انهيار بنك وادي السيليكون: الشركات الناشئة في مهب "الإفلاس"؟

  • 2023-03-28
  • 12:10

انهيار بنك وادي السيليكون: الشركات الناشئة في مهب "الإفلاس"؟

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

مع انهيار بنك وادي السيليكون وجدت الشركات التكنولوجية الناشئة نفسها في مواجهة أزمة قد تكون الأصعب في تاريخها. فهذا الانهيار الذي ربما لم تكن تدرجه في توقعاتها، وضعها في موقف صعب في إطار بحثها عن الإجابة على سؤال حول قدرتها على استرداد أموالها ودفع رواتب موظفيها خصوصاً أن بنك وادي السيليكون كان أبرز الداعمين لها.

 

ولم تكن الشركات التكنولوجية الناشئة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها التي تضررت من الأزمة، فتأثير الانهيار كان عابراً للقارات من أميركا إلى أوروبا ومنها إلى أفريقيا التي تأثرت شركاتها الناشئة بـ "الحدث" المالي الأبرز منذ الأزمة العالمية التي وقعت منذ أكثر من عقد من الزمن. فالبنك كان يدعم الشركات الأفريقية الناشئة، ومن الأمثلة على ذلك، التعاون الذي أبرمه وادي السيليكون مع اكبر مركز للتكنولوجيا المالية في أفريقيا والمعروف بـ "Africa Fintech Foundry"، في العام 2020، ومهمته تقديم الخدمات المصرفية والدعم لشركات التكنولوجيا المالية الأفريقية.

 

إقرأ ايضاً:

هذا ما فعلته البنوك الأميركية بعد انهيار بنك وادي السيليكون

 

إرباك في تقييم الموقف المالي

 

وبحسب التحليلات الغربية المتواترة، فإن انهيار بنك وادي السيليكون أدى إلى إرباك لدى الشركات الناشئة لتقييم موقفها المالي والبحث في مدى تأثير الانهيار في قدرتها على العمل، علماً أن هذه الشركات كانت تستعد للدخول في موجة تسريح للعمالة على نطاق واسع.

وفي ما كانت السلطات المالية الأميركية تحاول تدارك ما يمكن من تداعيات قد تكون كارثية للإنهيار المفاجئ وغير المحسوب، كان مجتمع الشركات الناشئة يعيش حالة من الإرباك والقلق كنتيجة طبيعية لانقطاع أهم مصدر للتمويل، إذ كان بنك وادي السيليكون أحد الممولين البارزين لأعمال هذه الشركات، ومما زاد حالة الإرباك هو الخوف من المجهول خصوصاً أن هذه الشركات كانت تتخوف من عدم تمكنها من سحب أموالها المودعة في البنك والتي تحتاج إليها لدفع رواتب موظفيها وتسديد كلفة التشغيل، علماً أن بعض هذه الشركات كان يدرس، بحسب المعلومات الواردة، وقبل إعلان الإفلاس، سحب أمواله من البنك غير إن ذلك لم يحدث.

 

يمكنك الاطلاع:

جي بي مورغان يحذر من "لحظة مينسكي".. ما هي؟

 

 

وعلى الرغم من أن بنك وادي السيليكون كان أبرز المقرضين للشركات التكنولوجية الناشئة في العالم إلا أن تأثير انهياره لم يكن مشابهاً في كل الدول التي طالتها شظايا الانهيار. ففي حالة القارة الأفريقية، فإن الكثير من شركاتها الناشئة كان يعتمد على موارد ودعم بنك وادي السيليكون خصوصاً في الوصول إلى رأس المال الاستثماري والتوجيه وهذا ما ستفقده هذه الشركات بالإضافة إلى مشكلات في كشوف الرواتب وخدمات مالية أخرى التي من المرجح أنها تعطلت الآن وباتت غير متوفرة وهنا فإن الاحتمالات هي مواجهة هذه الشركات لمشكلات في دفع الرواتب وتسريح العمال ووقف التوظيف او تعليقه حتى حين. كذلك فإن جو انعدام الثقة السائد حالياً سيوقف المستثمرين الأجانب عن المخاطرة والمجازفة في الاستثمار بالشركات الأفريقية وهذا ما قد يؤدي إلى تداعيات سلبية عليها قد يكون أقلها اضطراب كبير في عملياتها، وأخطرها إعلان إفلاسها ووقف أنشطتها إما بصورة مؤقتة أو دائمة بحسب ما تفرضه ظروفها المالية.

 

تأثير الانهيار على الشركات العربية الناشئة

 

لكن في مقابل إرباك الشركات الناشئة في أميركا وبعض الدول الأوروبية وأفريقيا، فإن تأثير انهيار بنك وادي السيليكون لم يشكّل "زلزالاً" بالنسبة إلى شركات التقنية الناشئة في الشرق الأوسط، تحديداً في الدول العربية، غير إن ذلك لم يخف الإرباك كلياً إذ تأثرت البورصة المصرية فور ورود أخبار الانهيار وفي الأيام اللاحقة لكن البنك المركزي المصري تدخل للتقليل من آثار الانهيار بالإشارة إلى أنه لا تداعيات سلبية على القطاع المصرفي نظراً إلى عدم امتلاك البنوك المصرية أية ودائع أو توظيفات أو معاملات مالية لدى وادي السيليكون، مشيراً إلى أن التراجعات في البورصة نجمت عن مبيعات المستثمرين الأجانب وخروجهم من السوق مع وجود حالة من الخوف التي فرضها انهيار وادي السيليكون، وعد ذلك محاولة من البنك المركزي المصري للتخفيف من الازمة وطمأنة السوق المالية المحلية أقله في المرحلة الراهنة ريثما ينجلي غبار الانهيار.

 

قد يهمك:

دروس من كريدي سويس: أكبر خسارة عربية في استثمار مصرفي خارجي

وفي الإمارات التي تعدّ أرضاً خصبة للشركات الناشئة ونموذجاً يحتذى في دول الخليج العربية، وتعلن عن نفسها بأنها مركز الشركات التكنولوجيا الناشئة في المنطقة، فإن تبعات انهيار بنك وادي السيليكون كانت أقل حدة، إذ يرى محللون بأن هناك إمكانية لإنقاذ الشركات الناشئة، لكن في المقابل فإن "فينتك هايف" في مركز دبي المالي العالمي والذي يتألف من أكثر من 650 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، لم يخفِ أصداء الانهيار في منطقة الخليج، في إشارة إلى صعوبة الأوضاع التي سادت عقب الانهيار. وقد تم تداول معلومات حول اتجاه مجموعة "رويال غروب" لشراء ذراع بنك سيليكون فالي البريطانية، لكن التأخر في اتخاذ القرار، أدى إلى عدم إبرام الصفقة لتنتهي الأمور إلى شراء "بنك اتش أس بي سي" في نهاية المطاف الذراع البريطانية للبنك مقابل جنيه إسترليني واحد.

في الخلاصة، فإن أهم مشكلة قد تواجه الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط هي الوصول إلى أموالها وهذا قد يؤدي إلى عجزها عن دفع رواتب موظفيها خصوصاً في ظل عدم وجود مصادر بديلة للنقد، وعليه يبقى السؤال الأهم والذي قد تكون إجابته أكثر وضوحاً خلال الأيام المقبلة وهو: هل ستجد شركات المنطقة نفسها أمام الخيار المر بإعلان إفلاسها وإغلاق أبوابها أم أنه ستحدث تدخلات شبيهة بالتي جرت في أعقاب جائحة كورونا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