رئيس قسم الخدمات البنكية الخاصة للشرق الاوسط في دويتشه بنك: نتوقع زيادة الثروات ومضاعفة اعمالنا في المنطقة
رئيس قسم الخدمات البنكية الخاصة للشرق الاوسط في دويتشه بنك: نتوقع زيادة الثروات ومضاعفة اعمالنا في المنطقة
-
خاص - "أوّلاً-الاقتصاد والأعمال"
يُعدّ دويتشه بنك من المصارف العالمية الرئيسية النشطة في مجال ادارة الثروات في المنطقة، مستفيداً من حضوره التاريخي في اسواقها الرئيسية ومن شبكته العالمية وقدراته الواسعة على تقديم الخدمات الاستثمارية المتنوعة واستخدام ميزانيته الكبيرة لتوفير التمويل لعملائه من اصحاب الثروات. كيف يعمل البنك على تنمية اعماله في ادارة الثروات في المنطقة، هذا ما يتناوله سعد عسيران رئيس قسم الخدمات البنكية الخاصة للشرق الاوسط في البنك في حديثه التالي الى "أولاً- الاقتصاد والأعمال":
ما هي أهم الاتجاهات الّتي تحرك صناعة إدارة الثّروات في المنطقة حالياً؟
تستقطب المنطقة حالياً المزيد من أصحاب الثّروات الّذين ينتقلون للاستقرار فيها، وهذا جزء من ظاهرة صعود ما يسمى "عالم الجنوب" (Global South). منطقة الخليج بالتحديد توفر عنصرين مهمين يساعدان على جذب رؤوس الأموال: الأول، وهو انها تمثل مكاناً جاذباً للعيش وتتمتع ببنية تحتية متطورة وتوفر أطراً تنظيمية جاذبة للاستثمار مثل مركز دبي المالي العالمي وسوق أبو ظبي العالمي، وهذا ما جعل الإمارات مثلاً مركزاً مهماً للمكاتب العائلية ولأصحاب الثّروات الفائقة (Ultra-High Net Worth Individuals). ثانياً، أصبحت المنطقة توفر فرصاً استثمارية متزايدة مما جعلها اكثر جاذبية للمستثمرين. هناك استراتيجيات اقتصادية واضحة في بلدان المنطقة الرئيسية وبخاصة في المملكة العربية السعودية الّتي تشهد تحولاً واضحاً وطموحاً وفق رؤية 2030. إضافة إلى حجمه الكبير، أصبح الاقتصاد السعودي أكثر تنوعاً ويشهد انفاقاً كبيراً على تطوير بناه التحتية وتحولاً ملحوظاً في نمط المعيشة والإنتاجية. ويوفر التحول الحاصل في السعودية فرصاً ليس فقط للجيل الحالي بل أيضاً للأجيال المقبلة مما سيساهم في إعادة تشكيل مستقبل المنطقة في ظل الاستقرار السائد فيها.
المنطقة تستقطب المزيد من اصحاب الثروات
وتوفر فرصاً استثمارية متزايدة
نحن في دويتشه بنك في وضع جيد للاستفادة من هذه التطورات في قطاع إدارة الثّروات وفي نشاطاتنا الاخرى، وبناءً عليه قررنا تطوير مواردنا عبر الاستثمار في الكفاءات البشرية والتكنولوجيا والعمليات.
لقد ضاعفنا فريق عملنا وكثفنا من تغطيتنا للمنطقة عبر مكاتبنا في السعودية والإمارات وجنيف ولندن ولوكسمبورغ وسنغافورة. ونحن من المصارف القليلة القادرة على توفير التمويل ارتكازاً على ميزانيتنا والجمع بين قدراتنا في الخدمات البنكية الخاصة والصيرفة الاستثمارية لإعطاء العملاء الامكانية للوصول الى فئات الأصول السائلة كافة وغير السائلة ومساعدتهم على إدارة ثرواتهم محلياً ودولياً وتوفير افضل النصائح الاستثمارية لهم.
انتقلنا من العام الماضي إلى الحالي لنشهد توترات جيوسياسية جاءت بعد فترة زاد فيها تقييم أسواق الأسهم والتقلبات وهناك تغيير يحصل في الطريقة الّتي تمارس بها الأعمال والتجارة في العالم، وهذا ما يحتم التيقظ والاحتراز في تقديم النصيحة الاستثمارية ومحاولة استباق التطورات للتخفيف من آثار هذه التقلبات على محافظ عملائنا وفي الوقت نفسه مساعدتهم على الاستفادة من التطورات.
