متحور دلتا من كوفيد-19: جرعة لقاح واحدة غير كافية ورصد عوارض جديدة

  • 2021-07-04
  • 11:55

متحور دلتا من كوفيد-19: جرعة لقاح واحدة غير كافية ورصد عوارض جديدة

  • برت دكاش

في وقت أعلنت فيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون درلاين بتفاؤل خلال انعقاد منتدى بروكسل الاقتصادي أخيراً عودة جميع دول الاتحاد الـ27 إلى السكة الصحيحة وتعافيها من الأزمة الصحية غير المسبوقة في غضون 18 شهراً، تزداد وتيرة انتشار المتحوّر دلتا، متسبباً بالمزيد من الإصابات حول العالم ومنها بلدان أوروبية، ومعيداً الإغلاق الصارم إلى عدد من المدن، ومؤكّداً استمرار السباق مع الفيروس على الرغم من تلقيح ما يقارب 3.5 مليارات إنسان حول العالم.

دلتا يرفع عدد الإصابات مجدداً

اختارت رئيسة المفوضية تعبير "الخراب الاقتصادي" لتشير إلى حدة الأزمة التي تسببت بها جائحة كورونا، مؤكدة أن توقعات المفوضية بتحقيق الاقتصاد الاوروبي نمواً بنسبة 4.2 في المئة و4.4 في المئة العام المقبل، يرجع إلى إستراتيجية الاتحاد في مواجهة الأزمة.

لكن هل نجحت فعلاً إستراتيجية الاتحاد الأوروبي أم ان المتحور دلتا الذي رُصد حتى الآن في أكثر من 95 بلداً بحسب منظمة الصحة العالمية قد يقضي على آمال دوله وبلدان العالم أجمع، حتى تلك التي بلغت فيها حملات التلقيح مراحل متقدمة جداً ومنها بلدان أوروبية عدة حيث ارتفع فيها عدد الإصابات مجدداً بعد أسابيع من الانخفاض. وبريطانيا التي تنتشر فيها السلالة الجديدة من كوفيد-19 بشكل كبير، والولايات المتحدة حيث زادت الإصابات بالمتحور الجديد بنسبة 10 في المئة الأسبوع الفائت. وذكرت شبكة CNN أن 1 من كل 4 حالات في الولايات المتحدة هي من متحور دلتا. وأستراليا حيث فرضت بعض المدن منها سيدني وبريسباين إغلاقاً صارماً لوقف انتشار الفيروس، بينما دعت بنغلادش مواطنيها إلى ملازمة منازلهم بعد ارتفاع الإصابات بالعدوى فيها، وتسجيلها أعلى عدد وفيات في يوم واحد للمرة الأولى منذ بداية الجائحة.

وفي أفريقيا فرض حظر التجول الليلي في عدد من بلدان القارة، وفرضت ألمانيا قيوداً جديدة على السفر، فيما حدّت هونغ كونغ وتايوان من الرحلات الجوية بينها وبين المناطق الموبوءة بالمتحور دلتا.

منظمة الصحة تنصح وعلماء يشددون على التلقيح

إزاء هذا الواقع الجديد، نصحت منظمة الصحة العالمية بمواصلة الجميع وضع أقنعة الوجه بغض النظر عما إذا قد حصلوا على اللقاح المضاد للفيروس أم لا، إلا أن علماء حذروا من أن ذلك قد يؤثر على عملية التقليح، خصوصاً لدى المترددين بالحصول على اللقاح، وأكّد علماء آخرون أن اللقاحات المضادة المستخدمة حالياً توفر حماية جيدة ضد متحور دلتا، ويوافق معظمهم على أن الأشخاص الملقحين بالكامل أقل عرضة لخطر العدوى، علماً أنه في الهند، وبحسب البروفسور في علم الأحياء المجهري في جامعة كمبريدج غافي غوبتا ذكر في حديث إلى قناة دويتشه فيلي أن الفيروس تفشى بين أعضاء الجسم الطبي في المستشفيات على الرغم من تلقيهم اللقاح، وذلك في معرض ردّه على سؤال عن تخوفه من إجراءات تخفيف القيود وعودة الأنشطة الرياضية إلى طبيعتها في بريطانيا وأوروبا. وقال: "صحيح أن العوارض متوسطة، إنما أجل الوضع مقلق ولاسيما مع تخفيف القيود وفتح البلد".

في الموازاة، أعلنت شركة موديرنا أخيراً أن لقاحها فعال ضد متحور دلتا، مستندة إلى نتائج عينات دم من أشخاص ملقحين بالكامل أظهرت أنهم أنتجوا أجساماً مضادة واقية ضد عدد من المتحورات المنتشرة، بما في ذلك دلتا.

ورُصدت نتائج واعدة مماثلة في لقاحي فايزر/ بايونتك وأسترازينيكا. وأظهر تحليل صادر في منتصف  حزيران/ يونيو الماضي عن الصحة العامة في انكلترا فعالية جرعتين من لقاح فايزر/ بايونتك بنسبة 96 في المئة بالحدّ من عمليات الاستشفاء من متحور دلتا، وكذلك فعالية جرعتين من لقاح أسترازينيكا بنسبة 92 في المئة.

في المقابل، بيّنت دراسات سابقة لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها أن جرعة واحدة كانت أقل فعالية ضد الحالات التي تعاني من عوارض المتحور دلتا، مقارنة بمتحور ألفا، مسلطة الضوء على أهمية الحصول على جرعتين من اللقاح حيث جاءت الأعراض متوسطة لدى الملقحين بالكامل ممن أصيبوا بالمتحور دلتا.

