هل تتخلّى المصارف الخليجية عن فروعها؟

  • 2021-02-24
  • 13:30

هل تتخلّى المصارف الخليجية عن فروعها؟

أﭬايا" تُحدد أهم 6 توجهات تكنولوجية في القطاع المصرفي الخليجي"

  • إياد ديراني

أظهرت دراسة نشرتها "أﭬايا" Avaya حول القطاع المصرفي الخليجي عمق التغيّرات التي تسببت بها تحديات العام 2020 وعلى رأسها جائحة كورونا، والحاجة الماسة إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات والأولويات، وكشفت عن بدء المصارف بإعادة النظر في دور ووجود الفروع المصرفية، وامكانية استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية خصوصاً في ظل "هجرة" العملاء من عالم المدفوعات النقدية إلى الرقمية.

اللافت للإنتباه في الدراسة التي حملت عنوان "التوجّهات المستقبلية للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي"، عدم اقتصارها على دور الفروع وأهمية الحلول الرقمية، إذ إنها فتحت نقاشاً بالغ الأهمية حول خيارات التطوير و"شد الحبال" بين مدرستين مصرفيتين: المدرسة التقليدية التي تعمل وفق أجندة تعزيز المبيعات والمنتجات والأداء ورضا العملاء وسائر مهماتها التقليدية، والمدرسة التي تسعى إلى نقل كامل منظومة العمل المصرفي إلى الوسط الرقمي. وتُظهر الأرقام والمعطيات التي تضمّنتها الدراسة كيف شكلت رحلة التحوّل الرقمي في البنوك الخليجية "قاطرة" الخروج من أزمة العام 2020، خصوصاً أنها أتاحت التعامل مع انعكاسات كورونا بشكل فعّال وحافظت على استدامة الأعمال ونوعية الخدمات لشرائح العملاء كافة. 

التحوّل الرقمي الذي انجزته المصارف الخليجية العام 2020

كان سيحتاج إلى 5 أعوام    

وتضمّن التقرير المتعلق بالدراسة موجزاً عن أهم النتائج تحت 6 عناوين أو توجّهات، هي: الفروع المصرفية والمدفوعات الرقمية، الهاتف الذكي وقنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء Omnichannel، بيانات العملاء وتحليلها، العمل "الهجين" Hybrid والاتصالات الفيديوية، والخدمات السحابية وحلول الشركات "التكنولوجية المصرفية" Fintech، وشملت الدراسة 12 مديراً تنفيذياً يمثلون كبار مدراء الأقسام المصرفية في مجموعة من بنوك دول مجلس التعاون الخليجي، وهم يديرون أقساماً مصرفية أساسية هي: العمليات، "تجربة المستهلك" Customer Experience (CX)، المخاطر، التكنولوجيا والخدمات الرقمية. 

موسم الهجرة 

إلى العالم الرقمي 

تسبّب انتشار كورونا بـ "الهجرة" بعيداً عن المدفوعات النقدية، حيث سُجل ارتفاع كبير في الاعتماد على الهاتف الذكي و"المحافظ الرقمية" Digital Wallets للقيام بالمدفوعات، وتفوّقت المدفوعات الرقمية عبر الهاتف الذكي على المدفوعات التي تتم عبر البطاقات المصرفية، وسجّل استخدام بطاقات الدفع "من دون لمس" Tap&Go نمواً بنسبة مئة في المئة. ويتوقع المصرفيون تواصل الهجرة باتجاه المدفوعات الرقمية، وأن تستمر في مرحلة ما بعد كورونا، ولهذا تستثمر البنوك في تنويع المحافظ الرقمية المالية Digital wallets المُستخدمة، لتضم محفظة الهاتف الذكي الرقمية، محفظة المصرف الرقمية والمحفظة التجارية الرقمية.  

إلا أنه من المتوقع أيضاً ارتفاع استخدام "القياسات الحيوية" Biometrics في المدفوعات، خصوصاً مع إيلاء الهيئات الناظمة هذا الموضوع الاهتمام اللازم وتحديداً مجالي الأمن الرقمي وخصوصية بيانات العملاء، ويقول 9 من أصل 12 من المدراء المُستطلعين أنه بإمكان البنوك "ترشيد" شبكة الفروع، بمعنى إعادة النظر بدورها وعددها وانتشارها، وقالوا إنهم ينظروا إلى بعض الفروع المصرفية باعتبارها "مصادر تكلفة"، وأنه يمكن استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية، وثمة إقبال لدى المصرفيين على تجربة نماذج الفروع الجديدة Neo Branches، اذ لدى القطاع المصرفي قناعة من أن الفروع المصرفية لن تختفي في المدى المنظور، خصوصاً منها التي تلعب دوراً أساسياً في المحافظة على العلاقات مع العملاء.

