رئيس مجموعة البركة: سيولتنا مرتفعة ونتواصل مع عملاء جدد

  • 2020-04-27
  • 19:15

رئيس مجموعة البركة: سيولتنا مرتفعة ونتواصل مع عملاء جدد

يوسف في حديث خاص إلى "أوّلاً-الاقتصاد والاعمال": خطط التوسع تحت المراجعة

  • عاصم البعيني

في ظل التوقعات بأن تؤدي أزمة كورونا إلى إحجام المصارف والمؤسسات المالية ولو مؤقتاً عن التمويل، كشف رئيس مجموعة البركة المصرفية عدنان أحمد يوسف في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن السيولة المرتفعة لدى المجموعة مكّنتها من التواصل مع عملاء محتملين في أسواق مختلفة تتواجد فيها من خلال وحداتها التابعة، بهدف مساعدتهم على تخطي تداعيات الأزمة، وذلك إلى جانب دعم عملائها الحاليين بطبيعة الحال.     

وكشف يوسف أن خطط التوسع السابقة لدى المجموعة ستكون تحت المراجعة في ضوء ما ستفرزه الأزمة من تداعيات. 

والحديث مع يوسف يكتسب أهمية على غير صعيد، سواء من موقعه على رأس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين وما يعنيه ذلك من انخراطه في القطاع المصرفي البحريني، إلى خبرته الطويلة في أسواق عدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وصولاً إلى تركيا، ما يعطي صورة واضحة حول آفاق وتوجهات الصناعة المصرفية في المنطقة.  
  

يقول رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان يوسف إن المصارف والشركات المالية شأنها شأن أي مؤسسات تجارية، باشرت في ظل الأوضاع السائدة، بتفعيل خطط الطوارئ لضمان استمرارية الأعمال على المستويات التشغيلية والتقنية، إلى جانب مواصلة تقديم الخدمات إلى العملاء كافة وتأمين خطوط التمويل وتكثيف مراقبة محافظ العملاء وغيرها.

 

"أطلقنا منذ سنوات خطة التحول الرقمي

ونجحنا في تفعيلها خلال أزمة كورونا"


إجراءات البركة والأسبقية  

وفي ما يتعلق بمجموعة البركة المصرفية على وجه التحديد، يوضح يوسف أنه وبالإضافة إلى تلك الإجراءات الاعتيادية التي تسود عند ظهور أي أزمة عالمية، فقد اتخذت المجموعة إجراءات صحية احترازية عدة وكذلك في وحداتها المصرفية التابعة، مشيراً إلى أن من بين هذه الإجراءات توسيع مروحة الخدمات المقدمة عبر المنصات الالكترونية، ويضيف أن مثل هذا التوجه يشكل مصدر اعتزاز، كون المجموعة والوحدات التابعة بدأت منذ سنوات بتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي على مستوى المجموعة، موضحاً أن الظروف السائدة مهدت لتفعيل هذه الاستراتيجية التي أثبتت نجاحها كما هي الحال مع الإجراءات الاحترازية الصحية.

أما في الشق المالي والأهم، فيوضح الرئيس التنفيذي أن المجموعة والوحدات التابعة تحظى بسيولة مرتفعة، وهو ما مكنها من تكثيف تواصلها مع عملاء محتملين من أفراد ومؤسسات في دول عدة لعرض خدمات المساعدة عليهم في هذه المرحلة، بهدف توفير الدعم للقطاعات الواعدة المتأثرة بالأزمة والتي تملك في الوقت نفسه، أسساً متينة للتعافي والنمو.

ويضيف، كذلك شملت حركة الاتصالات عملاء المجموعة في مختلف الدول لتأمين خطوط التمويل التجاري وحركة الصادرات والواردات، بما يعزز مساهمة المجموعة في استدامة تدفق السلع إلى البلدان التي يعمل فيها عملاؤنا.

 

بعد كورونا... 
المزيد من تمويل الاقتصاد الحقيقي وقطاعات جديدة
وأهمية تكوين احتياطات مالية 


دروس وعبر 

ويخلص يوسف إلى القول: "أعتقد أن من بين جملة الدروس أو التغيرات المتوقعة بعد كورونا، تكمن في المزيد من الحرص من قبل المؤسسات على تمويل القطاعات ذات الارتباط الوثيق بالاقتصاد الحقيقي، وخصوصاً المرتبطة برفاهية الإنسان كالصحة والتعليم، كذلك ازدياد أهمية الخدمات المصرفية الالكترونية، وبالنسبة إلى المصارف، ستبرز أهمية تكوين احتياطات مالية مرنة يمكن استخدامها في مثل هذه الظروف الحرجة.  

