خمسة دروس من انهيار FTX

  • 2022-12-21
  • 21:44

خمسة دروس من انهيار FTX

الحكومات تعدّ لتنظيم العملات المشفرة وأكثر الدول العربية لا تزال تحظر التعامل بها

  • "أوّلاً- الاقتصاد والأعمال"

 

انتهت FTX وتبخرت معها ثماني مليارات دولار من أموال المستثمرين، وانهارت بسبب ما انكشف من عمليات وتصرفات غير نظامية في أموال المتعاملين الثقة بقطاع العملات المشفرة وبكبرى شركاته، ما اطلق سيلاً من السحوبات اليومية من شركات ادارة ومنصات تداول العملات المشفرة، وتراجع يومي في أسعار معظم هذه العملات، وسيطر بذلك الخوف وأصبح الشغل الشاغل لهذا القطاع هو معرفة إلى أين ستسير الأمور بعد انهيار FTX وكيف يمكن للقطاع استعادة ثقة السوق من خلال إصلاحات أساسية في أسلوب عمله.

في ما يلي، على سبيل تبسيط الأسئلة والأجوبة، خمسة عناوين تلخص الأزمة وأبرز دروسها: 

أولاً: انهيار FTX هو حالة فساد وسوء إدارة لا تمثل واقع قطاع العملات المشفرة، وبالتالي فإن الكثير من أسباب انهيار هذه الشركة، يعود إلى الأخطاء التي ارتكبت في إدارة أصولها، وليس إلى عوامل الضعف التي يشكو منها قطاع العملات المشفرة. بالمعنى نفسه، فإن الهزة التي تسببت بها FTX ستساعد الصناعة على تحديد المخاطر ودفع الشركات الهامشية وغير القادرة على توفير مستوى عال من الشفافية للمستمرين والمتعاملين عن عملياتها إلى خارج اللعبة. 

ثانياً: العملات المشفرة تكنولوجيا جديدة، وكما هي الحال مع أي تكنولوجيا مستحدثة، فإن الأسواق والمستثمرين والهيئات الرقابية يحتاجون إلى وقت لكي يدركوا ما تحتويه هذه من فرص، ولكي تجتمع لهم الخبرات اللازمة للتعامل بها، يعني ذلك أن العملات المشفرة ستبقى عرضة للتقلبات والأزمات إلى أن يؤدي تراكم التجارب وتكامل إجراءات التنظيم والرقابة إلى استقرار السوق على قواعد أكثر استدامة.

ثالثاً: إن انهيار FTX كشف عن الثغرات التي تشكو منها سوق العملات المشفرة والتي تحتاج إلى عناية مباشرة ومن أهمها: 

  1. توافر القوة المالية في منصات التداول
  2. توافر حماية حقيقية للمستثمر
  3. العمل بقواعد متعارف عليها عالمياً للإفصاح المالي
  4. الاهتمام بالأمن السيبراني في عمليات التداول
  5. وجود قواعد عمل واضحة لمكافحة تبييض الأموال والعمليات غير النظامية

رابعاً: لا بديل عن إطار رقابي

عزز انهيار FTX وما تكشف عنها من عشوائية واستنسابية وفساد وانعدام الشفافية في إدارة استثمارات العملاء عن خطورة الاستمرار بالوضع الحالي بما في ذلك حرية الشركات في اختيار التسجيل في بلدان لا تطبق ما يكفي من الرقابة الفعالة، وأخيراً انعدام قواعد إفصاح ومناهج مراقبة للشركات، خصوصاً التي تتعامل بأموال الزبائن والمستثمرين. وهذه القناعة أصبحت قائمة حتى لدى شركات العملات المشفرة نفسها. وقد تحرك الكونغرس الأميركي بالفعل في اتجاه وضع قوانين لتنظيم عمل قطاع العملات المشفرة، إلا أنه ليس واضحاً حتى الآن نوع التنظيم الذي سيتم الاتفاق عليه بين المشرعين وبين الصناعة، علماً أن السؤال الأهم هنا هو: هل يمكن التوفيق بين قطاع العملات المشفرة وفلسفته اللامركزية المناهضة لسيطرة الحكومات، وبين التنظيمات التي قد تحاول الحكومات والبنوك المركزية فرضها؟

خامساً: العملات المشفرة باقية

برغم ما أدت إليه فضيحة FTX من انهيار للثقة في التعامل بالعملات المشفرة، فإن هذه التكنولوجيا (والأداة الاستثمارية في آن) ستبقى لأنها تلبي حاجات معينة أهمها التطور الكبير في التقنيات المالية والصرافة الرقمية كما إنها تلبي الهدف الأصلي الذي استندت إليه وهو تأمين شبكة للتعاملات المالية خارج الاحتكار شبه المطلق للنظام النقدي العالمي. لكن هذه المحاولة ضلت الطريق كما يقال، إذ تحولت من تقنية للاستقلالية المالية والحرية إلى أداة لأحلام الثروة السريعة، فعادت وبسبب أخطائها لتسقط بين يدي النظام التي أرادت التمرد عليه، وها هي تجد نفسها ضعيفة في مواجهة تقدم الحكومات والسلطات النقدية لإدخالها في النظام النقدي بصوة أم بأخرى.

العملات المشفرة عربياً

بحسب مكتبة الكونغرس حتى آخر تشرين الثاني/ نوفمبر من هذا العام، فإن هناك 9 دول تمنع تماماً التداول أو المتاجرة بالعملات المشفرة وستاً من هذه الدول التسع عربية وهي الجزائر ومصر والعراق والمغرب وقطر وتونس، إلا أن دولاً عربية عدة منها السعودية والبحرين والأردن والكويت ولبنان وعمان والإمارات لا تزال تفرض حظراً ضمنياً على التعامل بهذه العملات، وذلك نظراً الى ما تعتبره عدم اتضاح وضعها القانوني، وكذلك عدم وجود إطار تشريعي وتنظيمي يسمح بالتعامل الآمن بها.