الميزانية السعودية للربع الأول: تحريك الانفاق على برامج التحول وخفضه على البنود العامة

  • 2021-05-05
  • 16:11

الميزانية السعودية للربع الأول: تحريك الانفاق على برامج التحول وخفضه على البنود العامة

  • رشيد حسن

 


سجل تقييم الأداء المالي للميزانية السعودية عن الربع الأول من 2021 اتجاهين أساسيين في السياسة المالية للحكومة السعودية: الاتجاه الأول هو الاستمرار في خفض الإنفاق على البنود العامة بهدف تقليص العجز المالي والعمل في اتجاه تحقيق التوازن المالي بحلول العام 2024  وفي الوقت نفسه إعطاء أولوية واضحة لزيادة الإنفاق على "الموارد الاقتصادية" وهو البند المتعلق بالإنفاق على مشاريع رؤية 2030 والمبادرات الرئيسية الأخرى التي تقع ضمن خطة التحول الوطني، لكن يلاحظ في الوقت نفسه كيف انخفض الإنفاق الاستثماري عبر الميزانية نتيجة للدور المتعاظم الذي بات يلعبه صندوق الاستثمارات العامة في تحمل مسؤولية الإنفاق الاستثمارية وتمويل الاندفاعة الاقتصادية للمملكة في مختلف القطاعات. 

قفزة ضريبة القيمة المضافة

أظهر التقرير الربعي الأول عن أداء الميزانية السعودية زيادة كبيرة في الإيرادات غير النفطية التي ارتفعت من 63.3 مليار ريال في الربع الأول من 2020 إلى 88.2 مليار ريال، بزيادة 39 في المئة، وتعود هذه القفزة بالدرجة الأولى إلى الزيادة الكبيرة التي تحققت في الربع الأول من هذا العام من العائد الإضافي على ضريبة القيمة المضافة نتيجة ربع معدلها من 5 في المئة إلى 15 في المئة ابتداء من أول تموز/يوليو 2020، إذ ونتيجة لذلك،  قفز العائد من "الضرائب على السلع والخدمات" من 30.6 مليار ريال في الفصل الأول من 2020 إلى 53.6 مليار ريال في الفصل الأول من العام الجاري بزيادة 75 في المئة.  

ويتوقع أن يستمر هذا الاتجاه وتظهر نتائجه في تقرير أداء الميزانية عن الربع الثاني من العام الجاري الذي سيستفيد أيضاً من نتائج تطبيق الزيادة على القيمة المضافة ابتداء من النصف الثاني من العام 2020.

ويلاحظ في الميزانية بند "إيرادات أخرى" الذي يساهم بنحو 27 في المئة من المداخيل غير النفطية وحسب تقرير توضيحي لوزارة المالية فإن هذا البند يمثل الدخل الذي تحققه الدولة من "الغرامات والجزاءات والمصادرات" والتي أصبحت منذ بضع سنوات تمثل بنداً متكرراً وبارزاً في الدخل غير النفطي للميزانية الحكومية.

 

تراجع نسبي في الإنفاق

تظهر نتائج الفصل الأول من 2021 تراجعاً طفيفاً في المصروفات لأكثر بنود الميزانية العامة، وتراوح الانخفاض ما بين 2 في المئة للإدارات العامة و18 في المئة للقطاع العسكري و9 في المئة للخدمات البلدية و16 في المئة على التجهيزات الأساسية و14 في المئة للبنود العامة، بينما استقر الإنفاق على قطاعات أساسية مثل الصحة والتعليم. ومن الواضح أن الحكومة السعودية عادت إلى تبني أولوية العمل على خفض عجز الميزانية وصولاً إلى التوازن المالي في العام 2024 وذلك بعد أن شددت في العام الماضي على زيادة الإنفاق في نطاق توفير الدعم الاستثنائي للاقتصاد وخصوصاً للقطاع الخاص والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بهدف احتواء الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا وتأمين استمرارية الأعمال والشركات ووظائف العاملين فيها.

الأولوية للإنفاق الاستثماري

يلاحظ مع ذلك وجود استثناءين بارزين على اتجاه الدولة السعودية لخفض الإنفاق وهما:

  1. القفزة الكبيرة في الإنفاق على بند "الموارد الاقتصادية" من 7.9 مليارات ريال في الربع الأول للعام 2020 إلى 11.5 مليار ريال للفصل الأول من 2021 (أي بزيادة 45 في المئة) وذلك نتيجة لإعادة التركيز على تحقيق أهداف رؤية 2030  والإنفاق على المشاريع ومبادرات برامج الرؤية وغيرها من أوجه الإنفاق الاستثماري.
  2. القفزة المسجلة في بند المنح من 160 مليون ريال إلى 2,759 مليون ريال، الأمر الذي يعكس استمرار الدولة في الإنفاق الاستثنائي ضمن نطاق مساعدة الاقتصاد على احتواء آثار الجائحة.

أما الارتفاع الكبير في بند نفقات التمويل (نحو24 في المئة)  فيعكس ارتفاع تكلفة خدمة الدين نتيجة لتمويل العجز جزئياً عبر الاقتراض الداخلي والخارجي.

نتيجة لهذه الموازنة المرنة بين خفض الإنفاق الحكومي في البنود العامة وبين زيادته في بنود الإنفاق الاستثماري ودعم الاقتصاد، فقد استقر انخفاض النفقات في الربع الأول من العام الحالي على 6 في المئة بالمقارنة مع الإنفاق الفعلي المسجل في الربع الأول من 2020 وهي علامة واضحة على أن الاقتصاد السعودي يقترب من مرحلة تجاوز الاختبار المؤلم لجائحة كورونا ويتجه بصورة ثابتة نحو استعادة أولويات التنمية ومشاريعها.