ميزان المدفوعات: لبنان ينزف 10.55 مليارات دولار!

  • 2021-03-01
  • 12:50

ميزان المدفوعات: لبنان ينزف 10.55 مليارات دولار!

  • علي زين الدين

 بحصيلة قياسية ستحملها البيانات المالية الوطنية طويلاً، بلغ عجز ميزان المدفوعات، في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية المستفحلة، 10.55 مليارات دولار في العام 2020، منذراً بنضوب "القرش الأخضر" في احتياطات العملات الصعبة لدى مصرف لبنان، وواشياً بمخاطر امتداد "اليد" الى احتياطات الودائع المحبوسة اساساً في المصارف اللبنانية، او سيلان اللعاب صوب احتياطات الذهب الممنوعة من الصرف تشريعياً، وبوصفها المظلة الوحيدة المتبقية للناس وللاقتصاد ولكيان الدولة في لبنان.

قد يهمك:

دلالات الرقم الضخم والاستثنائي بكل المقاييس تتنافس من حيث الأهمية، ومن حيث التداعيات على مستقبل القطاع المالي المنهك في ظل دومينو الانهيارات المتواصلة نقدياً مع بلوغ الدولار عتبة 10 آلاف ليرة، والمعززة بحصار مالي خارجي يكاد يصل بعروق السيولة الى حدود الجفاف التام. وكاد المشهد يتعمق دراماتيكياً لولا انكماش عجز الميزان التجاري الى أكثر من النصف ولولا تحويلات من مواطنين غير مقيمين ومساعدات دولية للنازحين والمعوزين قاربت 7 مليارات دولار في العام الماضي. وليس معروفاً مدى تواصل تدفقها بالوتيرة عينها طالما تنكفىء الحلول والمعالجات المولج بها أهل الحل والربط.

 

للمتابعة:

في الرسمين التاليين، يمكن استخلاص ابرز الاشارات "المرعبة" في مضمونها وتداعياتها، ومنها على سبيل التعداد لا الحصر:

 

أولاً: الدولارات المفقودة في العجز هي حقيقية وليست "لولار" او أي تسمية جديدة. وهكذا مبلغ لا يأمل لبنان نصفه من البرنامج الموعود مع صندوق النقد الدولي، في حال تشكلت الحكومة في وقت قريب واستؤنفت المفاوضات المعلقة. بل هو يساوي كامل المبالغ التي رصدها مؤتمر "سيدر" في ربيع العام 2018، والمشروط بحكومة فاعلة وحزمات اصلاحات لم تجد ضالتها في " سويسرا الشرق " التي تستنهض ملفات بشبهة فساد محلي في سويسرا "الغرب"!

 

من تقارير "أولاً- الاقتصاد والأعمال"

ثانياً: يوازي العجز المسجل ما يزيد عن 56 في المئة من الناتج المحلي الذي قدر صندوق النقد الدولي انه انحدر الى نحو 18.7 مليار دولار بنهاية العام الماضي. وهو لا يقل بأي حال عن 42 في المئة من الناتج، بحسب أعلى التقديرات تفاؤلا عند مستوى 25 مليار دولار. بذلك هو معدل ريادي يضاهي به لبنان دول العالم في لوائح تصنيف الدول الفاشلة.

ثالثاً: بحسب المعطيات المتوفرة، يزيد بند الأموال الخارجة على مخصصات الدعم عن 6 مليارات دولار. والجزء الأكبر من هذا المبلغ لا يصل الى مستحقيه، بل يدخل مباشرة الى حسابات المهربين والمحتكرين. والأنكى ان مبالغ "الدعم؟" تماثل نحو ضعفي الارصدة المحددة بنسبة 3 في المئة من اجمالي الودائع، والتي يتوجب على الجهاز المصرفي ايداعها في حسابات خارجية.

رابعاً: لم تظهر اي اشارات جدية تنبئ بالحد من وتيرة النزف. بل تعلو المطالبات بضخ المزيد تحت وطأة عتمة الكهرباء وارتفاع اسعار المحروقات وشح الدواء وندرة المواد المدعومة والدولار الطالبي ...

خامساً: في مثل هذا الاسبوع من العام الماضي، تسبب قرار الحكومة بتعليق صرف استحقاق شريحة من محفظة سندات اليوروبوندز بخروج لبنان من الاسواق المالية الدولية. ثم تعزز بخطوات لاحقة كفلت انضمام لبنان الى نادي الدول الفاشلة ماليا. حينذاك كان لدى حاكم مصرف لبنان ما يشبه التفويض التام من الدائنين المحليين وشبه المغطى من الدائنين الخارجيين لإنجاز عملية "سواب" على كامل مستحقات العام، على ان يتم سداد موجبات الفوائد لكامل شرائح المحفظة، علماً ان الكلفة المقدرة كانت تفوق قليلاً الملياري دولار، مقابل حفظ سمعة لبنان المالية وحفظ تواصله مع الاسواق المالية الدولية وتقلص الضغوط على سعر صرف الليرة.