الجائحة ترسخ مكانة شركات التوصيل في لبنان

  • 2021-02-09
  • 18:30

الجائحة ترسخ مكانة شركات التوصيل في لبنان

التجار وأصحاب منصات البيع الإلكترونية والمطاعم يقودون الطلب على خدمات التوصيل

  • رانيا غانم

في الوقت الذي تصارع فيه القطاعات الاقتصادية كافة في لبنان من أجل البقاء، يسير قطاع التوصيل بعكس التيار، محققاً نجاحات ملموسة تاركاً بقعة ضوء وإن كانت صغيرة لبعض رواد الأعمال والمستثمرين. فقرار التعبئة العامة وسياسة الإغلاق اللذين اعتمدا بعيد انتشار جائحة كورونا، أظهرا الحاجة الماسة لشركات التوصيل، وأعطيا قطاع التوصيل دفعة قوية إلى الأمام.

تشهد سوق التوصيل منذ بداية العام الماضي تطوراً غير مسبوق في لبنان، يعود إلى الطلب المتنامي المتأتي من قبل الأفراد أو من قبل أصحاب منصات التجارة الإلكترونية أو من محال التجزئة والسوبر ماركت، وحتى من الأشخاص الذين يملكون منصات خاصة للبيع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد ساهمت تلك الفورة في ولادة بعض شركات التوصيل الجديدة، وترسيخ مكانة شركات توصيل قائمة على غرار Toters وHop n’ Drop وOnlivery وغيرها، كما إنها أعطت بعض الشركات التي تملك منصات للطلب عبر الإنترنت حافزاً لاستحداث أقسام مخصصة للتوصيل وتكوين أسطول خاص بها للنقل والتوزيع، وحثت آخرين على توسيع أسطول النقل وتطوير التقنيات المعتمدة للتوصيل والتسليم.

إقرا:

فيروس كورونا يُنعش "سوق التوصيل" في الإمارات

نمو غير مسبوق في المبيعات

وفي هذا الإطار، يشير الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في Turbo Delivery Service (TDS)، التي تأسست في العام 2018 لتوصيل الألبسة والهدايا والمعدات الإلكترونية، وائل مرعي في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إلى أن الطلب على خدمات التوصيل ارتفع بوتيرة غير مسبوقة منذ تموز/يوليو الفائت، لافتاً النظر إلى نمو شهري في المبيعات. ويشير مرعي إلى ارتفاع في عدد التجار والمؤسسات التي تتعامل مع الشركة، إذ وصل عددهم إلى خمسة آلاف تاجر ومؤسسة، ويضيف مرعي أن هذا الارتفاع في الطلب دفع الشركة إلى توسيع أسطول النقل بما فيها السيارات والدراجات النارية وزيادة عدد السائقين إلى 80 سائقاً خلال عام واحد، فضلاً عن زيادة قدرتها التشغيلية، إذ باتت الشركة تملك القدرة على توصيل نحو 5 آلاف طلبية يومياً. وقد حفّز هذا الطلب مرعي، وهو مهندس كمبيوتر، إلى تطوير التقنية والموقع واستحداث نظام للتتبع وتطبيقات لتحديد المواقع وتطوير تقنية إرسال إشعارات عن مراحل وصول الطلبية إلى المستهلك النهائي.

 

