الصين تسمح للآباء بالحصول على ثلاثة أطفال شرط المزيد من العمل

  • 2021-06-01
  • 08:44

الصين تسمح للآباء بالحصول على ثلاثة أطفال شرط المزيد من العمل

  • ترجمة أحمد عياش

سجلت الصين تطوراً تاريخياً بتغيير سياستها السابقة التي تقضي حصر الانجاب بطفل واحد لكل اسرة. ماذا حدث حتى غيّر البلد الاكثر تعداداً للسكان في العالم؟

في تقرير نشرته صحيفة "ذا غلوب واند" أعدّه مراسلها في بكين ناثان فاندر كليب: ستسمح الصين بإنجاب ثلاثة أطفال، وهو تخفيف آخر لسياسات تنظيم الأسرة مع تباطؤ النمو السكاني في البلاد.

ولن تسمح بكين الآن للأسر الأكبر حجماً فحسب، بل إن المكتب السياسي الحاكم في الصين، في اجتماعه الاخير، أيّد مجموعة من التغييرات لجعل إنجاب الأطفال أكثر جاذبية للشباب الذين يشعر العديد منهم بالقلق إزاء تكلفة الأطفال الإضافيين. ودعت السلطات إلى إنشاء رعاية شاملة للأطفال، وخفض التكاليف التعليمية، وتعزيز إجازة الأمومة، وتوفير سياسات ضريبية أكثر دعماً، وحتى السيطرة على ما أسمته الممارسات الزوجية السيئة وارتفاع تكلفة الهدايا للعرائس- التي ينظر إليها على أنها عقبة أمام الزواج.

كما تعهد قادة الصين بزيادة رفع سن التقاعد الإلزامية - للحفاظ على عمل كبار السن - و"تعزيز الفضائل التقليدية للتقوى البنيوية واحترام المسنين بقوة"، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية.

بعد عقود من الضوابط التدخلية على الإنجاب، تخلت الصين عن سياسة الطفل الواحد في العام 2015، ما سمح للأسر بأن يكون لها طفلان على الأقل، وقد أدى هذا التغيير في السياسة العامة إلى حدوث طفرة طفيفة في عدد المواليد في العام التالي، ولكن معدل المواليد السنوي استمر في الانخفاض في ما بعد.

يذكر ان 12 مليون ولادة في الصين العام الماضي كانت الادنى منذ العام 1961.

وقد اظهر أحدث تعداد للسكان صدر في منتصف مايو/أيار ان عدد سكان الصين يواصل النمو ولكن بوتيرة بطيئة بشكل متزايد. وتهدد التركيبة السكانية الناشئة قدرة البلاد على الحفاظ على وتيرة توسعها الاقتصادي، الذي تأسس جزئياً على عدد من السكان الشباب. والآن، فإن الهيكل العمري غير المتوازن على نحو متزايد، مع نمو الجيل الأكبر سناً بسرعة مع انخفاض عدد المواليد، من المتوقع أن يضع ضغوطاً جديدة على نظام الرعاية الاجتماعية الذي لم يتطور بالكامل بعد.

وقال جيانغ شيويه تشين الباحث المقيم في بكين والذي يدرس المدارس الصينية: "إن الاتجاهات الديمغرافية تشير الى نهاية الحلم الصيني"، ولكن في بلد تجاوزت فيه أسعار العقارات في المدن الكبرى الرواتب إلى حد كبير، ثبت أن إقناع الشباب بالحصول على أسر أكبر أمر صعب.

وقال جيانغ "ان الشباب، وخصوصاً الشابات، لا يريدون ان يكون لهم اطفال، ومن منظور الاقتصاد الكلي، فإن الامر مكلف للغاية وعقابي".

وأظهر التعداد زيادة بنسبة 5.38 في المئة في عدد السكان على مدى العقد الماضي، وهو أبطأ معدل نمو منذ التعداد السكاني الأول في الصين الحديثة، في العام 1953. وانخفض معدل المواليد في البلاد إلى مستويات شوهدت في بلدان أخرى سريعة الشيخوخة مثل اليابان.

