العالم يسمع عبارة "التنمر الالكتروني" للمرة الأولى في قمة الظهران

  • 2024-05-28
  • 11:17

العالم يسمع عبارة "التنمر الالكتروني" للمرة الأولى في قمة الظهران

  • أحمد عياش

 

من الظهران الى دبي، ومن بكين الى واشنطن، بدأ العالم يتكلم لغة جديدة في المجال الالكتروني. وكم هي لافتة عبارة" التنمر الالكتروني" التي ترددت حديثاً في القمة العالمية للاتزان الرقمي "سينك"، التي استضافتها المملكة العربية السعودية في 23 أيار/ مايو الحالي. وفي الوقت نفسه، تستعد امارة دبي في دولة الامارات العربية المتحدة لعرض "التحول الرقمي" الذي بلغته مؤسساتها في معرض "جيتكس أفريقيا 2024"، الذي سيقام في مدينة مراكش المغربية، الشهر الحالي بمشاركة 130 دولة.

واذا كان من دلالة لهذه الحيوية الخليجية في قطاع يتطور بصورة مذهلة في العالم، فهي تأتي في سياق انقلاب في موازين قوى دولي الذي يتمحور حول قطبيّن حالياً لا ثالث لهما هما الولايات المتحدة الاميركية والصين.

وفي أحدث المعطيات حول السباق التقني الدائر بين واشنطن وبكين، يقول ديفيد والاس ويلز، في تقرير نشرته النيويورك تايمز: "في 14 أيار/ مايو: "أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن تصعيد كبير في الحرب التجارية المناخية الناشئة في البلاد مع الصين، ما أدى الى رفع التعريفات الحالية على السيارات الكهربائية الصينية إلى 100 في المئة - أربعة أضعاف من جانب واحد. وقبل بضعة أيام، رداً على تقارير عن خطط بايدن، تفوق المرشح الرئاسي دونالد ترامب عليه، ووعد بتعرفات بنسبة 200 في المئة في حالة فوزه في انتخابات 2024".

راهن بايدن بالكثير من رأس المال السياسي في الفترة الأولى على سياسة صناعية خضراء جديدة، والتي خصصت أكثر من 2 تريليون دولار للإنفاق في نطاق هذه السياسة، والتي تركز على المناخ. والآن، قرب نهاية فترة ولايته، يحاول بناء خندق وقائي حول الصناعات الخضراء الناشئة في أميركا. من الخارج، يبدو الأمر وكأنه حرب تجارية مناخية حقيقية. هل يمكن حتى الفوز بها؟

ربما سمعنا عن النمو المعجزة للطاقة الخضراء في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. ففي العام 2023 وحده، وفّرت مصادر الطاقة المتجددة لأول مرة 30 في المئة من إجمالي الكهرباء العالمية، وفي الشهر الماضي، في سابقة أخرى، وفّر الوقود الأحفوري أقل من ربع طاقة الاتحاد الأوروبي.

ولكن على الرغم من أن تخفيضات الكربون هي الأكثر إثارة للإعجاب في أوروبا، فإن الازدهار الأخضر هو في الغالب قصة صينية. تم تركيب أكثر من نصف جميع الطاقة الشمسية الجديدة التي تم تركيبها في العالم العام الماضي داخل الصين. وبالنسبة لطاقة الرياح، كانت الحصة أكبر: كانت الصين مسؤولة عن 60 في المئة من إجمالي القدرات العالمية الجديدة. في غضون ثلاث سنوات فقط، ضاعفت البلاد إجمالي كمية الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المركبة داخل حدودها. وفي الولايات المتحدة، أدى ما يبدو وكأنه تراكم سريع خلال الفترة نفسها إلى ارتفاع القدرة الإنتاجية بأقل من 50 في المئة. البطاريات أيضاً: في العام الماضي صنعت الصين سعة تخزين مساوية لإجمالي الطلب العالمي.

وفي هذا السياق، تخوض الولايات المتحدة حربها التجارية للتكنولوجيا النظيفة - وليس من موقع قوة أو حتى تكافؤ. فعندما أطلق الاتحاد السوفياتي سبوتنيك في العام 1957، كان ذلك استجابة لخطط لقمر صناعي أميركي، والذي وصل إلى المدار بعد ثلاثة أشهر فقط من الإطلاق الروسي. في وقت لاحق من الحرب الباردة، عندما أعرب الصقور الأميركيون عن أسفهم لـ "فجوة الصواريخ"، كانوا يشيرون إلى خيال، لأن الروس لم يكن لديهم أي ميزة. واليوم، تسيطر الصين على أكثر من 80 في المئة من العديد من الجوانب الأساسية لسلاسل إمداد الطاقة النظيفة العالمية مثل السيارات الكهربائية والبطاريات والالواح الشمسية، ولا تسيطر الولايات المتحدة على أي منها تقريباً.

