تقرير متفائل لصندوق النقد: حجم تعافي الاقتصاد العالمي مرهون بنتيجة السباق بين الفيروس واللقاحات

  • 2021-04-08
  • 07:59

تقرير متفائل لصندوق النقد: حجم تعافي الاقتصاد العالمي مرهون بنتيجة السباق بين الفيروس واللقاحات

توقعات مشجعة للسعوديّة ومصر وعمان والمغرب وغياب أي توقعات عن آفاق الاقتصاد اللبناني

  • خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"

 

أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً شاملاً حول آفاق الاقتصاد العالمي للعامين 2021 و2022 في محاولة للتنبؤ بالمرحلة التالية لانفجار وباء كورونا وانتشاره بصورة هائلة في مختلف أنحاء العالم في السنة 2020.

ولم يتضمن التقرير توقعات تتجاوز أفق السنتين المقبلتين نتيجة لوجود عوامل يصعب التنبؤ بها مثل تطور جائحة كورونا نفسها، وكذلك تطور إجراءات التطعيم في العالم ومدى السيطرة التي سيمكن تحقيقها على الوباء.

إلا أن التقرير نوّه بالإجراءات الحازمة التي تمّ اتخاذها على النطاق العالمي لاحتواء الجائحة وآثارها الاقتصادية وتوفير حزم الدعم للأسواق، وقال إن الانهيار الذي شهده العام الماضي كان سيكون أخطر بثلاث مرات لولا تلك الإجراءات السريعة، والتي كان لعدد من الأسواق العربية خصوصاً في الخليج نصيب كبير منها.

وبناء على تحليل المعطيات والمتغيرات التي تؤثر في الأداء الاقتصادي العالمي يتوقع الصندوق الآن معدلات أعلى من توقعات كان أعلن عنها سابقاً، إذ يقدر أن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 6 في المئة في العام 2021 و4 في المئة في العام 2022، إلا أن المشكلة الأساسية التي تواجه الاقتصاد العالمي وقد تؤخر مهلة التعافي هي التفاوت الكبير في معدلات التعافي سواء بين البلدان أم داخل كل بلد وكذلك وجود احتمالات قوية باستمرار الأضرار الكبيرة التي تسببت بها الجائحة في إلقاء ثقلها على أداء الاقتصاد العالمي.

سباق الفيروس واللقاحات

وحسب الصندوق، فإن التعافي المتفاوت السرعات يرتبط من جهة بحجم الأضرار التي تسببت بها الجائحة حتى الآن كما يرتبط بوتيرة توفير اللقاحات والسرعة التي يتم بها تطعيم السكان، فضلاً عن سياسات الدعم الحكومي وعدد من العوامل البنيوية مثل الاعتماد الكبير على السياحة. واعتبر تقرير صندوق النقد الدولي أن الكثير من التطورات التي قد تسرّع عملية التعافي أو تعيقها يتوقف على نتيجة السباق بين الفيروس وبين اللقاحات التي يتم تطويرها ونشرها، وعلى فعالية الحملة العالمية للتطعيم الشامل وتوفير المناعة المجتمعية ضد الفيروس.

أميركا والصين يقودان مرحلة التعافي

بين الاقتصادات المتقدمة يتوقع الصندوق أن تتجاوز الولايات المتحدة معدلات النمو التي كانت تسجلها قبل الجائحة، أما في أوروبا فيتوقع أن تعود بلدانها إلى مستويات ما قبل الجائحة.

في الاقتصادات الصاعدة المثال الأبرز للتعافي السريع هو الصين التي عادت إلى معدلات نمو ما قبل الجائحة في العام 2020، أما بقية الدول الآسيوية فلا يتوقع أن تعود إلى معدلات ما قبل الجائحة قبل العام 2023.

وأوضح التقرير أن الدول النامية والمتقدمة (باستثناء الصين) ستخسر خلال الفترة 2020-2022 نحو 20 في المئة من معدلات الدخل التي كانت تتوقعها في العام 2019 قبل الجائحة.