ولكن جهود الصين لتعزيز الأسر الأكبر حجماً تتزامن مع تطبيق قوانين تنظيم الأسرة بشكل أكثر صرامة في منطقة شينجيانغ الشمالية الغربية، حيث ارتفعت معدلات التعقيم بسرعة بين سكان الأويغور الذين تقطنهم أغلبية مسلمة. وقد أمرت النساء بتزويد السلطات بتحديثات فصلية عن حالة حملهن من خلال إجراء فحوصات بالموجات فوق الصوتية واختبارات البول.

وقال مسؤولون هناك لنساء الأويغور إنه يجب عليهن الحصول على إذن من الحكومة قبل الحمل، حتى لو كان لهن طفل واحد فقط ويحق لهن قانوناً الحصول على المزيد. وقد رفضت الصين اتهامات البرلمانيين في العديد من البلدان بما في ذلك كندا بأن سياسات شينجيانغ التي ينتهجها ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.

وانتقد المسؤولون الصينيون معدلات المواليد بين الأويغور، حيث أشارت السفارة الصينية في واشنطن العاصمة ذات يوم إلى نساء الأويغور باعتبارهن "آلات لصنع الأطفال"، ويقول العلماء إن بكين تريد الحفاظ على السيطرة على السكان الذين ترى أنها غير مسؤولة عندما يتعلق الأمر بلا إنجاب الأطفال.

وقال تشو هاي وانغنائب مدير معهد السكان والتنمية في اكاديمية شانغهاي للعلوم الاجتماعية انه على الرغم من ان الكثيرين دعوا الى الالغاء الكامل لتنظيم الاسرة فى الصين " الا انه اذا تم تحريره تماماً، فإن ذلك سيدفع بعض الناس الى ان يكون لهم اطفال غير محدودين".

وقال ان سياسة الاطفال الثلاثة " يمكن ان تفي اساساً بالرغبة الانجابية لمعظم الاسر من دون التسبب في الكثير من خطر الإفراط فى الولادة "، والواقع أن "العديد من الأسر غير راغبة في الإنجاب".

وقال انه اذا كان للصين ان تنجح في اقناع الناس بالحصول على المزيد من الاطفال، فإن السياسات الاخرى اهم بكثير، وأشار إلى أن تكلفة السكن هي أكبر مصدر للتوتر بالنسبة الى العديد من الأسر الصينية ولم تعد موجودة فقط في المدن الكبرى، ولم تكلل الجهود الرامية إلى الحدّ من تكاليف السكن في السنوات الأخيرة إلا بنجاح هامشي.

ومع ذلك، قال تشو إن دعوات المكتب السياسي لإجراء تغييرات مجتمعية أوسع نطاقاً، تتجاوز السماح بطفل ثالث، هي مدعاة للتفاؤل.

وأضاف: "إن البلاد اكدت بشجاعة غير مسبوقة على اهمية السياسات الداعمة لتعزيز الخصوبة لأول مرة "، موضحاً: "يجب ان يكون ذلك قادراً على القيام بدور ما".

والضغوط المجتمعية والاقتصادية لإنجاب الأطفال في الصين كبيرة. ويحق للمرأة في الصين الحصول على إجازة أمومة 14 أسبوعاً فقط، ويحصل الآباء عادة على أسبوعين فقط.

في شنغهاي، يبلغ متوسط تكلفة تربية الطفل نحو 160,000 دولار، حسبما ذكرت أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية في العام 2019، ولا يشمل سعر العقارات في أفضل المناطق المدرسية.

ويمكن أن تكون الأعباء الأخرى كبيرة بالقدر نفسه. في العام 2016، أمضى أطفال المدارس الابتدائية والمتوسطة في شنغهاي ما متوسطه ثلاث ساعات تقريباً في الواجبات المنزلية يومياً.

باو هوي، 33 عاماً، وهي متخصصة في التسويق في شنغهاي، ولها ابنة واحدة تقول: "تربية طفل واحد فقط يحرقنا أنا وزوجي". وتضيف: "فكرت ذات مرة في ثانية واحدة، حتى أدركت أن الموارد التي لدينا بالكاد تكفي لواحد فقط"، وهي الآن مصممة على عدم الحصول على المزيد وترفض محاولات الحكومة لتشجيع الأسر الأكبر حجماً "باعتبارها غير كافية". بالنسبة إليها أن يكون لها طفل ثان، فإن ما قد يساعد في هذا الأمر هو المزيد من المال.