زوماتو تستحدث خدمة التوصيل

زوماتو، الشركة العالمية وراء تطبيق البحث عن المطاعم وتقييمها وطلب الطعام، التي بدأت أعمالها في لبنان في العام 2014، استحدثت أسطول النقل الخاص بها وأطلقت خدمة توصيل الطعام إلى المستهلك النهائي منذ بضعة أشهر كجزء من استراتيجيتها العالمية للتوسع في هذا المجال. وتشير مديرة زوماتو فرع لبنان سارة مسعود، في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إلى أن خدمة توصيل المطاعم متوافرة في الأسواق الموجودة فيها زوماتو منذ فترة طويلة، إذ إن 90 في المئة من طلبيات الطعام التي تتم عبر تطبيق زوماتو يتم توصيلها إلى الزبائن. وعلى الرغم من أن الخدمة لا تزال في بداياتها في لبنان، إلا أنها شهدت تطوراً ونمواً متسارعين منذ إطلاقها. وتضيف مسعود: "في بداية انتشار فيروس كورونا أي في آذار/مارس الماضي كانت الرؤية ضبابية، لأن الهواجس كبيرة لدى أصحاب المطاعم حول كيفية انتقال الفيروس وكيفية التعامل معه، لذا لم تكن زوماتو تسوق لخدمة طلب الطعام وتوصيله عبر تطبيقها، لكن تغيرت الاستراتيجية بعد أن اتضحت معالم انتقال الفيروس". يبلغ عدد مستخدمي المنصة المليون، ويعمل مع زوماتو حالياً 300 سائق وتزود هذه الخدمة في بيروت فقط، لكن تؤكد مسعود أن الشركة تخطط لزيادة عدد السائقين إلى الألف تقريباً قبل نهاية العام 2021. ويوجد على منصة زوماتو 1300 مطعم حالياً، مضيفة: "ينضم إلى منصتنا أكثر من مطعم يومياً".

قد يهمك:
فتشر: استراتيجيتنا الجديدة تطوير الحلول التقنية

طلب على توصيل الأدوية

استفادت أيضاً من هذه الفورة الشركات التي تؤمن خدمة توصيل المستندات والأوراق والملفات الخاصة بالأفراد والشركات ونتائج المختبرات، وتشير المدير التنفيذي في شركة Rapid  سجى حيدر، الى ان الشركة تؤمن خدمة توصيل الأوراق إلى المصارف ومن المختبرات إلى المستشفيات والعكس وكذلك نقل الأوراق المكتبية في مدة أقصاها ثلاث ساعات، إلا أن الطلب على التوصيل ارتفع بنسبة 60 في المئة خلال العام الماضي مقارنة مع العام 2019، ولاسيما خدمة توصيل المستندات والنتائج المخبرية والأشعة من المختبرات إلى المستشفيات. وتضيف أن الشركة بعد الجائحة بدأت تؤمن خدمة توصيل الأدوية إلى المنازل، وذلك بهدف تلبية الطلب المتزايد. وتؤمن Rapid خدمة التوصيل لشركات كبيرة مثل فتال وObagi Medical وكتانة وNovartis، فضلاً عن Azadea وSGBL وAllianz SNS وغيرها. وتوضح حيدر أنه ثمة طلب كبير يتأتى من الأفراد لتوصيل منتجات غذائية واستهلاكية، لكنها تؤكد صعوبة تقديم خدمة توصيل تلك المنتجات حالياً لأنها تحتاج إلى فريق متخصص وإلى خدمة سريعة لا تتجاوز الساعتين، وتضيف: "يتوقع الأفراد الذين يطلبون المواد الغذائية أو الاستهلاكية، أن تصلهم الطلبية في غضون فترة أقصاها ساعتين، وهذا يحتاج إلى فريق متخصص وأسطول نقل أكبر".

 

التجارة الإلكترونية عززت خدمات التوصيل

بدورها، تؤكد المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة وكّلني، التي تؤمن خدمة توصيل منتجات الألبسة والأحذية والأجهزة والمعدات المنزلية والرياضية إلى مختلف الأراضي اللبنانية، فضلاً عن توصيل السلع الغذائية والاستهلاكية إلى خارج بيروت فقط، يسر صبره إلى أن الطلب على خدمات التوصيل تضاعف أربع مرات في العام الماضي مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2019. وتشير صبره إلى أنه قبل الجائحة كانت كبرى شركات التجزئة مترددة في التوجه نحو البيع عبر الإنترنت، وإنشاء مواقع للتجارة الإلكترونية، لكن الجائحة أجبرتهم على اعتماد هذا التوجه، الأمر الذي حثهم على التعاقد مع أطراف ثالثة لتأمين خدمة التوصيل. وتضيف صبره أن ارتفاع وتيرة انتشار منصات البيع الخاصة بالأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، عززت دور شركات التوصيل، إذ غالباً ما يتعاقد هؤلاء الأفراد مع شركات التوصيل بهدف إيصال المنتج إلى المستهلك النهائي.

