مبيعات الأونلاين: نشاط مزدهر ومرشح للنمو في الشرق الأوسط

  • 2020-01-21
  • 11:01

مبيعات الأونلاين: نشاط مزدهر ومرشح للنمو في الشرق الأوسط

  • برت دكاش

شهدت صناعة الرفاهية في العالم خلال الأعوام الأخيرة جملة تغيرات فرضتها التحولات الرقمية السريعة وتأثيرها على خيارات العملاء وتطور أذواقهم. هذه التحولات أدت إلى رسم خارطة جديدة لهذه الصناعة، ومدى تبني العلامات لها، بات يحدّد قدرة هذه العلامات التنافسية وضمان حفاظها على حصتها السوقية واستمراريتها.

ليس الشرق الأوسط بمنأى عن هذه التحولات، فالمنطقة تتحوّل بشكل مضطرد إلى مركز ثقل في قطاع التجزئة الفاخر حيث يفرض بعض مدن المنطقة نفسه، مثل دبي، كمنافس لكبريات عواصم الرفاهية مثل ميلانو، وباريس ونيويورك. وليس فقط على مستوى مبيعات التجزئة التقليدية، بل في مجال الأونلاين والتجارة الإلكترونية. ففي وقت نما فيه الإنفاق على قطاع التجزئة أونلاين بحسب تقرير لشركة Bain & Company 22 في المئة في العام 2018 ليصل إلى 30.2 مليار دولار، أي ما نسبته نحو 10 في المئة من إجمالي مبيعات الرفاهية، سجل الإنفاق على قطاع التجزئة الأونلاين في الشرق الأوسط نمواً بنسبة 48 في المئة، ما يزيد على ضعف النمو العالمي.

 

بعض مدن المنطقة مثل دبي يفرض نفسه كمنافس

لكبريات عواصم الرفاهية مثل ميلانو، وباريس ونيويورك

 

 

وترافق هذا النمو السريع مع عامل مهم في الشرق الأوسط وهو أن الشباب الأصغر سناً في الشرق الأوسط، أو ما يصنّفون بالـ "الألفيين" Gen Y ، هم أغنى من أقرانهم العالميين، ولديهم رغبة أكبر في الإنفاق أونلاين. وقد بات من الصعب على العلامات تجاهل تأثير جيلي Y وZ، وهما مواليد ما بين العامين 1984 و1996 ومواليد ما بعد العام 1997 على التوالي، حيث مثّلا 47 في المئة من مستهلكي منتجات الرفاهية في العالم في العام 2018، ويُتوقّع أن يمثلا حوالي 55 في المئة من سوق الرفاهية في العام الحالي، و33 في المئة ممن يشترونها. وأكثر من ذلك، فرضت هذه المستجدات على العلامات الراقية تكييف ابتكاراتها لتلبي احتياجات هؤلاء المستهلكين الشباب، والتواصل معهم، وتطوير إستراتيجية مخاطبتهم والتوجّه إليهم عبر قنوات التوزيع التي يستخدمونها خاصة مع بروز مواقع بيع فاخرة سعت مجموعات رفاهية كبيرة إلى تملّكها مثل موقع Yoox Net- a- Porter المملوك من مجموعة Richemont السويسرية وموقع  Farfetch البريطاني والذي تملك مجموعة Chanel حصة فيه. كما يساهم كل من موقعي Souq.com وNoun.com في الشرق الأوسط بشكل كبير، من خلال موثوقيتهما بزيادة الثقة في الشراء الأونلاين، وتالياً في نمو مبيعات الرفاهية في المنطقة.  

توقعات واعدة

تشير التقديرات إلى استمرار الطلب على المنتجات الفاخرة مثل السيارات والمنتجات الشخصية التي تشمل بشكل أساسي  المجوهرات، وحقائب اليد، والسفر والساعات وأدوات الكتابة. ويتوقع أن تزيد ما بين 3 و5 في المئة سنوياً حتى العام 2025، لتصل قيمتها الإجمالية إلى ما بين 320 و365 مليار دولار. كما أن التوقعات تدل على أن يشكل الصينيون نحو 46 في المئة من مستهلكي منتجات الرفاهية العالمية، وسيقومون بنصف مشترياتهم في الصين في العام 2025. وبالتالي ستتراجع عمليات شرائهم في الخارج ومنها أسواق منطقة الشرق الأوسط التي تعد مقصداً مهماً للسياح الصينيين، ما يستدعي من العلامات في المنطقة التوجه نحو جمهور رفاهية عربي جديد، لخلق ولاء للعلامة وزيادة معدلات شراء منتجاتها ونمو السوق. وذلك، بموازاة نمو قنوات البيع الإلكتروني التي يتوقع أن تمثل  25 في المئة من إجمالي قيمة السوق. كما سيصبح نحو نصف مشتريات الرفاهية متاحاً رقمياً كنتيجة للتكنولوجيات الحديثة.

تجربة استثنائية

ورغم استمرار الاستثمار في مراكز التسوق الكبرى في المنطقة مقابل ازدهار مبيعات الأونلاين، إلا أن مستقبل قطاع الرفاهية في المنطقة مشرق إذا ما تمكن وكلاء التجزئة والعلامات الراقية من تقديم تجربة تسوق استثنائية داخل المتجر والتي لطالما كانت حيوية لنجاح العلامات الفاخرة كونها تعكس قيم العلامة وهويتها الأصلية، وجعلها تفاعلية في الوقت نفسه، وهو أحد أكبر الاتجاهات التي تقود إلى تحول صناعة التجزئة الفاخرة. وقد بدأ بعض العلامات بالفعل القيام بذلك، ليس فقط على مستوى تطوير وتحديث مواقعها الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها، بل تجديد متاجرها وربطها بالعالم الرقمي والتفاعلي ومنح عملائها إمكانية اختيار ما يناسبهم ضمن مروحة متكاملة من الخيارات المتاحة إفتراضياً، كاختيار، على سبيل المثال، السوار الأنسب للساعة التي ينوي الزبون شراءها قبل تحديد خياره وتجربتها افتراضياً أيضاً.

يبقى أنه في موازاة هذه التطورات والتحولات، على العلامات التمسّك بهويتها وقيمها لدى مخاطبتها عملائها والزبائن المحتملين كونها ستبقى عاملاً مؤثراً في تحديد خيارهم النهائي. مع دعم وكلاء التجزئة وموزعيها في المنطقة كما في العالم، للإستفادة بدورهم من التجارة الإلكترونية كجزء من إستراتيجية تنويع قنوات تسويقهم.