الصين ميزان سوق الطاقة في العالم

  • 2020-05-31
  • 07:00

الصين ميزان سوق الطاقة في العالم

  • حنين سلّوم

الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي المستهلك الأكبر للطاقة إذ شكّلت 24 في المئة من استهلاك الطاقة العالمي و34 في المئة من نمو استهلاك الطاقة سنة 2018 وفقاً للتقرير السنوي لشركة BP، وهي تحتل أيضاً المرتبة الأولى كأكبر مستورد للنفط الخام وثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي، ومع انتشار وباء كورونا وتراجع الطلب في الصين على النفط والغاز، تأثّرت أسواق الطاقة العالميّة لتعود قضية اعتماد قطاع الطاقة على استهلاك الصين إلى الواجهة.


استهلاك الطاقة الأساسيّة في الصيّن

استهلكت الصين سنة 2019 نحو 4.9 مليارات طن مكافئ للفحم الحجري من مصادر مختلفة للطاقة وقد شكّل الفحم الحجري مصدر الطاقة الأساسي بنسبة نحو 58 في المئة وتلاه النفط بنسبة 20 في المئة، علماً أنّ الصين تسعى منذ سنوات عدّة إلى خفض اعتمادها على الفحم الحجري، الذي كان يشكّل نحو 72 في المئة من مصادر الطاقة قبل عقد من الزمن، وذلك لأسباب تتعلّق بالحفاظ على المناخ.

 

 

وبما أنّ الصين تنتج النفط بمعدّلات منخفضة قياساً بنسبة استهلاكها، فهي تستورده كما تستورد الغاز من بلدان عدة إذ استوردت سنة 2018 نحو 465 مليار طن من النفط وهو ما شكّل 21 في المئة من إجمالي النفط المستورد في العالم لتكون في المرتبة الثانيّة بعد أوروبا التي استحوذت على 23 في المئة من النفط المستورد.

كيف تأثّر الطلب على النفط في الصين؟

مع انتشار وباء كورونا في الصين وإغلاق أنحاء كثيرة من البلاد، تراجع الطلب على النفط من نحو 14 مليون برميل يوميّاً في شهر كانون الأول/ديسمبر 2019 إلى 10 براميل يوميّاً في شهر شباط/فبراير 2020. وقد توقّعت Rystad Energy أن يعود الطلب إلى مستويات ما قبل الوباء ابتداءً من شهر حزيران/يونيو 2020 حيث من المتوقّع أن يسجّل 13.5 مليون برميل يوميّاً.

 

 

وفقاً لـ Rystad Energy ، من المتوقع أن ينخفض إجمالي الطلب على النفط في الصين لسنة 2020 بنحو 1.3 مليون برميل يوميّاً ليسجّل 12.4 مليون برميل يوميّاً منخفضاً بنسبة 9.5 في المئة مقارنةً بسنة 2019 حيث بلغ الطلب 13.7 مليون برميل يوميّاً.

وبالطبع، كان لتراجع الطلب تأثير مباشر على الدول التي تستورد الصين منها وعلى قطاع الطاقة ككل مساهماً بذلك في تراكم المخزون وتراجع الأسعار التي وصلت إلى السالب.

في الواقع، يعدّ النفط الروسي ESPO blend crude مقياساً لشهيّة الصين على النفط، كون روسيا أحد أبرز مورّدي النفط للصين، وهو قد انخفض بعد تراجع الطلب قبل أن يعود ويرتفع منذ نصف نيسان/أبريل مع عودة الحياة في الصين إلى طبيعتها وبدء تعافي الطلب.

 

البلدان التي تصدّر النفط إلى الصين
غرب افريقيا 15.5%
روسيا 15.4%
دول الشرق الأوسط الأخرى 14.2%
أميركا الجنوبية والوسطى 13.4%
المملكة العربية السعودية 12.2%
العراق 9.7%
الكويت 5.0%
دول آسيا والمحيط الهادئ الأخرى 2.8%
الولايات المتحدة الأميركية 2.6%
الإمارات العربية المتحدة 2.6%
شمال أفريقيا 2.4%
أوروبا 1.9%
دول أخرى 2.3%
المصدر: BP

 

 

كما كان واضحاً التأثير الإيجابي لتعافي الطلب في الصين على شركة Petrobras البرازيليّة التي حقّقت رقماً قياسياً حيث صدّرت مليون برميل من النفط يوميّاً خلال شهر نيسان/أبريل بفضل ارتفاع الطلب في الصين.

تجدر الإشارة إلى أنّ ليس قطاع الطاقة فحسب بل بلدان عدّة منها روسيا وبعض دول مجلس التعاون الخليجي يعتمد على استهلاك الصين التي بدورها قد وثّقت علاقتها مع روسيا، آسيا الوسطى والخليج العربي فهي قد استثمرت في شركات الطاقة في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة كما إنّ شركاتها الحكومية تشكّل اللاعب الرئيسي في إنتاج النفط في العراق.

 

ماذا عن الغاز الطبيعي المسال؟

استوردت الصين سنة 2018 نحو 73.5 مليار متر مكعّب من الغاز الطبيعي المسال أي نحو 17 في المئة من إجمالي الغاز الطبيعي المسال المستورد في العالم لتحل في المرتبة الثانية بعد اليابان التي استوردت 113 مليار متر مكعّب. تستورد الصين الغاز من بلدان عدة أبرزها أستراليا وقطر كما هو واضح في الجدول التالي.

 

البلدان التي تصدّر الغاز الطبيعي المسال إلى الصين
أستراليا 44%
قطر 17%
ماليزيا 11%
اندونيسيا 9%
الولايات المتحدة 4%
روسيا 2%
دول أخرى 13%
المصدر: BP

 

إثر تفشّي الوباء وتراجع النشاط التجاري والصناعي في الصين، انخفضت واردات الغاز الطبيعي المسال في كانون الثاني/يناير بنحو 10 في المئة على أساس سنوي، وقد توقّعت Rystad Energy أن يتراجع نمو الطلب في الصين على الغاز الطبيعي المسال إلى 4.7 في المئة مقارنةً بسنة 2019 بعد ان كان من المتوقّع أن ينمو بنسبة 10 إلى 13 في المئة سنة 2020.

ومع تراجع الطلب في الصين قامت CNOOC أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في الصين بتحرير نفسها من بعض الالتزامات التعاقدية الدولية لتلقي الغاز الطبيعي المسال كما أخّرت Petrochina استلام الشحنات بسبب الطلب غير المؤكد ونقص العمّال بسبب الوباء، وهو بالطبع ما انعكس بشكل سلبي على البلدان التي ألغيت معها التعاقدات.

في المحصلة، بات واضحاً مدى أهميّة الصين لقطاع الطاقة العالمي كونها أكبر مستهلكي الطاقة في العالم وأكبر مستوردي النفط والغاز فبعد ان عانى القطاع لنحو ثلاثة أشهر عاد ليتنفّس الصعداء مع بدء تحسّن الطلب في الصين وعودة الاستهلاك إلى مستويات ما قبل الوباء.