لكن على عكس ما حصل بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008، عندما كانت الاقتصادات المتقدمة هي الأكثر تأثراً بالصدمة مقابل أضرار أقل للاقتصادات الناشئة، فإن الأضرار المتوسطة الأمد للجائحة ستصيب هذه المرة الدول النامية والأقل دخلاً بصورة أقسى بينما ستبقى الأضرار التي تصيب الاقتصادات المتقدمة أقل بكثير مما حصل بعد الأزمة المالية الكبرى للعام 2008 (راجع الرسم البياني)

شبح ارتفاع الفوائد

لاحظ التقرير بروز اتجاه لرفع الفوائد في الدول المتقدمة ربما بهدف امتصاص أي أثر تضخمي لتسارع وتيرة التعافي الاقتصادي، لكن التقرير أعرب عن خشيته من أن يؤدي استمرار الاتجاه لرفع الفوائد إلى الإضرار بالعديد من الدول النامية ذات المديونيات الكبيرة أو التي قد تحتاج للاقتراض من أسواق الدين بهدف تعويض الانكماش الذي تسببت به الجائحة وتحريك عجلة الاقتصاد.

الأولوية للقطاع الصحي

وشدّد صندوق النقد الدولي في تقريره على أنه لطالما أن الجائحة مستمرة، فإن الإنفاق الحكومي يجب أن يركز بالأولوية على الرعاية الصحية مثل إنتاج اللقاحات وتوزيعها وعلى البروتوكولات العلاجية والبنية التحتية للقطاع الصحي، على أن يترافق كل ذلك مع توفير الدعم لدخل الأسر وللشركات التي تأثرت بالجائحة.

ولاحظ الصندوق أن صناعة اللقاحات تحاول الآن إنتاج ثلاثة أضعاف ما تنتجه من اللقاحات في سنة عادية، إلا أن التقرير انتقد التوزيع غير العادل للقاحات في العالم إذ استأثرت الدول المتقدمة بنحو 50  في المئة من الجرعات اللقاحية المتوافرة رغم أنها تمثل 16 في المئة من سكان العالم. 

ارتفاع أسعار السلع الغذائية

لاحظ تقرير الصندوق أن اضطراب التجارة الدولية ومسارعة الحكومات للاحتفاظ بما تمتلكه من مخزونات سلعية وغذائية أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء والمشروبات التي ارتفع مؤشر أسعارها بنسبة 20 في المئة خصوصاً كنتيجة لارتفاع أسعار الزيوت النباتية والحبوب والتي ارتفعت نحو 45 و41 في المئة على التوالي في العام 2020 بينما شهد النصف الثاني من العام الماضي بصورة خاصة قفزات في أسعار المحاصيل الغذائية مثل القمح والذرة وفول الصويا وزيت النخيل، وهو ما بدا معاكساً لاتجاه الأسواق نحو استقرار أسعار السلع أو هبوطها جزئياً قبل الجائحة.

أداء البلدان العربية

قدّم صندوق النقد الدولي توقعات شاملة للأداء المتوقع للدول العربية في السنة الحالية والمقبلة سواء لجهة معدلات نمو الناتج المحلي أم معدل أسعار الاستهلاك أم الموازين المالية، وأعطى الصندوق أدنى توقعات النمو لكل من السودان والأردن ولبنان، ولبنان هو البلد الوحيد الذي لم يضع الصندوق أي توقعات له للسنوات المقبلة، سوى الإشارة إلى أن العام 2020 شهد تراجع الناتج المحلي بنسبة 25 في المئة وارتفاع معدل التضخم بنسبة 88.3 في المئة.

وبصورة عامة أورد الصندوق توقعات مشجعة لبلدان مثل السعودية ومصر وعمان والعراق وقطر والمغرب، وجاءت التوقعات لبقية الدول العربية في منزلة وسط لكنها تقل بصورة متفاوتة عن معدلات الأداء التي يتوقها الصندوق للاقتصاد العالمي. (راجع الجدول).