تأثير الأزمة 

وحول التداعيات المحتملة للأزمة الحالية على المجموعة ووحداتها التابعة، يبدأ يوسف حديثه من العام قبل الدخول في الخاص، ويلفت النظر إلى أنه من الواضح أن هذه الأزمة ستترك تداعيات عميقة على القطاعات كافة من دون استثناء حول العالم، مشيراً إلى أن حجم هذه التداعيات سيختلف بين بلد وقطاع ومؤسسة مالية وأخرى استناداً إلى عوامل ومعطيات عدة، في المقابل، ستكون هناك قطاعات أخرى كالتجارة الالكترونية والصناعات الدوائية والصحية وتجارة التجزئة وغيرها مستفيدة من هذه الأزمة.
وفي السياق نفسه، يتوقع يوسف تسجيل المؤسسات المالية وغيرها انخفاضاً في أرباحها خلال العام الحالي، إلى جانب تدهور جودة بعض محافظ التمويل، خصوصاً للعملاء في القطاعات الأشد تضرراً كالطيران والسياحة، إلى جانب بعض الاضطرابات في خطوط تمويل المؤسسات وميل العملاء الأفراد إلى سحب ودائعهم، لافتاً الانتباه إلى أن هذه العوامل ستترك ضغوطاً مؤقتة على المؤسسات المالية.

 

تركيزنا على الأعمال المستدامة 
ودعم الطلب على خدماتنا في خضم الأزمة

استجابة إيجابية 

على الرغم من هذه المعطيات غير الإيجابية، يرى يوسف أن الاستجابة الواسعة للمصارف المركزية لهذه التداعيات واتخاذها العديد من الإجراءات الداعمة للمصارف في مواجهتها، تبعث على الارتياح، كذلك هي الحال مع الحزم الاقتصادية والمالية الواسعة المقدمة من الحكومات لدعم الفئات والقطاعات المتضررة، إلى جانب الإجماع والتصميم على المستوى العالمي لإعادة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي سواء على مستوى الجهود الجماعية أو كل دولة على حدة.

بطبيعة الحال، تعدّ مجموعة البركة المصرفية ومجموعتها التابعة جزءاً من هذه المنظومة، وهنا يقول يوسف إن ما يميز تجربة المجموعة بشكل خاص هو التنوع الجغرافي الواسع لوحداتها المصرفية، إلى جانب تركز العمليات في نشاطات وأعمال مستدامة، ما يجعل الطلب عليها حقيقي حتى في خضم أزمة تفشي الوباء، ويخلص إلى القول: "نحن نتطلع إلى تجاوز تداعيات هذه الأزمة سريعاً بعد انحسار الفيروس".

بين الفرص والتوسع 

إتسم نشاط مجموعة البركة المصرفية بالتوسع النهم والمدروس في آن معاً على مدى السنوات، وهنا يطرح تلقائياً التساؤل عن الفرص المحتملة في ظل الأزمة مع تراجع قيم الأصول وعن خطط التوسعات السابقة للمجموعة، ويقول يوسف:" إنه من الطبيعي أن تجري مراجعة خطط التوسع والتعرف على حجم الضرر الذي لحق بالأسواق وخطط الدولة للتعافي من هذه الأضرار"، ويضيف: "نعتقد بصورة عامة أن دول العالم كافة سواء حكومات أو شركات ستكون بحاجة ملحة وكبيرة إلى الاقتراض للنهوض بعملياتها من جديد وعلى المصارف أن تكون مستعدة لذلك".

 

على المصارف أن تكون مستعدة 
لحاجة الدول والشركات إلى الاقتراض

 

معايير وأسس الإقراض 

أما في ما قد تفرزه الأزمة من تشدد في الإقراض، يبدو يوسف بعيداً عن التعميم في الإجابة، ويوضح أن التشدد لن يكون سياسة مطلقة إزاء القطاعات كافة، فالأمر بالنسبة إليه يتوقف على معايير عدة: القطاعات والنشاطات كل على حدة وحجم تضررها من الأزمة، قابليتها لسرعة التعافي، وحجم التدخل الحكومي لدعمها، وطبيعة علاقة العملاء بالمصرف وحجم هذه العلاقة، مشيراً إلى أن هذه المعطيات يفترض أن تؤخذ في الاعتبار، انطلاقاً من القناعة - كما يقول - بأنه على المصارف التعامل بروح من المسؤولية مع عملائها خصوصاً ممن لديهم علاقة طويلة الأمد مع المصرف أو أصحاب السجلات الإيجابية، وكذلك أولئك ممن لديهم أو يمتلكون علاقة بحجم أعمال كبيرة. ويوضح "أن هذه الشرائح من العملاء ستسعى المصارف إلى مساعدتها قدر المستطاع"، هذا بالإضافة إلى التوقعات بأن تشهد القطاعات المستفيدة من الأزمة تمويلاً أكبر حجماً، فيما ستظهر قطاعات أخرى قابلية سريعة على التعافي، وهي الأخرى ستحظى بتمويلات أكبر.

