كيف سيكون تأثير ترشيد الدعم على قطاع المحروقات في لبنان؟

  • 2020-12-21
  • 08:43

كيف سيكون تأثير ترشيد الدعم على قطاع المحروقات في لبنان؟

  • كريستي قهوجي

"فالج لا تعالج" مثل شعبي ينطبق على أهل السلطة في لبنان في تقييم أدائهم تجاه الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف ببلدهم وهم يعيشون بعيداً عن آلام ومعاناة شعبهم، في ظل استمرارهم في سياسة الإفقار وشلّ البلاد عبر الحديث عن إمكانية رفع الدعم أو ترشيده ما سيؤدّي في المحصّلة إلى انفجار اجتماعي يسقط الهيكل فوق رؤوس الجميع.

ومن المتوقع أن يشمل ترشيد الدعم قطاع المحروقات الذي يشكّل مادّة أساسية في مختلف الصناعات اللبنانية وقطاعات اقتصادية أخرى كقطاع النقل، الأمر الذي سيؤدّي إلى ارتفاع كبير في الأسعار لن يكون المواطن قادراً على تحمّل كلفتها من جهة وإلى عدم قدرة الشركات على الاستيراد وتوقف عمل الموزعين وشلل محطات المحروقات بشكل كامل.

إقرأ: قطاع النقل العام في لبنان: الكنز المفقود!

ومنذ أن أطلق مصرف لبنان المركزي سياسة الدعم على المحروقات منذ بضعة شهور، بدأت الشركات المستوردة للنفط باستيراد المحروقات على أنواعها من الخارج عبر تأمين 85 في المئة من الأسعار من "المركزي" وتأمين 15 في المئة من السوق السوداء وتوزيعها على محطات المحروقات في المناطق كافة، في ظل عمليات تهريب منظمة إلى خارج الأراضي اللبنانية، مما جعل هذه الشركات عرضة لخسائر طائلة بالإضافة إلى بطء في عمليات التوزيع.

 

جورج فياض: رفع الدعم الكلي سيؤثر على كل القطاعات الاقتصادية

وبعد الحديث عن ترشيد الدعم، تعيش الشركات قلقاً حول قدرتها على الصمود في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان. وفي هذا السياق، يقول نقيب أصحاب الشركات المستوردة للنفط في لبنان جورج فياض في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" إنّ رفع الدعم الكلي سيؤثر على القطاعات الاقتصادية بشكل عام وليس فقط على قطاع النفط، مشدداً على ضرورة وضع خطة متكاملة تترافق مع رفع الدعم لتساعد القطاعات المتأثرة بهذا الأمر.

أسعار المحروقات سترتفع وحجم الاستيراد سيتأثر

ويشير فياض إلى أن مادة المازوت لها تأثير كبير على قطاعات اقتصادية متعددة وهو نوع من الخدمات التي تقدّمها الشركات عبر شراء المادة وبيعها إلى القطاعات الصناعية والزراعية والأفران وغيرها من القطاعات الاقتصادية الحيوية في لبنان. وحول تأثير رفع الدعم على قطاع المحروقات، يلفت النظر إلى أن الأسعار سترتفع خصوصاً وأنها ستلجأ إلى السوق السوداء لتأمين العملة الأميركية التي بدأ يندر وجودها حتى في تلك السوق، مضيفاً أن هذا الوضع سيؤثر بالتالي على حجم استيراد المواد النفطية من الخارج، لافتاً النظر إلى أنه سيتم رفع الدعم عن البنزين باعتبار أن تأثيره على الأفراد من ذوي الدخل المحدود ليس كبيراً جداً ومن الممكن معالجته بطريقة سهلة.

عمل المحطات سيتأثر أكثر من غيره

ويرى أنه في حال أمّن مصرف لبنان الدولار للشركات المستوردة بسعر 7000 ليرة للدولار الواحد ستتمكّن هذه الشركات من الاستمرار بعملية الاستيراد ولكن على سعر أعلى مما سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك وإلى تراجع في عملها بشكل لافت، مشيراً إلى أن المحطات ستتأثر أكثر من غيرها من عملية رفع الدعم خصوصاً وأنها لديها سعر واحد للجعالات الأمر الذي سيؤدي بها إلى المطالبة برفعه تلقائياً مع رفع الدعم.

الأمور ستفلت والمنافسة على الاستيراد ستنتشر

ويسأل عن مصير جدول تركيب الأسعار في المرحلة المقبلة خصوصاً وأن الشركات والمحطات محكومة ببيع البضائع لديها بالليرة اللبنانية حصراً، لافتاً النظر إلى أن رفع الدعم سيؤدي إلى اعتماد مبدأ السوق الحرة في عملية البيع حيث ستفلت الأمور وبالتالي كل تاجر يبيع بضاعته بحسب رغبته وتنتشر المنافسة على الاستيراد ضمن جدول تركيب أسعار متحرّك طبقاً لسعر صرف الدولار وسعر النفط عالمياً.