لدى المصارف علامات استفهام

حول مدى تمتع شركات الـ Fintech بالمعرفة المصرفية

كذلك ثمة ضرورة لإعادة النظر بالفروع والتحضير لما يمكن تسميته "الفرع المصرفي المستقبلي"، خصوصاً وأنه يوفّر قنوات اتصال فيديوية بين الموظفين والعملاء، ويمكن أن تلعب هذه الخطوة دوراً لتجاوز قصور التطبيقات الرقمية المصرفية، والتي لا تمتلك مؤهلات تنافس التفاعل الإنساني الذي يتم في الفروع المصرفية، أو من خلال الاتصالات الهاتفية. ويقول أحد المدراء المتخصصين في مجال إدارة المخاطر، إنه من الأفضل وصول العملاء إلى الخدمات المصرفية من خلال الانترنت وعبر هواتفهم لا من خلال الفروع المصرفية، وأن هذا الأمر يؤسّس لإطلاق ما يمكن تسميته "فروع مصرفية من دون موظفين".

8 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة يدعمون الانتقال إلى السحابة

 
وتقترح "أﭬايا" المقاربة الثلاثية التالية على مستوى الفروع المصرفية: أولاً، أهمية عدم استثناء الفرع المصرفي في خطة التحوّل الرقمي، وتجربة التكنولوجيات الجديدة مثل الأتمتة المعتمدة على الإجراءات التي يقوم بها الروبوت (تطبيق رقمي) و"البيومتريات" Biometrics (التعرّف على الوجه والصوت)، بالإضافة إلى استخدام الفيديو، و"انترنت الأشياء" IoT بهدف تطوير الفرع المصرفي وتوفير تجارب استخدام سهلة، إذ إن بناء الثقة يشكل عاملاً جوهرياً في وجود الأفرع المصرفية. ثانياً، الاهتمام بتطوير القدرات المتصلة بأفضل الممارسات، إذ يمكن وضع خطة لتبنّي واعتماد أفضل الممارسات الجديدة سواء في مجال "إعرف عميلك" Know Your Customer KYC أو في تجميع البيانات المتعلقة بالعملاء وبناء وتعزيز الولاء لديهم. وثالثاً، تحويل موظف الفرع إلى سفير للعلامة التجارية المصرفية، من خلال تزويده بأفضل الأدوات، والقدرات والبيانات والمعلومات، لجعله أكثر فعّالية، وتوقّع تحقيق نتائج منطقية ومقنعة على مستوى "مؤشرات الأداء الرئيسية" KPIs. 

الهاتف الذكي يقلب المعادلات 

تضيف "أﭬايا" في تقريرها، أن تحديات العام 2020 سلّطت الأضواء على أهمية توفير الدعم للعملاء من خلال "مراكز الاتصال" Contact Centers عبر مختلف القنوات (10 من أصل 12 مديراً)، ويُجمع المدراء على أهمية تطبيق استراتيجيات قنوات التسويق الموحّدة، بالتزامن مع تطوير مراكز الاتصال، كما أظهر انتشار الوباء حاجة ماسة إلى تسريع تنفيذ مشاريع قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء، وحققت البنوك تقدماً في مشاريع تخطيط وتصميم قنوات التسويق الموحّدة لخدمة العملاء Omnichannel حيث تركز الأقسام المصرفية المتخصصة بالابتكار على ما يريده العميل أولاً في مجال قنوات التسويق الموحّدة، كما يُسجّل اهتمام خاص بتوفير الاستثمارات المطلوبة لإطلاق الخطط الاستراتيجية المصرفية في هذا المجال. 

