بين أوكرانيا والصين برميل النفط الى 175 دولاراً؟

  • 2022-06-14
  • 10:45

بين أوكرانيا والصين برميل النفط الى 175 دولاراً؟

  • أحمد عياش

خرجت الفايننشال تايمز قبل أيام بهذا العنوان:" المملكة العربية السعودية تزيد من العرض، فلماذا أسعار النفط ثابتة؟" لا ريب في أن عنوان الصحيفة البريطانية والسؤال الذي تضمنه، يمتلك حجة قوية بعدما ثبت أن سعر النفط بالكاد تراجع منذ أن وافقت الرياض والمنتجون المتحالفون معها على بدء الضخ بسرعة أكبر، لا بل على العكس، فقد ارتفعت أسعار النفط، خلال تعاملات الأربعاء في 8 حزيران/يونيو الحالي، على الرغم من زيادة المخزونات الأميركية، مع تخفيف قيود "كوفيد-19" في الصين وإضراب محتمل لعمال النفط في النرويج. وزادت العقود الآجلة لخام برنت لشهر آب/أغسطس المقبل، 1.42 دولار بما يعادل 1.1 في المئة إلى 121.97 دولار للبرميل. وبلغت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 120.57 دولار للبرميل، بزيادة 1.09 دولار بما يعادل 0.8 في المئة.

إذاً، لا بدّ من الذهاب الى التوقعات الابعد مدى، كي يتم جلاء غموض هذا التصاعد الذي لا يتوقف تقريباً في سعر برميل النفط، مهما بدا أن التدخل لكبح ارتفاعه مؤثر، علماً أن أسعار النفط تخلت عن مكاسبها المبكرة يوم الخميس في 9 حزيران/يونيو الحالي بعد أن فرضت أجزاء من شنغهاي إجراءات إغلاق جديدة بسبب جائحة "كوفيد-19" متجاوزة أنباء عن صادرات الصين الأقوى من المتوقع في أيار/مايو الماضي.
لنبدأ مع رئيس تجار الاساسية (ترافيجورا) الذي حذر من أن سوق النفط قد تصل إلى "حالة مكافئة" هذا العام مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية مرتفعة وتباطؤ النمو الاقتصادي. وقال جيريمي وير الرئيس التنفيذي للشركة إن أسواق الطاقة في حالة "حرجة"، لأن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية بعد غزوها لأوكرانيا أدت إلى تفاقم الإمدادات الشحيحة بالفعل الناجمة عن سنوات من نقص الاستثمار.

ويتم تعريف حركة القطع المكافئ في الأسواق بشكل عام على أنها عندما يرتفع السعر الذي يرتفع فجأة إلى مستويات غير مرئية حتى الآن. وأضاف وير أنه من المحتمل جداً أن ترتفع أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل أو أعلى في الأشهر المقبلة، مع توتر سلاسل التوريد في الوقت الذي تحاول فيه روسيا إعادة توجيه صادراتها النفطية بعيداً من أوروبا. وبلغ خام برنت، وهو المعيار العالمي للنفط، الذي يتداول بالقرب من 120 دولاراً للبرميل، ذروته على الإطلاق عند 147 دولاراً عشية الأزمة المالية في العام 2008. وكان المدير التنفيذي لشركة ترافيجورا آخر من حذّر من أن الاقتصاد لم يشهد بعد أسوأ ما في أزمة الطاقة، مع وجود طريقة ضئيلة لخفض الأسعار حيث من المرجح أن تصبح الإمدادات العالمية المضغوطة بالفعل أكثر ندرة إذا انخفض الإنتاج الروسي أكثر. وحذّر جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان الأسبوع الماضي من أن الأسعار قد تصل إلى 150 أو 175 دولاراً للبرميل هذا العام. ويتوقع المحللون في غولدمان ساكس أن يبلغ متوسط سعر النفط أكثر من 140 دولاراً للبرميل في الربع الثالث، عندما يكون موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة في ذروته.

من ناحيتها، تضخ مجموعة "أوبك+" حالياً 2.6 مليون برميل يومياً من النفط دون هدفها المنشود، وأن الجهود المبذولة لزيادة الإنتاج وفقاً للخطط الشهرية "ليست مشجعة"، حسبما قال سهيل المزروعي وزير الطاقة في الإمارات العربية المتحدة، أحد أكبر منتجي "أوبك". وقال الوزير الإماراتي في مؤتمر للطاقة في الأردن نقلته رويترز "وفقاً لتقرير الشهر الماضي، شهدنا مطابقة (لتخفيضات الإنتاج) لمجموعة "أوبك+" وكانت المطابقة أكثر من 200 في المئة".