هل ترون اي تحول ملموس في نظرة المستثمرين إلى فئات الأصول المختلفة او بداية لإعادة تشكيل محافظهم نتيجة المناخ السائد حالياً في الاسواق؟
أعتقد أن الأصول المحلية لا تزال تشكل جزءاً كبيراً من استثمارات العملاء في المنطقة ومنها الصكوك والسندات والأسهم المحلية والعقار. لكن أعتقد أن العملاء يتطلعون إلى تنويع مراكزهم في العملات من حيث التخفيف قليلاً من حيازتهم للدولار مع أن المنطقة ترتكز على الدولار كعملة أساسية. هناك اهتمام أكبر مثاًا في الفرنك السويسري واليورو وما يمكن تسميته بالعملات الدفاعية وفي الذّهب. واعتقد انه بعد استقرار أسعار الفائدة سيكون هناك فرص أكبر في العقار نتيجة إعادة تسعير فئات الأصول المختلفة.
هل تلمسون تغييراً في توجهات المستثمرين نحو مراكز حجز الأصول (Booking Centers) العالمية المختلفة؟
لدينا مركز محلي لحجز الأصول في المملكة العربية السعودية. ولدينا مراكز في سويسرا ولوكسمبورغ ولندن وسنغافورة، أي أن منصتنا توفر للمستثمرين الفرصة لتنويع أماكن حجز أصولهم وفق ما تقتضيه مصالحهم. لا نرى تحولات أساسية في خيارات المستثمرين بين هذه المراكز. إن المرونة التي نوفرها في هذا المجال تتيح لنا زيادة أعمالنا والاستجابة لحاجات العملاء وتصميم الحلول الّتي تناسبهم. نطمح لتأسيس مركز لحجز الأصول في الإمارات الّتي أصبحت مقصداً عالمياً للثروات.
هل هناك اي تغيير في توزيع أصحاب الثّروات لاستثماراتهم بين الأسواق المحلية والدّولية؟
نحن نخدم العملاء الّذين يتمركزون ويعملون في المنطقة. هناك ثروات قديمة ورواد أعمال لديهم استثمارات كبيرة في أسواق العقار المحلية وفي شركاتهم وأسواق الأسهم والسندات المحلية. نحن نهتم بشكل متزايد في إدارة ثرواتهم في الأسواق العالمية مثل الأسهم والسندات في أميركا وأوروبا وآسيا.
هناك تركيز اكبر من قبل مديري الثروات على عملية انتقال الثّروات بين الأجيال في المنطقة، هل ترون تسارعاً في هذا الانتقال وهل هناك تغيير في نظرة الأجيال الجديدة نحو فئات الأصول الاستثمارية وفي قابليتهم للمخاطر؟
ما نراه هو بروز رواد أعمال جدد. وهذه ظاهرة طبيعية في بلدان تستثمر بكثافة في تطوير بناها التحتية وأطرها القانونية وتركز اكثر من اي وقت مضى على بناء الشراكات واستقطاب الاستثمار الأجنبي. نشهد بروز رواد جدد في القطاع الرّقمي حيث بدأت الأسواق تضم المزيد من الشركات المليارية الجديدة (Unicorns) والّتي يتم إدراج بعضها في البورصات المحلية في السعودية وأبو ظبي ودبي وغيرها. هناك ديناميكية جديدة وحيوية متزايدة في المنطقة.
قدرة البنك على توفير الاقراض المهيكل
واستخدام ميزانيته للتمويل وخبرته في ادارة الاصول واسواق رأس المال
نظمنا ورشة عمل خلال شهر ابريل الماضي في السعودية وأبو ظبي حيث دعونا 40 مستثمراً عالمياً ممن لديهم اهتمام في المنطقة والّذين بدأ بعضهم بإقامة شراكات مع مستثمرين محليين. هناك اهتمام في القطاع العقاري وفي الصناعة والخدمات والتكنولوجيا في السعودية والإمارات.
تميل التركيبة الديمغرافية في المنطقة نحو عنصر الشباب وهو ما يمثل أحد عوامل الجذب للمستثمرين، كما إن الاستقرار السياسي الطويل الأجل واستراتيجيات التنمية كلها تساعد على زيادة جاذبية المنطقة للمستثمرين العالميين وعلى استقطاب رؤوس الأموال مما يساعد على تقدم المنطقة وخلق ثروات جديدة فيها، وهذا ما يساعدنا كبنك.
على أية شرائح تركزون في سوق إدارة الثّروات؟
نركز بشكل أساسي على أصحاب الثّروات الفائقة الّذين يمكنهم الاستفادة من منصتنا المتطورة ومن فهمنا العميق للائتمان والقيمة المضافة الّتي نجلبها للمكاتب العائلية ولعملائنا الآخرين.
