هل يتسبب كورونا بأزمة مديونية جديدة للدول الناشئة؟

  • 2020-04-10
  • 10:03

هل يتسبب كورونا بأزمة مديونية جديدة للدول الناشئة؟

  • دائرة الأبحاث

تواجه الدول الناشئة تداعيات انتشار فيروس كورونا وهي مثقلة بالديون ما يضعف مناعتها على مقاومة الأعراض الاقتصادية والمالية والنقدية، فخلال السنوات العشر الماضية ارتفعت قيمة ديون الدول الناشئة بنحو 153 في المئة لتصل إلى 18.6 تريليون دولار أميركي وباتت تشكل نحو 53 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.

وكان الهدف الأساسي من هذه الديون تمويل المشاريع الاستثمارية بهدف تنمية الاقتصادات المحلية، إلا أن معظم هذه الدول عجزت عن تحقيق مبتغاها وهو ما تمثل بتسجيل الناتج المحلي الحقيقي للاقتصادات الناشئة نمواً تراكمياً لم يتجاوز 70 في المئة خلال العقد الماضي، وهي نسبة أقل بكثير من نسبة ارتفاع الديون البالغة 153 في المئة، وهذا الأمر دفع البلدان الناشئة إلى مواصلة اتخاذ المزيد من الديون ولا سيما تلك المقوّمة بالعملات الأجنبية وتقديم فوائد مرتفعة بهدف إغراء المستثمرين الدوليين، وذلك لاعتبارات الحاجة إلى العملة الصعبة لتمويل الاحتياجات الروتينية خصوصاً في ما يتعلق بالاستيراد. وعليه، ارتفعت قيمة الديون الخارجية للدول الناشئة بشكل متواصل حتى لامست 10.6 تريليونات دولار في نهاية العام الماضي، وهو ما يمثل أكثر من نصف القيمة الإجمالية لديون هذه الدول.

ومع تفشي كورونا وتقويضه للاقتصادات العالمية وما نتج عنه من شح كبير في السيولة المتوافرة في الأسواق المالية العالمية، من المتوقع أن تواجه الدول الناشئة صعوبات جوهرية في تسديد ديونها المقومة بالعملات الأجنبية تحديداً الجزء المستحق منها في العام الحالي، فمن جهة أصبحت هذه الحكومات غير قادرة على الولوج إلى أسواق الدين العالمية، ومن جهة أخرى تراجع الطلب على المواد الأولية التي تصدّرها مثل النفط والمعادن وغيرها التي تراجعت أسعارها ما أدى إلى تراجع قيمة ايرادات هذه الدول من العملة الصعبة، وقد طلبت أكثر من 90 دولة مساعدة صندوق النقد الدولي. لذا، من المتوقع أن يلجأ بعض البلدان الناشئة إلى إعادة هيكلة ديونه، ولا يستبعد أن يعلن بعض آخر التخلف عن دفع الديون المقومة بالعملات الأجنبية مثل ما حدث مع لبنان، كما إن ذلك قد يترافق مع إجراءات تقشفية داخلية مثل خفض الانفاق الاستثماري إلى مستوياته القصوى، وهو ما سيؤدي إلى زيادة التدهور الاقتصادي لتلازمه مع انكماش الانفاق الاستهلاكي للمواطنين.

وإضافة إلى ما سبق، قد يتم تقنين عمليات السحب النقدي من المصارف كما حدث في مصر والعراق بهدف الإبقاء على أكبر قدر ممكن من السيولة داخل النظام المالي للدولة، وهذا ما سيحد أيضاً من حجم الاستهلاك ويضعف من قدرة الاقتصاد، ويؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي وارتفاع نسبة الديون منه، علماً أن كل ما تقدّم يفرض تأثيرات سلبية على سعر صرف العملة المحلية، والتي تتجه لتشهد واحدة من أسوأ تراجعاتها تاريخياً.