ناقلات النفط الخام الملجأ الوحيد للمنتجين

  • 2020-04-22
  • 19:20

ناقلات النفط الخام الملجأ الوحيد للمنتجين

  • عمر عبد الخالق

لم تكن الأسعار السلبية لعقود خام غرب تكساس الأميركي الوسيط نهار الاثنين الأسود 20 نيسان/أبريل 2020 الحدث التاريخي الوحيد الذي تشهده صناعة النفط الأميركية منذ انتشار فيروس كورونا، بل تسارعت الأحداث والأرقام، وكان اخرها تجمع طوابير من ناقلات النفط الخام أمام سواحل كاليفورنيا الممتدة من لونغ بيتش إلى خليج سان فرانسيسكو والتي تحمل ما يعادل 20 في المئة من مجمل الاستهلاك العالمي اليوم.

ووفقاً لشركة كيبلر ساس Kpler SAS التي تتابع حركة الناقلات، فإن أكثر من 20 مليون برميل من الخام تطفو اليوم قبالة الساحل الغربي للولايات المتحدة، وهو الرقم الأكبر على الاطلاق في وقت واحد، مشيرة إلى أن ثلاثة أرباع تلك الناقلات تحتفظ بالنفط في التخزين ما يعني أنها كانت تطفو بثبات لمدة سبعة أيام، وهو رقم قياسي أيضاً. أما على الصعيد العالمي فتشير ارقام شركة ميركيريا اينيرجي Mercuria Energy إلى أن هناك نحو 250 مليون برميل من النفط تطفو على سطح الماء في الوقت الحالي.

الكونتانغو وارتفاع اسعار التخزين

وهذا التعويم للنفط الذي يحصل نتيجة غياب عقود تسليم الخام ووفرة المعروض وانخفاض الطلب وفي ظل ارتفاع الأسعار في العقود المستقبلية عن أسعار العقود الفورية يعرف باسم "الكونتانغو" الذي شهدناه مراراً تاريخياً.

وبالعودة إلى التخزين، فقد تحوّلت ناقلات النفط الخام إلى الملجأ الوحيد للمنتجين الأميركيين وأصحاب العقود للتخزين بسبب امتلاء السعات البرية التخزينية للنفط في الولايات المتحدة، في الوقت الذي تشهد فيه حركة المصافي ومعامل التكرير تراجعاً كبيراً وأبرزهما المصفاتان التابعتان لشركتي ماراثون MARATHONو شيفرون CHEVRON وسط تراجع حاد على منتجات النفط المكررة.

وهذا التنافس الشديد على ناقلات النفط، أدى الى ارتفاع السعر اليومي لاستئجارها من 180 ألف دولار يومياً إلى نحو 400 ألف دولار أميركي وفقاً لبلومبرغ ما شكل سبباً رئيسياً للأسعار السلبية التي شهدناها الإثنين لعقود أيار/مايو عشية انتهاء التداول بها بسبب اضطرار أصحابها لاستلام الكميات ودفع تكاليف التخزين أو شحنها، وهما أمران متعذران في ظل تراجع الطلب وارتفاع  كلفة التخزين بشكل كبير. 

شركات التخزين الرابح الأكبر

وانعكست هذه الأسعار المرتفعة على أسعار أسهم شركات التخزين والشركات المصنعة لناقلات النفط، فعلى صعيد شركات التخزين ارتفعت أسهم شركتي تيكاي TEEKAY ونورديك أميركان nordic American بنسب 18 و20 في المئة على التوالي نهار الإثنين والثلاثاء في 20 و21 نيسان/أبريل، أما أسعار أسهم الشركات منذ بدء أزمة النفط العالمية مع انتشار فيروس كورونا فبلغت أكثر من 50 في المئة لبعض الشركات.

كذلك، شهدت الشركات المصنعة وفي ظل التوقعات بارتفاع الطلب على الناقلات مستقبلاً، ارتفاعاً في قيمة أسهمها فارتفعت أسهم توب شيبس TOP SHIPS على سبيل المثال بنحو 21 في في المئة نهار الإثنين الأسود و55 في المئة منذ آذار/مارس الماضي.

ماذا بعد؟

تكمن المشكلة الرئيسية في أن المنتجين سيخفضون في النهاية إنتاج النفط وقد يجد المزيد من البلدان إمداداته المحلية كافية لتلبية الطلب، ويُتوقّع أن يترك ذلك فجوة في الطلب على ناقلات النفط في وقت لاحق من العام، وأن تكون الأرباح مرتفعة الآن، لكنها ليست نموذجاً تجارياً جيداً على المدى الطويل لمواصلة الاحتفاظ بالنفط في الناقلات إذ إن هذه الفورة قد لا تظلّ قيد الاستخدام لفترة طويلة. وهذه الفرضية تعززها اجتماعات أوبك+ والدول المنتجة الأخرى المتتالية التي تسعى إلى البدء فوراً بتنفيذ اتفاق خفض الإنتاج قبل الأول من أيار/مايو المقبل إلى جانب الإجراءات التي سيتخذها بعض الدول الكبرى مثل أميركا والصين وبعض الدول الأوروبية على صعيد الفتح التدريجي للاقتصاد العالمي ما سيؤدي إلى عودة النشاط الاقتصادي وارتفاع معدلات الطلب العالمي على النفط. 

في المقابل، هناك فرضية أخرى تشير إليها IHS MARKIT وهي أن كل انخفاض في حجم تجارة النفط بنحو 5  في المئة من شأنه أن يرفع سعات تخزين النفط العائم بنحو مئة مليون برميل ما يشير إلى أن تخزين النفط سيصبح أكثر جاذبية للشركات العاملة في حقل النقل البحري خصوصاً في ظل تراجع حركة الشحن البحري.

وبين هاتين الفرضيتين، تشير الوقائع اليوم إلى أن تراجع أسعار النفط شكل درساً قاسياً للمضاربين الذين راهنوا على تحسن الأسعار بعد اتفاق أوبك + واحتفظوا بالعقود في حين كسبت الرهان الصناديق الاستثمارية العالمية، التي منذ بدء انتشار فيروس كورونا، استثمرت مليارات الدولارات في اسهم شركات ناقلات النفط.