أسرع على الانتشار

لماذا الخوف من متحور دلتا؟ تشير الدراسات حتى الآن إلى أن متحور دلتا هو أكثر قدرة على الانتشار بنسبة 40 إلى 60 في المئة مقارنة بمتحور ألفا الذي تمّ تحديده للمرة الأولى في المملكة المتحدة، وكان أكثر انتشاراً بنسبة 50 في المئة من السلالة الأصلية التي رصدت بداية بووهان في الصين، وأصبح متحور دلتا الأكثر انتشاراً في المملكة المتحدة وأدى إلى فورة في عدد الحالات على الرغم من ارتفاع عدد السكان الملقحين، وبسرعة أصبح أكثر تفشياً في الولايات المتحدة. 

وبحسب البروفسور في طب الخلايا ونائب الرئيس التنفيذي في معهد الأبحاث سكريبس Scripps Reseach Institution إيريك توبول، فإن متحور دلتا "هو أكثر المتحورات قدرة على نشر العدوى شاهدناها حتى تاريخه. وإذا كانت هنالك من سلالة فائقة الانتشار، فهي هذه".

وأظهرت دراسة أجريت في اسكتلندا ونشرت في مجلة لانست أن معدل استشفاء المرضى المصابين بمتحور دلتا كانت أعلى بنسبة نحو 85 في المئة مقارنة بالأشخاص المصابين بمتحور ألفا، وبسبب فارق الوقت بين مدة الاستشفاء والوفاة، لا توجد بيانات كافية لمعرفة ما إذا كان دلتا مميتاً أكثر من المتحورات الأخرى.

عوارض جديدة للفيروس

يبدو أن تحور الفيروس يرافقه تحور في العوارض أيضاً. وبحسب تطبيق هاتفي في المملكة المتحدة يستخدمه المصابون بالفيروس لتسجيل عوارضهم، تبين أن أكثر العوارض المشتركة للمصابين بكوفيد-19 ربما تكون تغيرت مقارنة بتلك المنسوبة تقليدياً إلى الفيروس.

وعلى الرغم من كون التطبيق لا يأخذ في الحسبان نوع المتحور الذي يعاني منه المشاركون فيه، إلا أنه، واستناداً إلى كون متحور دلتا هو المتصدّر للمشهد حالياً في المملكة المتحدة، فالرهان على كون العوارض المرصودة في التطبيق تعكس متحور دلتا.

وفي حين كانت الحرارة والقحة من العوارض المشتركة لكوفيد، ورصدت آلام الرأس والحنجرة عند البعض تقليدياً، إلا أنه نادراً ما رصد سيلان الأنف في البيانات السابقة، علماً أن فقدان حاسة الشم، كانت في الأساس من العوارض المشتركة لدى المصابين بالفيروس في حين تحتل الآن المركز التاسع ضمن قائمة عوارض الفيروس.

وما يدعو إلى الاعتقاد بتطور عوارض الفيروس، ربما يعود إلى تطور الفيروس نفسه، والخصائص المختلفة (العوامل الفيروسية) لمتحور دلتا، وإلى ارتفاع معدلات التلقيح لدى الأشخاص المتقدمين في السن وبالتالي ممن يعدون النسبة الأكبر من حالات كوفيد الآن هم أصغر سناً، ويميلون إلى اختبار عوارض متوسطة، وربما مختلفة أيضاً، غير إن ذلك يحتاج إلى المزيد من الدراسات.

تطوير المزيد من اللقاحات

في سياق منفصل، تستمر الأبحاث عالمياً لتطوير المزيد من اللقاحات المضادة لكوفيد-19. فقد أعلنت شركة كاديلا هيلثكير المحدودة Cadila Healthcare Ltd الهندية عن سعيها للحصول على موافقة الهيئة الناظمة للدواء في البلاد على لقاح يستند إلى تكنولوجيا الحمض النووي المضاد لكوفيد-19 بعد أن برهنت الاختبارات السريرية فعالية الجرعة.

وتقدم صانع الدواء بطلب الاستخدام الطارئ للقاح الذي يستخدم تكنولوجيا الحمض النووي لتعريف خلايا الجسم على إنتاج بروتينات تخلق استجابة حمائية، وفق بيانات تم تداولها. وذكرت الشركة أن المرحلة الثالثة من الاختبار على 28 ألف متطوع في 50 مركزاً أظهرت معدل فعالية بنسبة 67 في المئة، علماً أنه معدل أدنى من معدلات جرعات موديرنا وفايزر/بايونتك اللتين تستخدمان تكنولوجيا الحمض النووي الريبي المرسال messenger RNA.

وذكرت الشركة أن الدراسة أجريت "في ذروة الموجة الثانية من كوفيد-19، معيدة تأكيد فعالية اللقاح ضد السلالات المتحورة الجديدة، خصوصاً متحور دلتا"، وتنوي الشركة تصنيع ما لا يقل عن 120 مليون جرعة سنوياً من اللقاح الذي يتطلب ثلاث جرعات والذي يعطى داخل الجلد بواسطة أداة من دون إبرة طوّرتها الشركة.

يذكر أيضاً أن شركتي AnGes Inc  اليابانية وInovio Pharmaceuticals Inc الأميركية هما من بين الشركات التي تعمل على لقاحات تستند إلى تكنولوجيا الحمض النووي. وكما تكنولوجيا الحمض النووي الريبي المرسال mRNA، لم يستخدم أي لقاح حمض نووي حتى الآن على نطاق واسع ضد أي مرض، إنما تعتبر أكثر استقراراً وأسهل في التخزين مقارنة بجرعات mRNA.