نحو 50 إلى 60 في المئة من الموظفين يستطيعون العمل من منازلهم

لكن ثمة قلق يتمحور حول مستوى انتاجيتهم


من جهة أخرى، اجمعت المصارف التي شملتها الدراسة على أن عملاء المصارف في الخليج يريدون التفاعل مع البنوك بالطريقة والتوقيت الذي يختارونه. وقد باتت مقاومة التغيير في السوق ولدى العملاء أقل حدة مقارنة بمرحلة كورونا، خصوصاً لجهة الاعتماد على الخدمات الرقمية المؤتمتة أو الخدمات الرقمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وأشار المدراء إلى أن الفئات العمرية الأكبر سناً تستخدم الآن منصات الخدمة الذاتية سواء المتصلة أو غير المتصلة بالإنترنت. وعلى الرغم من انتشار الصيرفة عبر الهاتف الذكي بين العملاء، تستمر قنوات الخدمات الأخرى بالانتشار مثل: الهاتف الثابت، الرسائل القصيرة، البريد الالكتروني، وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات المرئية. 

فرص وتحديات الداتا

من الواضح أن مصارف دول مجلس التعاون الخليجي أرست قواعد التعامل مع البيانات Data الناتجة عن نشاطات العملاء خلال تنفيذها مشروع التحوّل الرقمي، وشروعها بتنفيذ استراتيجية رقمية متكاملة تشمل مختلف الأقسام والنشاطات المصرفية، إلا أنها وخلال مراحل متقدمة من انجاز منظومتها الرقمية، أولت جانب البيانات أهمية استثنائية، إذ يتيح تجميع البيانات المتعلقة بنشاطات العملاء سبر أعماق تجربتهم المصرفية والخروج بخلاصات تؤدي إلى تكوين صورة أوضح عنهم، وفهم أعمق لحاجاتهم والتحديات التي يواجهونها وتفحّص أنماط الاستخدام وعزل المشاكل تمهيداً لمعالجتها. 

فضلا عن ذلك، يساهم تجميع وتحليل البيانات في ابتكار خدمات جديدة، وتحسين تلك الموجودة والمساهمة تالياً بتعزيز المبيعات. وترى "أڤايا" أن توفير المزيد من البيانات Data الصحيحة، ومعالجتها بطريقة مناسبة يساعد فرق عمل الشركة على تطوير الأعمال، كما ترى أن استراتيجية تحليل البيانات في الشركات، تُعزّز مرونة الأعمال في عالم تتسارع تطوّراته بشكل لا يُصدق. لكن يجب أن تكون عملية تحليل البيانات سريعة، تستجيب للتطورات وقابلة للتكيّف وتتمتع بالمرونة، كي تتيح لفرق عمل الشركات اتخاذ القرارات بسرعة. 

10 من أصل 12 مديراً يعتقدون أن بعض الفروع المصرفية

يُمكن استبدالها بالخدمات المصرفية الرقمية

وقال 10 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة إنهم يعملون على تطوير استراتيجيات استخدام بيانات Data العملاء لتعزيّز "تجربة المستهلك" Customer Experience، وتقوم بنوك دول مجلس التعاون بتجميع المزيد من البيانات Data، وفي الوقت ذاته تعمل على تنمية المهارات لاستخدام البيانات من أجل تزويد العملاء بخدمات "ذات طابع شخصي" Personalized، وتركز المصارف حالياً على تجميع بيانات شريحة العملاء من فئة "الدرجة الأولى" Premium، وتتيح القواعد التي تحكم تجميع البيانات، تقديم خدمات "ذات طابع شخصي" وإطلاق حملات تسويقية استباقية تستشرف التطورات المستقبلية، كما يشكل تطوير القدرة على استشراف وضع العملاء ورسم صورة واضحة عنهم، أولوية لجميع اللاعبين في القطاع المصرفي. لهذا تتركز النشاطات في مجال البيانات Data على دمج المعلومات التالية: ردود فعل العملاء، والمعلومات الناتجة عن مشترياتهم التي تندرج تحت بند "التسوّق المقنّع" وسجّل بيانات العملاء، ويتيح تجميع البيانات الخروج بنموذج واضح عن تجربة المستهلك أو ما يمكن أيضاً وصفه بـ "مقاييس تجربة المستهلك" Customer Experience Standard.
وتقترح "أڤايا" ثلاث توصيات من أجل تحقيق استراتيجية فعّالة في هذا المجال: أولاً، التعامل مع المشكلة عند جذورها من خلال توفير "الخدمة الذاتية" Self Service سهلة ومشخصنة" Personalized للعملاء، وتضمين مساعد رقمي لمرافقة العميل في كامل رحلته للحصول على الخدمة الصحيحة، والإجابة على أسئلته والتنبؤ بأفضل الخطوات الواجب اتخاذها. ثانياً، إرساء معادلة يكون فيها الجميع رابحاً عبر توفير الحلول التي تتيح التفاعل بين فرق العمل وتقدم الرؤية العميقة والآنية الضرورية لاتخاذ القرارات السريعة. وثالثاً، مواصلة التعلّم والبحث عن حلول الذكاء الاصطناعي وحلول "تعلّم الآلات" Machine Learning، التي تتيح لكل الأقسام الاستمرار بالتعلّم.

