"قطر للطاقة" شريكاً رسمياً في الإئتلاف النفطي في لبنان

  • 2023-01-29
  • 19:00

"قطر للطاقة" شريكاً رسمياً في الإئتلاف النفطي في لبنان

الشركة القطرية ترفع حصتها إلى 30% وتعمل على تسريع عمليات الحفر في الرقعتين 9 و4 البحريتين

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

انضمت شركة "قطر للطاقة" رسمياً إلى كونسورتيوم ثلاثي الأطراف، للتنقيب عن النفط والغاز في الحقلين البحريين اللبنانيين الرقم 4 و9، وقد زادت حصتها بالإئتلاف من 20 إلى 30 في المئة، بعدما انخفضت حصتي كل من "توتال" و"إيني" من 40 في المئة للشركة الواحدة إلى 35 في المئة.

الدخول القطري كشريك ثالث مكان "نوفاتيك" الروسية لم يكن مفاجئاً. فالحديث عن المشاركة القطرية بالائتلاف النفطي بدأ فور إعلان "نوفاتيك" خروجها في أيلول 2022، وقد تعززت مشاركتها بصورة شبه أكيدة بعد إبرام لبنان وإسرائيل إتفاقية ترسيم الحدود البحرية. 

البدء بالتنقيب قريباً

إكتمال "الكونسورتيوم" النفطي يعني من الناحية العملية إمكانية البدء بالتنقيب في الحقل الرقم 9 في تشرين الأول المقبل، كما تعهدت الشركة المشغلة "توتال"، وهذا ما لم يكن متاحاً في ظل بقاء حصة "نوفاتيك" بيد الدولة اللبنانية، لسببين رئيسيين:

الأول مادي، ويتعلق بعجز الدولة عن تمويل عمليات الحفر والاستكشاف بنسبة 30 في المئة، خصوصاً أن كلفة حفر البئر الواحدة قد تصل إلى 100 مليون دولار أميركي، ما يعني أن على الدولة اللبنانية تحمّل ما لا يقل عن 30 مليون دولار عن كل بئر يجري حفرها.

الثاني سياسي، ويتعلق بتوقيع الكونسورتيوم (توتال وإيني)، صاحب الحقوق في البلوك الرقم 9، إتفاق مبادئ مباشر مع الجانب الإسرائيلي. يُرسي الإتفاق آلية التعويض لاسرائيل عن بيع حقوقها في المكمن المتداخل مع حقولها، وينص أيضاً على موافقة إسرائيل على إضافة أي شريك إلى "الكونسورتيوم"، ووضع آلية لتبادل المعلومات، حيث يجب على شركة "توتال" بصفتها قائد "الكونسورتيوم" أن تتشارك جميع المعلومات المتعلقة بقاعدة البيانات العائدة للمكمن مع إسرائيل.

العائقان المادي والسياسي جعلا من مشاركة الدولة اللبنانية في "الكونسورتيوم" مستحيلة، و"استحواذها على حصة "نوفاتيك" لم يكن إلا إجراءً تدبيرياً مؤقتاً بانتظار التنازل عنها للجانب القطري بعد تبلور صيغة المشاركة بصورة نهائية"، بحسب ما أفادت مصادر نفطية لموقع "أولاً – الإقتصاد والأعمال". و"كل الحديث عن إنشاء شركة نفط وطنية تكون شريكاً ثالثاً فاعلاً في "الكونسورتيوم" لم يكن وارداً في أي شكل من الأشكال في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان".

بارقة أمل

التفاوض مع الجانب القطري طوال الفترة الماضية ترجم اليوم ظهراً في السراي الحكومي توقيعاً "للملحقين التعديليين لإتفاقيتي الإستكشاف والانتاج في الرقعتين 4 و9". حيث دخلت "شركة قطر للطاقة"، ممثلة بـ وزير الدولة لشؤون الطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لقطر للطاقة سعد بن شريدة الكعبي شريكة مع "شركة توتال إنيرجيز" الفرنسية وشركة  إيني" الايطالية. التوقيع جرى بين وزارة الطاقة اللبنانية و"شركة قطر للطاقة"، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحضور الرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنيرجيز"باتريك بويانيه، والرئيس التنفيذي لشركة "إيني" للطاقة كلاوديو ديسكالزي.

الرئيس ميقاتي علّق في كلمته آمالاً كبيرة على بدء عملية الاستكشاف والانشطة البترولية في المياه اللبنانية، مؤكداً أنه "سوف يكون لها الأثر الإيجابي في المديين القصير والمتوسط على إيجاد فرص للشركات اللبنانية المهتمة بقطاع الخدمات في مجال البترول، وستوفر فرص عمل للشباب اللبناني، وبخاصة للعاملين في المجال التقني". وشدد ميقاتي على أنه "في حال إكتشاف كميات تجارية، فإنه سوف يصار الى تطوير هذا الاكتشاف بالسرعة المطلوبة، وإمداد السوق اللبنانية، وبخاصة معامل الكهرباء، بالغاز الطبيعي، مما سوف يسهم نمواً في الاقتصاد المحلي".