إقرأ أيضاً: 
منصة ILLA المصرية للتوصيل تغلق جولة تمويلية

شركات التوصيل حل لخفض التكاليف

يبدي أصحاب المواقع الإلكترونية وأصحاب المطاعم وتجار الجملة رغبة متزايدة في التعاقد مع شركات خاصة للتوصيل، نظراً إلى أن تأمين تلك الخدمة يزيد من تكاليف الشركة التشغيلية بنسبة كبيرة، فضلاً عن أن توفيرها يتخلله الكثير من التحديات والمشاكل. وفي هذا الإطار تقول مسعود: "تأمين خدمة التوصيل ليست بمهمة سهلة، ويعتبر العبء الأكبر على المطاعم كافة، لهذا السبب يتعاقدون مع طرف ثالث لتأمينها".

بدورها، تشير صبره إلى أن الكثير من شركات التوصيل أنشأت ثم أغلقت وخسرت الكثير من الأموال لأنها تحتاج إلى استثمارات ضخمة وإلى برامج تقنية تخول العميل تعقب مراحل انتقال المنتج من المزود إلى المستهلك النهائي.

وفي هذا السياق، يشير مرعي من TDS إلى أنه استثمر نحو مليون دولار على الشركة والمنصة منذ إطلاقها منذ ثلاثة أعوام. ويضيف أن تشغيل شركة توصيل ليس بمهمة سهلة وفيه مخاطر مرتفعة جداً، مؤكداً ضرورة أن تكون لدى الشركة قدرة مالية على تعويض الخسائر في حال تعرض السائق للسلب والسرقة.

 

التجار مصدر الدخل

تتقاضى شركات التوصيل الرسوم من التجار أو المؤسسات التجارية أو أصحاب المنصات الصغيرة، وتختلف قيمة الرسوم بحسب المكان، وتتراوح الرسوم التي تتقاضاها وكلني ما بين عشرة و15 ألف ليرة، وتعمل على توصيل المنتجات في مهلة أقصاها ثلاثة أيام، لكن مع قرار الإغلاق الذي فرض أخيراً والذي منع التجول بعد الساعة الخامسة فباتت خدمات التوصيل تمتد إلى أربعة أيام كحد أقصى.

 إقرأ أيضاً: 
Quipup للتوصيل تجمع تمويلاً للتوسع في بلدان الخليج

فرص واعدة

يتوقع القيمون على القطاع أن تستمر وتيرة الطلب على خدمات التوصيل بالارتفاع. ويلفت مرعي النظر إلى أن الطلب سيستمر بالتوازي مع انتشار المواقع الإلكترونية ومع ارتفاع وتيرة الشراء عبر الإنترنت. وتستعد الشركات للمرحلة المقبلة إذ تخطط "وكلني" لتطوير البرمجيات التي تستخدمها وتتطلع إلى التوسع إلى أسواق إقليمية. ويتطلع مرعي إلى العمل على تخفيض مدة توصيل المنتجات إلى 12 ساعة بدلاً من 24 ساعة، ويخطط لإطلاق خدمة توصيل الطعام. وتتطلع حيدر من Rapid إلى استحداث خدمات جديدة لأصحاب المواقع الإلكترونية، وتختم بالقول: "لقد حققنا أرباحاً جيدة من خدمات التوصيل على مدار الأعوام 15 السابقة، فكيف هي الحال الآن حيث تبدو الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لتلك الخدمات".