وقررت "أوبك+" الأسبوع الماضي تسريع زيادة إنتاجها الشهري من النفط إلى نحو 650 ألف برميل يومياً لشهري تموز/يوليو وآب/أغسطس في الوقت الذي تتطلع فيه المنظمة للتعويض عن انخفاض الإنتاج في روسيا وسط توقعات بالطلب القوي على الوقود هذا الصيف.

واعتبرت السوق ارتفاع الإنتاج الشهري المرتفع غير كاف لتعويض خسائر الإمدادات من روسيا أو لتلبية ما يتوقع أن يكون طلباً قوياً على الوقود في الصيف على الرغم من أسعار الوقود القياسية في العديد من البلدان.

وتعود الصين تدريجياً من عمليات الإغلاق في بعض المدن الكبرى، مما يدعم أيضاً التوقعات بأن الطلب سيعزز.

وقال المزروعي: "الخطر هو عندما تعود الصين"، في إشارة إلى الطلب الصيني وقدرة "أوبك+" على توريد أكبر قدر ممكن من النفط الخام إلى العالم كما تقول اتفاقها.

في هذا الوقت، حذّرت هيئة المراقبة في الطاقة الدولية من ان أوروبا معرضة لخطر تقنين الطاقة في فصل الشتاء. ويبدو أن أوروبا معرضة لخطر تقنين الطاقة هذا الشتاء، خصوصاً إذا تزامن الطقس البارد مع عودة الطلب الاقتصادي في الصين، حسبما حذّر رئيس هيئة الرقابة العالمية على هذا القطاع. وفي بعض من أصعب التعليقات حتى الآن حول النطاق المحتمل لنقص الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية إنه يمكن إدخال التقنين لمستخدمي الغاز الصناعي وغيرهم إذا لم يتم اتخاذ خطوات سريعة لتحسين الكفاءة. وأضاف: "إذا كان لدينا شتاء قاس وشتاء طويل، وإذا لم نتخذ تدابير جانبية للطلب، لا أستبعد تقنين الغاز الطبيعي في أوروبا، بدءاً من المنشآت الصناعية الكبيرة"، وقال بيرول في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز إن الحكومات بحاجة إلى خفض الطلب على الطاقة من خلال تحسين الكفاءة، لكنه أضاف أن النقص المحتمل في الغاز سيكون أقل حدة "إذا لم يكن أداء الاقتصاد الصيني بالوتيرة المعتادة". وفي الأشهر الأخيرة، أدت القيود المفروضة كجزء من سياسة بكين الخالية من كوفيد إلى إبطاء النمو الاقتصادي وخفض الطلب على الطاقة، لكن البلاد تعيد فتح أبوابها الآن. وتعتمد العديد من الدول الأوروبية القارية اعتماداً كبيراً على الغاز الروسي وتشعر بالقلق من أن الكرملين يستخدم الطاقة للضغط على الدول التي تدعم أوكرانيا. وكانت غازبروم، عملاق الطاقة الروسي الخاضع لسيطرة الدولة، قد قطعت بالفعل الطريق على دول من بينها بولندا وبلغاريا وفنلندا، واعتباراً من الأسبوع الماضي، هولندا والدنمارك، تزعم فشلها في الامتثال لمطالبها باستخدام آلية دفع جديدة بالروبل.

في الولايات المتحدة الأميركية، تبدو الصورة غير ما هي في أوروبا. فقد استمر الطلب على البنزين في الصيف في ذروته في الولايات المتحدة في توفير أرضية للأسعار. وسجلت الولايات المتحدة انخفاضاً قياسياً في احتياطات الخام الاستراتيجية حتى مع ارتفاع المخزونات التجارية الأسبوع الماضي، حسبما أظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة (EIA).

انخفضت مخزونات البنزين الأميركية بشكل غير متوقع، مما يشير إلى مرونة الطلب على وقود السيارات خلال ذروة الصيف على الرغم من ارتفاع أسعار المضخات. 

وقال وارن باترسون، رئيس أبحاث السلع الأولية في ING انه "من الصعب رؤية جانب سلبي كبير في الأشهر المقبلة، حيث من المرجح أن تزداد سوق البنزين تشدداً مع تقدمنا في موسم القيادة"، وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن الطلب الواضح على جميع المنتجات النفطية في الولايات المتحدة ارتفع إلى 19.5 مليون برميل يومياً بينما ارتفع الطلب على البنزين إلى 8.98 ملايين برميل يومياً، حسبما قال محللو إيه.إن.زد في مذكرة.

في الخلاصة، يجب التحضّر لاحتمال ارتفاعات جديدة في سعر برميل النفط، وهي ارتفاعات، ستصيبنا بالدهشة في حينها.