وحول مدى وجود توجه لدى المجموعة إلى الأسواق الدولية للاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة، يبدو يوسف واضحاً بالقول:"لا توجد لدينا على مستوى المجموعة خطط من هذا النوع حالياً، غير إنه تبقى للوحدات المصرفية التابعة خططها المختلفة وفق احتياجاتها في أسواقها". 

 

كورونا يعزز قناعة الاستثمار

في الإنسان وتنمية المجتمعات والتعليم والصحة

الصناعة ما بعد كورونا 

مع الاستعداد إلى بدء فتح الاقتصادات ولو بشكل جزئي ستكون الأنظار شاخصة على مرحلة ما بعد كورونا، وعن توقعاته حول واقع الصناعة المصرفية بعد انكفاء الفيروس، يقول بثقة تامة: "أرجو ألا تتفاجأوا إن قلت إن المعالم المتوقعة أو على الأقل التي نأمل أن تتحول إليها الصناعة المصرفية في مرحلة ما بعد كورونا، نحن في مجموعة البركة المصرفية، ومجموعة البركة عموماً، أدركناها وسعينا إلى تطبيقها منذ تأسيس المجموعة أي قبل نحو 45 عاماً". 
ويضيف "إن هذه المعالم الجديدة التي نأمل أن يدركها معنا العالم أجمع ويعمل على المساهمة في الدفع بها، تتمثل في أهمية التركيز على رفاهية البشرية وتنمية المجتمعات، وأن تكون الحافز الأساسي في العمل"، مشيراً إلى أنها تتجلى في فلسفة المساهمة بإعمار الأرض انطلاقاً من الإيمان العميق بما جاءت به الشريعة، ويوضح أنه لا بد من أن تتوجه جهود البشرية نحو الاستثمار في الإنسان والتركيز على الخدمات والقطاعات المحققة للرفاهية وفي مقدمها التعليم والصحة ومحاربة الفقر وخلق الوظائف، إلى جانب ضرورة تكريس الموارد المالية والتقدم التكنولوجي للتسريع في تحقيق هذه الأهداف. 

 

دول المنطقة اعتادت الأزمات وكيفية الخروج منها


أثر الانكماش 

أما في ما يتعلق بأثر الانكماش الاقتصادي في المنطقة وتراجع أسعار النفط على بيئة الأعمال، يوضح يوسف أن الانكماش العالمي يبدو مرحلة لا بد منها وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، كذلك توقعاته بالنسبة إلى اقتصادات دول الخليج، حيث يتوقع انخفاضها بنحو 3 في المئة خلال العام الحالي نتيجة تداعيات الفيروس وانخفاض أسعار النفط. ومع ذلك يتوقف يوسف عند ضرورة الأخذ في الاعتبار أن دول المنطقة مرت على مدى الأربعين سنة الماضية في الكثير من الأزمات المشابهة في شدتها من حيث التأثير الاقتصادي، وفي كل مرة كانت تخرج فيها بأفضل مما كانت عليه لكونها قطعت أشواطاً في إرساء أسس اقتصادية متينة مع التنويع الاقتصادي، مشيراً إلى أن القطاع النفطي في ضوء ذلك، لم يعد يمثل أكثر من 25 فبي المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان. ولكنه يرى في المقابل، أن التأثير سيكون بصورة أكبر في جانب الصادرات والإيرادات النفطية الحكومية، ولكن مفاصل الاقتصاد باتت تتحرك بأكثر من عجلة وسوف يساعد ذلك على التعافي من تداعيات الأزمة قريباً، كذلك بالنسبة إلى الطلب على النفط سيرتفع حال انحسار الأزمة نتيجة إلى حاجة الدول المتضررة كافة للنهوض الاقتصادي سريعاً، كما إن معظم هذه الدول تملك احتياطات مالية ضخمة تساعدها على تنفيذ خطط واسعة للتعافي الاقتصادي.