كيف تنظرون إلى العلاقة مع المكاتب العائلية؟
إن طبيعة البنك وقدرته على توفير خدمة الإقراض المهيكل واستخدام ميزانيته الكبيرة للتمويل هي من المزايا الّتي تهم المكاتب العائلية وأصحاب الثّروات الفائقة والّذين يهتمون أيضاً بالقدرات التي نملكها في إدارة الأصول وأسواق رأس المال. كل ذلك يضعنا في وضع جيد لخدمة هؤلاء العملاء المهمين، إن وجود المزيد من المكاتب العائلية يساعد مديري الثّروات في عملهم من خلال تعزيز الاحترافية في السوق.
انتقال الثّروات من جيل إلى آخر مستمر في الخليج، كيف ينعكس ذلك على قطاع إدارة الثّروات؟
يغلب الشباب على طبيعة التّركيبة السكانية في الخليج. إذا أخذنا السعودية مثلاً، هناك 70 في المئة من السكان تقريباً تحت عمر الثّلاثين سنة وفق بعض الاحصائيات. نرى المزيد من الشباب يحتلون مواقع القرار اليوم، واعتقد أنه أصبح لدى المزيد من العائلات خططاً للانتقال بين الأجيال بانتظام وسلاسة.
هل هناك تغير في حاجات الجيل الجديد ونظرته إلى الاستثمار؟
يمكن القول إن الجيل الجديد يعتمد أكثر على استخدام التكنولوجيا. لكن نظرته إلى الاستثمارات الأساسية لا تزال تقريباً نفسها كما الجيل الذي سبقه لكنه يتقبل أكثر الفئات الجديدة من الأصول ولديه ميل أكثر للاستثمار في التكنولوجيا الصاعدة ووعي أكبر بالاستدامة والاستثمارات المرتبطة بها.
كيف يستخدم دويتشه بنك التكنولوجيا الحديثة في عملياته في المنطقة؟ وكيف تنظرون إلى الذّكاء الاصطناعي ودوره في صناعة إدارة الثّروات؟
نشهد باستمرار بروز تقنيات جديدة، ونحن نتابع بشكل دقيق هذا التّطور. ولا يمكن التّوسع وتطوير خدماتنا وتقديمها لقاعدة أوسع من العملاء من دون تكثيف استخدام التكنولوجيا الرّقمية الّتي تساعدنا أيضاً على تعزيز قدراتنا التنافسية في السوق. هناك استخدام متزايد للذكاء الاصطناعي في العمليات وفي القيام باجراءات التدقيق بمعلومات العملاء او ما يعرف بـ "اعرف عميلك" (KYC) وفي تسهيل الحصول على البيانات وتحليلها، كما نستخدم الذكاء الاصطناعي في الابحاث والتدريب في الصيرفة الاستثمارية.
ما الّذي يميز دويتشه بنك عن غيره من المصارف الناشطة في صناعة إدارة الثّروات في المنطقة؟
معظم المصارف تملك منصات جيدة. لكن ما يميز دويتشه بنك هو التزامه القوي بوجوده في المنطقة وتاريخه الطويل فيها. وتظهر قوة هذا الالتزام في الاستثمارات التي نقوم بها لتطوير فريق عملنا ومنصتنا. وما يميزنا أيضاً قدراتنا المؤسساتية وميزانيتنا الكبيرة الّتي تمكننا من خدمة العملاء على أكمل وجه وتوفير الحلول الّتي تلبي حاجاتهم وهذا ما لا يستطيع الكثير فعله بالطريقة نفسها. لدينا القدرات الكبيرة والمرونة الكافية لتصميم الحلول الّتي تناسب متطلبات كل عميل، وأعتقد أن هذا عامل أساسي يميزنا في السوق.
ماذا عن المنافسة؟ هناك اللاعبون العالميون الّذين ينشطون في المنطقة منذ زمن، وهناك المصارف المحلية الّتي بدأت تولي اهتماماً أكبر وتتوسع في إدارة الثّروات إضافة إلى لاعبين متخصصين مثل صناديق التحوط والملكيات الخاصة والائتمان الخاص. كيف تبدو خريطة المنافسة في السوق حالياً؟
لدينا قدرات كبيرة للإقراض مقابل أصول مختلفة يملكها العملاء مثل الملكيات الخاصة وصناديق التّحوط والأسهم والعقار. ووجود المزيد من الشركات المتخصصة في فئات محددة من الأصول في السوق يعطينا المزيد من الفرص لخدمة العملاء واستخدام ميزانيتنا الكبيرة لتلبية طلباتهم. المنافسة ظاهرة صحية في السوق.