 

العمل الهجين يوفّر المرونة

تقول "أڤايا" أن لدى المصرفيين الذين شملتهم الدراسة الاستقصائية إجماعاً حول أهمية "الاتصالات الموحّدة" Unified Communications، كونها تلعب دوراً أساسياً في نجاح الأعمال، ويقول أحد المصرفيين إن الاتصالات الموحّدة في المستقبل ستكون مُستخدمة ضمن "الاتصالات الافتراضية" Virtual Calls أكثر مما هي مستخدمة في الاجتماعات المباشرة، إلا أنها قد لا تأتي بالنتائج المتوخاة في الاجتماعات الحسّاسة، ومن المتوقع استمرار اعتماد الموظفين والعملاء على حلول الاتصالات الفيديوية مستقبلاً، خصوصاً وأنها أثبتت نجاحها وفعاليتها. 

10 من أصل 12 مديراً سيستخدمون "بيانات" Data العملاء لتعزيز "تجربة المستهلك" (CX)

وأكّد 7 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة على سعيهم لتحقيق نموذج عمل مرن، كما عبّروا عن قناعة من أن نمط العمل عن بُعد تحوّل إلى نموذج معتاد وطبيعي أو ما يمكن تسميته "الوضع الطبيعي الجديد" New Normal، لكن ثمة حاجة إلى امتلاك واستخدام أنظمة العمل المناسبة، كما سجّلوا بعض الهواجس التي تتعلق بالعمل عن بُعد وتتمثل بإساءة الاستخدام، ودرجة إنتاجية الموظفين الذين يعيشون في عزلة، كما لدى المصارف وعي كامل تجاه حاجة الموظفين إلى مشاركة المعلومات واللقاء بزملائهم، والامتثال للقواعد الصارمة المتعلقة بقواعد الأمن الرقمي، وهذا يسلّط الضوء على اجماع البنوك التي شملتها الدراسة، على أهمية الحصول على الحلول التكنولوجية المناسبة لتخطي هذه الصعوبات وتلبية المتطلبات، ومن اللافت بحسب التقرير، نسبة الموظفين الذين يستطيعون العمل من المنزل والتي قد تتراوح ما بين 50 و60 في المئة. 

السحابة تنتظر القوانين

وحول الحلول السحابية، تقول "أڤايا" إن ثمة تفاوتاً بطريقة التعامل مع ملفي السحابة والأمن الرقمي لدى المصارف الخليجية، إلا أن هناك إجماعاً على أهمية الاستفادة من السحابة لتحسين العمل المصرفي من جهة، وتطوير تجربة العملاء من جهة أخرى. لكن من الواضح أن لكل مصرف مقاربته في هذا المجال، وتقول إن السحابة ليست هدفاً في حد ذاتها، إذ إنها مجموعة أدوات تسهّل المتطلبات الضرورية لتحقيق تجربة استخدام فعّالة، كما تشكل السحابة منصّة ابتكار لمدّ المصارف بعناصر القوة اللازمة في رحلتها الرقمية، وقال 8 من أصل 12 مديراً شملتهم الدراسة إنهم يدعمون الانتقال إلى السحابة، ويعتبرون ذلك ممراً أساسياً نحو تحقيق المرونة في الأعمال، إلا أن معظمهم يعتبر أن هذا الانتقال يحمل في طياته مخاطر على مستوى الأمن الرقمي.

لن تختفي الفروع المصرفية في المدى المنظور، والأهم بينها سيكون الذي يخدم العلاقات مع العملاء

بعض المدراء اعتبروا أن الانتقال إلى السحابة يشكل أولوية خلال الأشهر الـ 12 إلى الـ 18 المقبلة، كذلك ثمة قناعة أن الحلول السحابية تساعد على جعل الخدمات أسهل بالنسبة الى العملاء، مع العلم أن البنوك لا تسمح باستخدام السحابة في بعض الأقسام المصرفية، بسبب المخاوف الأمنية، واظهرت الدراسة تفضيل المصارف لنموذجي السحابة الخاص والهجين.