ماذا عن جديد الصين؟  تحت عنوان: "عمالقة التكنولوجيا الصينيون يخفضون أسعار احد منتجات الذكاء الاصطناعي"  كتبت صحيفة "تشاينا ديلي"، قبل ايام :"قال خبراء الصناعة إن المنافسة في قطاع نماذج اللغات الكبيرة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي في الصين تزداد حدة حيث أعلنت شركات التكنولوجيا الصينية الرائدة عن تخفيضات كبيرة في أسعار منتجات LLM الرئيسية، ما أدى إلى حرب أسعار متزايدة، وأضافوا أنه من المتوقع أن يشهد تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدية نمواً سريعاً إلى جانب التقدم التكنولوجي في هذا القطاع. وأبرزوا أن الجولة الجديدة من تخفيضات الأسعار ستسرع الاستخدام التجاري للتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتعميمها، فضلاً عن تعزيز التنمية الصناعية والارتقاء بها".

وفي سياق ما اعلنته الصحيفة الصينية، أعلنت Alibaba Cloud، وحدة الحوسبة السحابية التابعة لمجموعة Alibaba Group Holding Ltd، عن تخفيض الأسعار بنسبة 97 في المئة على ما يعرف بالانكليزية  Qwen-Long LLM، وهو ما يعادل أداء طراز GPT-4 من شركة OpenAI الأميركية.

وقد أحرزت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية بالفعل تقدماً كبيراً في تحسين الخوارزميات وتحسين قوة الحوسبة، وهي قادرة على توفير خدمات التي تعمل بالطاقة الذكاء الاصطناعي بتكلفة أقل، بحسب ما قال وانغ بينغ، الباحث في أكاديمية بكين للعلوم الاجتماعية.

وقال وانغ إن التخفيضات الكبيرة في أسعار الذكاء الاصطناعي لن تخفض عتبة تبني الشركات للتكنولوجيا فحسب، بل ستعزز أيضاً تحولها الرقمي، مضيفاً أن تطبيق التكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سيساعد الشركات على تحسين الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف، وزيادة إثراء النظام البيئي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

بالعودة إلى الخليج، تنظم دبي الرقمية "جناح دبي" في معرض "جيتكس أفريقيا 2024" في المغرب كما اسلفنا. ومن المقرر ان يضم هذا الجناح عدداً من الجهات الرائدة في التحول الرقمي وهي شرطة دبي، وبلدية دبي، وهيئة مياه وكهرباء دبي، ودبي للاقتصاد والسياحة، والدفاع المدني، وجمارك دبي، وموانئ دبي العالمية وغيرها، بمشاركة خبراء دوليين، وحشد من المتخصصين.

ونصل الى الظهران حيث استضاف مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" اعمال القمة العالمية للاتزان الرقمي "سينك"، بمشاركة خبراء دوليين، وحشد من المتخصصين.

وأوضح مدير مركز "إثراء" المهندس عبدالله الراشد، أن القمة، لم تستهدف مناصرة التكنولوجيا أو مناهضتها، بل بحثت في حلول تخلق أنماطاً إنسانية أفضل للتعامل معها، وهو ما تتضمنه جلساتها التي تضم نحو 50 عالماً وخبيراً، إضافة إلى عدد من المتحدثين في مختلف المجالات.

وشهدت جلسات القمة عناوين مختلفة أبرزها: التنمر الإلكتروني، وتسارع التطبيقات الإلكترونية، وتجربة مدرب كرة القدم العالمي مورينيو مع التقنية، ومواجهة التناقضات الرقمية: تتبع تعقيدات عالمنا المتشبع بالتكنولوجيا. والهدف هو تكوين علاقة جيدة مع العالم الرقمي لتحقيق مستقبل أفضل".

ونتوقف عند عبارة "التنمر الالكتروني" التي وردت في قمة الظهران. اليست هذه العبارة صالحة لوصف ما يدور في المنافسات الدولية ولا سيما ما بين الولايات والصين؟ واذا كان "التنمر" هو من سمات السلوك البشري، فهو اليوم ينطبق على ما يدور في عالم التكنولوجيا. حقاً، انه عالم مدهش.