا الخصوص.

الإدارة النشطة: من الاسترخاء إلى المواجهة

لم تعدّ الاستراتيجيات غير النشطة (Passive) التي اعتمدتها الصناديق الكبرى – خصوصاً تلك التي تتجاوز أصولها 100 مليار دولار – كافية في ظل واقع الأسواق الجديد. فمع تراجع القدرة على التوقع واتساع نطاق المخاطر، باتت الإدارة النشطة الخيار المفضل لهذه الصناديق. هذا التحول يهدف إلى تمكين الصناديق من الاستجابة السريعة للتغيرات، وتحقيق عوائد مجزية حتى في الأوقات الصعبة.

الصين: وجهة استثمارية رغم التحديات

رغم التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، تواصل الصناديق السيادية ضخ استثمارات كبيرة في الصين، خصوصاً في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، أشباه الموصلات، والطاقة المتجددة. وتستفيد هذه الصناديق من الدعم الحكومي الهائل الذي تقدمه الصين لهذه القطاعات، والذي يتجاوز 138 مليار دولار، ما يعزز جاذبية السوق الصينية كمحور للتنويع والنمو المستقبلي.

عوائد قوية رغم التحديات

أثبتت هذه الاستراتيجيات جدواها، إذ حققت الصناديق السيادية عائدات بلغ معدلها 9.4 في المئة في العام الماضي، وهو ثاني أفضل أداء منذ بدء إجراء المسح السنوي الخاص بها التي تقوم به "انفسكو" والذي اطلقت نسخته الاولى في العام 2013. هذا الأداء يعكس قدرة الصناديق على التكيّف مع المتغيرات والاستفادة من الفرص الجديدة رغم البيئة الاستثمارية المعقدة.

التحوط عبر الأصول البديلة

في مواجهة تقلبات الأسواق، تتجه الصناديق بشكل متزايد نحو الاستثمار في الأصول الخاصة (Private Markets)، مثل الائتمان الخاص. وقد ارتفعت نسبة الصناديق التي تستثمر في هذه الفئة – بشكل مباشر أو عبر شراكات – من 30 في المئة في العام 2024 إلى 44 في المئة في 2025. هذا التوجه يهدف إلى تحقيق عوائد أقل ارتباطاً بتقلبات الأسواق التقليدية، وتوفير حماية أفضل للمحافظ الاستثمارية.

تنويع الاحتياطات وسط استمرار هيمنة الدولار

البنوك المركزية، من جانبها، تواصل تنويع احتياطاتها، إلا أن الدولار الأميركي لا يزال يهيمن كعملة احتياط رئيسية. ورغم تصاعد المخاوف بشأن الدين الأميركي وتأثيره على مكانة الدولار، ترى أكثر من 70 في المئة من البنوك المركزية أن هذا الدين يؤثر سلباً على آفاق الدولار. ومع ذلك، يعتقد 78 في المئة من هذه البنوك أن استبدال الدولار كعملة عالمية سيستغرق أكثر من 20 عاماً.

تعكس هذه التحولات الاستراتيجية رغبة صناديق الثروة السيادية في حماية أصولها وتحقيق عوائد مستقرة في عالم مليء بالتقلبات والمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية. الإدارة النشطة، الانفتاح على الصين، والاستثمار في الأصول الخاصة أصبحت ركائز أساسية في هيكلة المحافظ الاستثمارية لهذه الصناديق، في سعيها للتكيّف مع واقع استثماري متغير باستمرار.