وتعتبر المصارف التوجيهات التي تضعها الهيئات المالية الناظمة ركناً أساسياً خلال اتخاذها القرارات المتعلقة بالسحابة. ويقول المصرفيون إنه إذا تمت الموافقة على استخدام السحابة، فإن الحلول التكنولوجية المصرفية التي يتم تطويرها محلياً ستحتل مقعد الأولوية، ويضيفون أن من واجبهم توعية الهيئات المالية الناظمة حول أهمية السحابة، بهدف الحصول على موافقتهم للبدء باستخدامها، في ظل إجماع على أن موافقة الهيئات الناظمة ستشكل صافرة انطلاق قطار السحابة.

 

"الفينتك" يرفع

مستوى التحديات

وترى "أڤايا" أن ثمة تحديات ظهرت عندما بدأت المصارف بالتعاون مع مزوّدي الحلول التكنولوجية المصرفية، ربما أهمها مدى قدرة الشركات التكنولوجية على تحقيق فهم عميق للمتطلبات المصرفية. فالعمل المصرفي له خصوصياته، ويتطلب تمتع أي مزوّد للحلول التكنولوجية بالمعرفة المصرفية، سواء في مجال الامتثال أو المقاييس المصرفية وكل ما يتعلّق بخصوصيات العمل المصرفي، كالجوانب القانونية والتنظيمية، وتشير إلى أن بعض الشركات التكنولوجية الصغيرة التي تحاول العمل مع المصارف لتطوير الخدمات، تفتقر إلى المعرفة المصرفية الأساسية وهو ما يشكل تحدياً أساسياً، وربما لهذا من واجب المصارف تحديد أولوياتها وأهدافها ومعاييرها، قبل اللجوء إلى خدمات شركات التكنولوجيا المصرفية، وربما تستطيع إجراء تقييم هادئ لبيئة عملها ولشبكة العلاقات التي تربطها بالشركات التكنولوجية أو ما يمكن تسميته "بيئة العمل" Ecosystem الخاصة بها، لكي تعرف مسبقاً، إلى أي مدى تستطيع الشركات تلبية متطلباتها في الوقت ذاته الالتزام بالمعايير المصرفية الدقيقة. ولهذا السبب بالتحديد، قامت "أڤايا" بتشكيل منظومة علاقات أو ما يمكن تسميه "بيئة عمل مدعومة بالذكاء الاصطناعي" AI Ecosystem مع الشركات التكنولوجية الأخرى لتقديم مجموعة من الحلول التكنولوجية المصرفية المتكاملة، والتي تأخذ في الاعتبار خصوصيات العمل المصرفي. ومن خلال نموذج الأعمال الذي أرسته "أڤايا" باتت قادرة على تقديم خدمات تأخذ بفي لاعتبار الامتثال المصرفي والجوانب التنظيمية الأخرى ومراعاة خصوصيات العمل المصرفي وترويج الخدمات التي تمتلك قابلية التشغيل المتبادل أو "البيني" Interoperability، بالإضافة إلى الحلول ذات القيمة المُضافة في مجال الذكاء الاصطناعي وميزة "تعلّم الآلات" Machine Learning. 

إقبال لدى المصرفيين على تجربة نماذج الفروع الجديدة Neo Branches

وتختم "أڤايا" بالتشديد على أهمية الاندفاع في تطوير العمل المصرفي الرقمي، لكنها تنبّه إلى أن هذه الجهود لا يجب أن تدعنا ننسى أهمية تطوير الخدمات والمبيعات التي ما زالت تشكل العمود الفقري في العمل المصرفي، والعكس صحيح. الهدف من وراء هذا النوع من المقاربات هو إبقاء العميل في جوهر تفكير القطاع المصرفي، في الوقت الذي تنصرف فيه الإدارة المصرفية إلى إجراء تطوير مواز في خطين: الأول هو الابتكار والخدمات الرقمية، والثاني يتمثل بتطوير الأعمال والخدمات المصرفية التقليدية، وتسعى الأقسام المصرفية التقليدية إلى إنجاز مهماتها وتحقيق تطوير على مستوى المبيعات والأداء والمنتجات، في ما تعمل فرق العمل الرقمية على تطوير كامل مجموعة خدمات المصرف الرقمية، والمعادلة الذهبية في هذا المجال، تكمن في تكامل الجهد المبذول على المسارين التقليدي والرقمي.