احتياطات لبنان على الصفيح الساخن المزدوج: الدعم والمنصة

  • 2021-04-03
  • 11:51

احتياطات لبنان على الصفيح الساخن المزدوج: الدعم والمنصة

  • علي زين الدين

​  

هبطت احتياطات مصرف لبنان من العملات الصعبة، مطلع الشهر الحالي، الى 22.15 مليار دولار، متضمنة سندات دين حكومية (يوروبوندز) بقيمة إسمية تبلغ 5 مليارات، ما يعني ان الاحتياط النقدي وصل الى 17.1 مليار دولار. في المقابل، زادت الكتلة النقدية بالعملة الوطنية المتداولة خارج البنك المركزي الى 36.5 تريليون ليرة.

تكتسب هذه الارقام أهمية خاصة كونها تتصادف مع نضوب الأموال القابلة للاستخدام التي تموّل منظومة الدعم للمواد الاستراتيجية والاساسية، اذا ما تمّ تحييد مبالغ الاحتياطي الالزامي المتصلة بحقوق المودعين في المصارف، كذلك هي تستبق انطلاق المنصة الالكترونية الثلاثية الضلع التي يديرها مصرف لبنان بمشاركة الجهاز المصرفي وشركات الصرافة، محدداً هدفها "بتنظيم عمليات الصرافة وذلك حماية لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وتحضيراً للقيام بعمليات الصرافة بالعملات الأجنبية مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية".

وفي التحضيرات للمنصة، منح مصرف لبنان مسبقاً رخصة صرافة للمصارف لتمكينها من القيام بمهام الصرافة النقدية، وطلب اليها الاشتراك في المنصة المنشأة خلال مهلة أقصاها منتصف الشهر الحالي، على أن يجري تحديد وصف العمليات والتسعير ومقتضيات التشغيل والمسؤوليات في تعاميم تالية، كما يتم تدريب الكوادر والموظفين المكلفين على الانظمة المعلوماتية والبرنامج الذي سيجري اعتماده.

بمعزل عن أزمة الدعم المرشّحة للانفجار وشيكاً، تبدو الصورة "وردية" ضمن هذه الاحصاءات والمحددات، باعتبار ان الطابع التقني للتدبير الذي اعتمده البنك المركزي سيفضي الى نشوء سوق الكترونية لتبادل العملات وفق قاعدة العرض والطلب، وسيتيح للتجار والمستوردين الحصول على احتياجاتهم من العملات الصعبة من دون الخضوع لمنظومة الصرافة المتجولة وغير المشروعة في غالب الاحيان، والتي تتحكم بالاسعار عبر تطبيقات هاتفية ومن دون امكانية التحقق من صحة كامل الكميات الورقية المعروضة.

لكن التدقيق قليلاً في الاحصاءات يبيّن أن رقم الاحتياط الاجمالي يشمل نحو 15.7 مليار دولار من احتياطي الودائع، ما يبقي نحو 1.4 مليار دولار فقط كاحتياط حرّ من اي التزام مقابل، وهو المبلغ المتاح نظرياً للضخ عبر المنصة انطلاقاً من سعر مبدئي يوازي نحو 10 آلاف ليرة لكل دولار، علماً ان تراجعاً في حجم الاحتياطي الالزامي ربطاً بالسحوبات من الودائع، يحتّم إعادة الجزء المحرر الى المصرف المعني.

وما من مصدر آخر لضخ الدولار في الاسواق عملياً، اقلّه في المرحلة الأولى، خارج البنك المركزي انسجاماً مع مبادرته لاطلاق المنصة وادارتها وعودته الى ممارسة دوره في ضبط السيولة النقدية، مقابل ضآلة الكميات التي يمكن توفرها لدى الصرافين، بينما تعاني المصارف من جفاف الدولار الحقيقي عقب تعقيم توظيفاتها البالغة نحو 80 مليار دولار لدى المركزي، واقدام الحكومة منذ عام على تعليق دفع مستحقات السندات الدولارية وفوائدها المتوجبة كل 6 أشهر، حيث تحمل المصارف نحو 10 مليارات دولار من اجمالي المحفظة البالغة نحو 30 مليار دولار من دون احتساب الفوائد المتراكمة التي قاربت 4 مليارات دولار.

في الأعمق، تبرز اشارات وشكوك بشأن التصرف بالاحتياط يمكن تتبعها بسهولة من خلال استسهال الدولة السحب من الاحتياط من دون التمييز بين الاحتياطين الحر والالزامي، وهو ما استدعى إعادة "تأكيد المؤكد" من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في الاجتماعات الأخيرة في السراي، فقد جزم منذ بداية السنة الحالية بقرب نفاد الأموال القابلة للاستخدام، وصارح حكومة تصريف الأعمال رئيساً ووزراء مختصين بضرورة حسم ملف الدعم واقرار ترشيده بأقصى سرعة.

أخيراً، بادر وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني ليجاهر بأن المال المخصص لتمويل الواردات الأساسية سينفد في حلول نهاية أيار/مايو وأن التأخيرات في إطلاق خطة لخفض الدعم تبلغ كلفتها 500 مليون دولار شهرياً. وقال وزني لـ "رويترز" إن المصرف المركزي طلب من حكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار بشأن الرفع التدريجي للدعم لتقنين احتياطات النقد الأجنبي المتبقية.  

وقد فرضت جسامة الملف وتداعياته، تحركاً واعداً من نقابة المحامين التي أنذرت، في كتاب سلّمته الى جمعية المصارف ووقّعه النقيب ملحم خلف، "باتّخاذ الإجراءات القانونيّة والقضائيّة كافة مع المصارف في لبنان ولدى المصارف المراسلة لمصرف لبنان، لمنع هذا الأخير من التصرّف بما تبقّى لديه مِن أموال المودِعين".

واستجابت جمعية المصارف لمبادرة "المحامين"، لتؤكد المؤكد بدورها من خلال كتاب رسمي رفعته الى سلامة، ان اموال الاحتياطي الالزامي هي ايداعات ذات تخصيص محدد، لا يمكن استخدامها سوى للغاية المعدّة لها حصراً، ولكونها محتسبة كنسبة من التزامات المصارف، فإنه يقتضي مع انخفاض الودائع بالعملة الاجنبية تحرير القسم المقابل وإعادة الفائض الى المصارف عبر نقل المبالغ من حسابات البنك المركزي الخارجية الى حسابات المصارف لدى البنوك المراسلة.