الأبعاد الجيوسياسية للشراكة القطرية

الخطوة المتوقعة "لا يمكن قراءتها من الناحية التقنية أو حتى الإقتصادية فقط، إنما أيضاً من الجانبين السياسي والجيوسياسية"، بحسب الأستاذ الجامعي المتخصص في شؤون الطاقة د. شربل سكاف لثلاثة أسباب رئيسية، هي:

- دور قطر كلاعب أساسي على الساحة اللبنانية منذ اتفاق الدوحة في العام 2008، مروراً بتقديم المساعدات ودعم الجيش، وصولاً إلى الشراكة في الموضع النفطي اليوم.

- الشراكة الاستراتيجية التي تجمع قطر للنفط وتوتال داخل قطر وخارجها، وتفضيل "توتال" العمل إقليمياً مع الشريك القطري.

- جمع قطر لعلاقات مميزة مع مختلف الاطراف المتناقضة إن لم نقل المتصارعة في المنطقة، مثل إيران وإسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

أما في الشأن الداخلي، فمن المؤكد بحسب سكاف أن "اكتمال الكونسورتيوم يبعث على التفاؤل، ويؤكد أن موضوع التنقيب عن الغاز في البلوك الرقم 9 أكثر من جدي وسائر على قدم وساق".

دفعة قوية للعملية النفطية

مما لا شك فيه أن دخول قطر إلى القطاع النفطي اللبناني يعطي دفعة قوية للعملية النفطية على الصعيد الداخلي، برأي خبير اقتصاديات النفط والغاز فادي جواد. فـ"قطر مصنّفة ثالث أكبر دولة منتجة للغاز، وهي تمتلك 15 في المئة من احتياطي الغاز في العالم، وشركتها الوطنية للطاقة مصنفة الخامسة على صعيد أهم شركات الغاز الدولية، وبالتالي فإن دخولها شريكاً أساسياً في إئتلاف النفط لا يهدف إلى زيادة استثماراتها ولا إلى تعزيز احتياطاتها، بقدر ما يهدف إلى دعم الاقتصاد اللبناني، وإعطاء دفعاً قوياً للخروج من دوامة الانهيارات المتتالية. وخير دليل على هذه الفرضية برأي جواد هو "قدوم سعد الكعبي وزير الطاقة القطري شخصياً إلى لبنان للمشاركة في توقيع الإتفاق".

الدخول القطري على الخط النفطي اللبناني يبعث برسائل متعددة إلى الداخل والخارج، فهو يطمئن من جهة إلى إمكانية انتشال الاقتصاد اللبناني عموماً، وتسريع استخراج غازه خصوصاً، ويعطي من الجهة الاخرى دفعاً لتسريع عمليات التنقيب عن الغاز واستخراجه لتأمين الطلب العالمي في ظل كل العقبات التي تواجه هذا القطاع بعد الحرب الروسية على أوكرانيا. وبحسب المعلومات، فإن قطر دخلت الإئتلاف النفطي بمباركة أميركية فرنسية، و"هذه الخطوة تتوافق مع خطواتها الاستثمارية المدروسة بعناية"، برأي جواد. و"قد غيرت قطر خلال فترة التفاوض القصيرة من تشكيلة الكونسورتيوم، ورفعت حصتها من 20 إلى 30 في المئة، وهذا يدل برأي جواد على أمرين مهمين:

- قوة قطر في سوق الغاز العالمي، وعلاقتها المتينة مع الشركات العالمية ومع الدول ذات التأثير.

-  وجود مكامن واعدة تعوض لها قيمة الاستثمارات.

 وبحسب جواد، فإن "قطر تعتزم في الأيام المقبلة استقدام حفارة للبدء بالحفر في البلوك 4 بالتوازي مع التحضير لعمليات الحفر في البلوك الرقم 9، وستستفيد من إنجاز المسوحات البيئية والأعمال الاستكشافية في هذه الرقعة البحرية لتسريع عمليات التنقيب". وبرأيه، فإن "الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت سارة على هذا الصعيد".

الصندوق السيادي

بلورة الصيغة النهائية لـ"الكونسورتيوم" أصبحت تتطلب بحسب مصادر معنية بالملف النفطي إنجاز القانون المتعلق بانشاء الصندوق السيادي بأسرع وقت ممكن، إذ إنه لم يتم لغاية الآن الإتفاق على شكل الصندوق وكيفية التصرف بعوائده، وكل مقترحات القوانين المتعلقة بإدارة الصندوق التي جرى تقديمها منذ العام 2017 تضمنت ثغرات خطيرة، كما إن التصرف بعوائده بشكل يخدم الاقتصاد، يحتاج إلى تعديل المادة الثالثة من القانون 132 الصادر في العام 2010، والتي نصت وقتها على وضع العائدات النفطية في صندوق سيادي للأجيال المقبلة، إنما مع الأسف، فإن "النقاش بصندوق لنفط السيادي مازال عالقاً في اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة النيابية في البرلمان". والمطلوب بحسب المصادر "إنجاره سريعاً بشكل يؤمن إستقلاليته المالية، والشفافية والحفاظ على حقوق الأجيال المستقبلية، وتحويله إلى الهيئة العامة لإقراره".