إقرأ أيضاً: 
جاك صراف: يمكن الاستمرار بالدعم شرط وضع هندسة شفافة له

 

وحول إمكانية استيراد النفط الخام من العراق، يستبعد فياض هذا الأمر خصوصاً وأن لا أحد يبيع لبنان النفط بشكل مجاني وكل بضاعة لها ثمنها، داعياً الدولة إلى تأمين مادة الفيول إلى شركة كهرباء لبنان قبل أي شيء آخر.

 

سامي البراكس: لرفع أسعار الجعالات في حال ترشيد الدعم

ولمحطات الوقود في لبنان باع طويل في الأزمات الاقتصادية في لبنان حيث عانت الامرّين جراء سياسات الدولة الخاطئة طيلة السنوات الماضية. ومع رفع الدعم، يرى نقيب أصحاب محطات الوقود في لبنان سامي البراكس في حديث إلى "أولاً-الاقتصاد والأعمال" أن الجميع متجه نحو كارثة اجتماعية كبيرة لن توفّر أحداً، مشيراً إلى أن وضع محطات المحروقات على المحك خصوصاً في ظل عدم وجود اعتمادات مالية بشكل دائم وفي ظل وجود عدد كبير من الشركات المستوردة التي تتصرف من دون أي رادع يذكر، مضيفاً أن النقابة لن تلجأ إلى أي تصعيد في ظل سوء الأوضاع الاجتماعية لدى المواطنين.

وضع كارثي

وفي حال تمّ رفع الدعم أو ترشيده، يطالب البراكس بضرورة زيادة رأس مال أصحاب المحطات عبر زيادة الجعالة مع ما يتناسب مع الأسعار الجديدة ضمن جدول تركيب الأسعار، موضحاً أن المحطات تتقاضى اليوم 2000 ليرة كجعالة بالنسبة لسعر صفيحة البنزين التي تبلغ 25 ألف ليرة مشدداً على ضرورة رفعها إلى 4000 ليرة في حال تضاعف سعر الصفيحة ووصل إلى 50 ألف ليرة لبنانية كي تستطيع هذه المحطات الصمود أمام كل العقبات.

محطات غير شرعية

ويقول إن الدولة اعتمدت نظاماً لتوزيع المحروقات حيث يعمد بعض الموزعين إلى تمرير كميات كبيرة من البنزين إلى المحطات غير الشرعية على حساب المحطات الأخرى مما يتسبب بخسائر فادحة لهذه الأخيرة لصالح الشركات والدولة معاً.

وحول إمكانية استيراد النفط من العراق، يشير البراكس إلى مصفاة تكرير النفط المهملة في طرابلس والتي لم تقم الدولة بخطوة واحدة لإصلاحها وصيانتها وتشغيلها مجدداً، مضيفاً أن هذا الموضوع ترك لصالح الشركات التي تستفيد من الخزانات الموجودة في المنطقة.

 

أبو شقرا: نؤيد ترشيد الدعم بسبب وضع الليرة ومصرف لبنان

أما ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا فيؤيد موضوع ترشيد الدعم عن المحروقات بسبب وضع البلد والليرة ومصرف لبنان، مشيراً إلى أنه يواجه مشكلة الفروقات الجديدة للترشيد التي سيتبعها مصرف لبنان والتي من المرجح أن تصبح 60 في المئة من المركزي و40 في المئة من السوق السوداء، مشدداً على ضرورة التزام المصرف المركزي بهذا الأمر بشكل واضح لناحية سعر الدولار الذي سيعتمد ومن أين سيتم تأمين نسبة 40 في المئة الباقية.

ما هي الحلول؟

يشدد فياض على ضرورة رفع الدعم بشكل تدريجي مع تفادي رفع الدعم عن مادة المازوت إلى حين تأمين حلول جديّة في هذا الإطار.

أما البراكس فيطالب برفع سعر الجعالات في حال تم رفع الدعم بالإضافة إلى تأمين الاعتمادات اللازمة لاستيراد المحروقات وضبط عمل بعض الموزعين الذين يسلمون البضاعة إلى محطات غير شرعية على حساب المحطات الشرعية.

ويشدد أبو شقرا على ضرورة التفاهم حول موضوع ترشيد الدعم خصوصاً لناحية تأمين الدولار الأميركي لعدم مواجهة أزمة كبيرة في إيجاده في الأسواق.