أما بالنسبة لإدارة الأصول، فإننا نملك قدرات عالية تمكننا من إدارة المحافظ المتنوعة وإدارة المخاطر باحترافية. ما ننفرد به هو الجمع بين قدراتنا في الصيرفة الاستثمارية والخدمات البنكية الخاصة في منصة واحدة مما يوفر أداة مهمة لتوفير خدمات المتاجرة في أسواق رأس المال والخدمات المتطورة الأخرى للمكاتب العائلية العريقة. نحن من المصارف القليلة الّتي يمكنها تلبية احتياجات العملاء المتنوعة في وقت واحد. في ورشة العمل الأخيرة الّتي نظمناها في السعودية وأبو ظبي كان كل من رئيس مجلس الإشراف والرئيس العالمي لقسم الخدمات البنكية الخاصة في البنك حاضراً طيلة الأربعة أيام الّتي استغرقتها هذه الورشة، هذا بالإضافة إلى الأربعين مستثمراً عالمياً الّذين جمعناهم.
كيف تعملون مع مقدمو الحلول المتخصصون في مجال إدارة الأصول والثّروات مثل صناديق الملكيات الخاصة والتحوط وغيرها؟
نعمل وفق مبدأ المنصة المفتوحة (Open Architecture). تتضمن منصتنا منتجات من أطراف أخرى بعد اخضاعها للتدقيق المطلوب للتأكد من الجودة ومستوى المخاطر الّتي تنطوي عليه. نحن ايضاً نخدم عملائنا من خلال التعاون مع أطراف أخرى وادخال منتجات لهم الى منصتنا. يمكننا أيضاً تمويل عمليات عملائنا الاستثمارية التي يقومون بها مع أطراف اخرى.
من الواضح أن الاستفادة من ميزانيتكم هو من المزايا الرئيسية الّتي توفرونها.
لدينا فهم عميق للائتمان والاقراض. ونحن نقرض عملائنا من أصحاب الثروات في أكثر من 18 بلداً لتمويل عمليات استثمارية مختلفة بما فيها في القطاع العقاري، كما لدينا قدرة للتعامل مع أنواع الأصول كافة ذات السيولة العالية أو المحدودة. في السنوات العشر الأخيرة أصبح هناك توجه متزايد نحو الاستثمار في الأصول غير السائلة (Illiquid Assets) ولاسيما من قبل المكاتب العائلية. والمصارف الّتي لا يمكنها التعامل مع هذا التحول وتلبية حاجة العملاء في هذا المجال لن يكون بإمكانها الاستفادة من الفرص الجديدة.
ما هي اهدافكم الرئيسية للسنوات المقبلة في المنطقة؟
عندما بدأنا بتطبيق استراتيجيتنا الجديدة منذ أكثر من عام ونصف وضعنا هدفًا أساسياً وهو مضاعفة حجم أعمالنا في المنطقة خلال أربع سنوات.
ما هي المقاييس الّتي تستخدمونها هنا، هل هو النمو في حجم الأصول تحت الإدارة أم الإيرادات؟
نعتمد الإيرادات كمقياس للنمو ولدينا معايير أخرى أيضاً مثل حجم الأصول تحت الإدارة والقروض. لدينا مقاييس للمخاطر والامتثال نلتزم بها أيضاً ضمن خطة عملنا. إن مضاعفة الإيرادات خلال 4 سنوات تنطوي طبعاً على مضاعفة حجم الأصول تحت الإدارة. كان العام 2024 جيداً بالنسبة لنا كما هي بداية العام 2025.
هل هناك تصاعد في الكلفة؟
هناك منافسة عالية في قطاع إدارة الثّروات وهناك بالتالي ضغط على هوامش الرّبح. ولهذا السبب هناك حاجة لزيادة الأصول تحت الإدارة. ولا يمكنك في قطاع إدارة الثّروات زيادة الإيرادات بشكل محسوس من دون زيادة الأصول تحت الإدارة. ولتحقيق هذا الهدف، هناك حاجة لتقديم الحلول والقيمة المضافة الّتي يتطلع إليها العملاء. بالطبع عليك إدارة الكلفة بشكل مستمر وقد قمنا قبل فترة بترشيد التّكاليف والتّعامل مع غير المنتج منها. وعلى الرّغم من الاستثمارات الّتي قمنا بها لتطوير خدماتنا في إدارة الثّروات العام الماضي تمكنا من خفض نسبة التكلفة إلى الدّخل في المنطقة من خلال زيادة مداخيلنا وخفض بعض عناصر الكلفة.
كيف ترون آفاق النمو في قطاع إدارة الثّروات في المنطقة خلال السنوات المقبلة؟
نحن متفائلون بسوق إدارة الثّروات في المنطقة الّتي نعتبرها من بين أفضل المناطق الّتي نتواجد فيها. ونعتبر أنفسنا محظوظين بالعمل في المنطقة خلال هذه المرحلة مقارنة مع مناطق أخرى.
أرى أن المنطقة تتمتع بديناميكية وطاقة مميزة وتركيبة ديمغرافية مؤاتية تساهم في نمو الثّروات. كل هذه العوامل تساهم بنمو أعمالنا، ونحن متفائلون بالمستقبل.
الأكثر قراءة