"موديز" تتوقع خسارة 65% لحاملي سندات "اليوروبوندز" اللبنانية

  • 2022-06-21
  • 16:06

"موديز" تتوقع خسارة 65% لحاملي سندات "اليوروبوندز" اللبنانية

  • بيروت – "أوّلاً- الاقتصاد والاعمال"

​ 

لا تزال الملفات السياسية المعلّقة على مشابك تأليف معقد لحكومة جديدة في لبنان على مشارف ختام الأشهر الأربعة الأخيرة من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، تحجب جانباً من لهيب التفاقم المستمر في ميادين الاقتصاد الغارق بركود متماد وضبط "غير آمن " لتفلت نقدي يتربص الافلات من قبضة "صيرفة" التي يديرها البنك المركزي، بينما تستعر الفوضى في الاسواق الاستهلاكية منذرة بارتفاعات قياسية متوالية في مؤشر التضخم.

وتتابع المؤسسات المالية ووكالات التقييم الائتماني بريبة واضحة تطورات الداخل، ضمن محاولاتها لسبر "أغوار" المسارات التي سيسلكها لبنان واقتصاده وقطاعه المالي في المرحلة اللاحقة، وهي تنشد بذلك اثبات قدراتها على الاستنباط رغم الضبابية الكثيفة التي تكتنف مجمل الاوضاع القائمة في البلد من جهة، وانعاش حلقات التواصل مع المستثمرين، افراداً ومؤسسات، "المنغمسين" بتوظيفات او ودائع او من حاملي سندات الدين اللبنانية، والمعنيين حكماً بما يجري والى اين تنحو الاستحقاقات الماثلة سواء على المستويات السياسية او على خط المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وبرز في السياق، التقرير الأحدث لمؤسسة "موديز" الصادر منتصف الشهر الحالي. وفي استخلاصاته الأبرز في ما يختص بالتطوّرات الأخيرة، الاشارة الصريحة الى "أنّ النتيجة غير الحاسمة للإنتخابات النيابيّة الأخيرة ستصعّب عمليّة تشكيل حكومة كما وستجعل من الصعب على أي فريق بأن يستحصل على أغلبيّة واضحة في الحكومة ما سيعرقل عمليّة إقرار أي حكومة جديدة لإصلاحات إقتصاديّة وماليّة جوهريّة لتأمين دعم مالي من قبل صندوق النقد الدولي والمانحين الدوليين.

 وورد الاستنتاج ضمن أحدث تحليل إئتمانيّ للتصنيف السيادي للحكومة اللبنانيّة، حيث حافظت فيه الوكالة على تصنيف لبنان السيادي عند "C"، علماً بأنّ هذا التصنيف يعكس إحتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي السندات الدولية نسبة 65 في المئة، علماً ان قيمة هذه المحفظة تعدت 37 مليار دولارمحمولة بشبه مناصفة من جهات محلية تضم المصارف والبنك المركزي ومن مؤسسات خارجية وشركات استثمار، وذلك بعدما علقت الحكومة السابقة برئاسة حسّان دياب في ربيع العام 2020 دفع كامل موجباتها من استحقاقات وفوائد.

وفي مقاربتها لأبرز نقاط القوّة وأهمّ التحدّيات التي تراها ذات صِلَة لتحديد وتعليل هذا التصنيف السيادي، اشارت الوكالة الى ان نقطة القوَّة الوحيدة للبلد تتمثل في إلتزام الدول المانحة بدعم لبنان شريطة تطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي. وفي المقابل، تكثر التحدّيات القائمة، وفي مقدمها التعرّض الآخذ بالإرتفاع لأزمة إقتصاديّة وماليّة وإجتماعيّة حادّة، وضعف المؤسّسات ونظام الحوكمة الذي يوخّر الدعم الخارجي، وإندثار القوّة الشرائيّة جرّاء التراجع الكبير في سعر الصرف والإرتفاع الملحوظ في مستويات التضخّم.

وتؤكد وكالة "موديز" أنّ أيّ تحسين في تصنيف لبنان يعتمد على تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهّة، وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين كالنموّ الإقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولّية كبيرة من جهّة أخرى، وذلك لضمان إستدامة الدين في المستقبل.

وقد سجّل لبنان، بحسب التقييم الأحدث، نتيجة "b3" في معيار القوّة الإقتصاديّة نظراً لصغر حجمه، وآفاقه الإقتصاديّة الضعيفة، ومحدوديّة قدرته التنافسيّة، والاكلاف الكبيرة للتعديل الإقتصادي نحو نموذج نمو جديد وأكثر إستدامة، فيما يستمر تدني القدرة التنافسیّة وقدرة النموّ الإقتصادي منذ إندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011، والتي نتج عنها تباطؤ شديد في الحركة السياحيّة، وتقلُّص جذري في الحركة التجاريّة، وزيادة الأعباء على البلاد مع تدفُّق النازحين السوريين إليها.

وبالنسبة للقوّة المؤسّساتيّة، سجّل لبنان نتيجة "caa3"، ما يعكس الضعف في بيئة الحوكمة وذلك في ظلّ ضعف فعاليّة السياسة الماليّة للدولة  تماشياً مع محدوديّة فعاليّة السياسات النقديّة والماليّة وذاك عند أخذ الضغوط الإقتصاديّة والخارجية في الإعتبار. أمّا على صعيد القوّة الماليّة، فقد نال لبنان نتيجة "ca"، وهي نتيجة تعكس دين الدولة الكبير الذي قد يتسبّب بخسائر كبيرة للدائنين في حال تعثّرت الدولة عن الدفع.

وبحسب وكالة "موديز" فإنّ مسار الدين يبقى عرضة بشكل كبير لديناميّات نموّ وتضخّم وإحتياطات عملة أجنبيّة معاكسة وهو ما يشير إلى إمكانيّة تسجيل خسائر إضافيّة في ظلّ غياب خطّة إعادة هيكلة تزامناً مع دعم صندوق النقد الدولي والإنتقال إلى نظام نموّ مستدام، علماً ان التقييم أبقى لبنان على نتيجة "ca" في معيار التعرُّض لمخاطر الأحداث، نظراً الى مخاطر السيولة والتعرّض الخارجي الكبير، إضافة الى التعرّض الكبير للقطاع المصرفي للدين الحكومي السيادي.

كما أشار التقرير الى أنّ مؤشّر تضخّم الأسعار قد ارتفع بنسبة 207 في المئة سنويّاً مع نهاية شهر نيسان 2022، الى جانب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيّة مقابل الدولار الأميركي بنسبة 115 في المئة كما في شهر أيّار إلى نحو 27.6 ألف ليرة للدولار الأميركي الواحد، مقارنةً بنحو 13 ألف ليرة للدولار الأميركي الواحد قبل سنة، فضلاً عن التنويه بأنّ إرتفاع أسعار المحروقات والمأكولات نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا تسبّب بإرتفاع معدّلات الفقر وبإنهيار إقتصادي أقوى في لبنان.