الولايات المتحدة تضع يدها على "تيك توك"!

في ما كان المنتظر أن يدخل حجب تطبيق "تيك توك" الصيني في الولايات المتحدة حيّز التنفيذ، قررت وزارة التجارة الأميركية تأجيل موعد الحجب حتى 27 الحالي، في خطوة عدت فرصة لمجموعة "بايت دانس" الصينية التي تملك "تيك توك" من جهة وشركتي "أوراكل" و"وولمارت" الأميركيتين من جهة أخرى، لإتمام صفقة محتملة ستؤدي إلى إنشاء شبكة جديدة ستحمل اسم "تيك توك غلوبال"، وستتولى تشغيل عمليات التطبيق في الولايات المتحدة، وسيكون مقرها في تكساس.

وفي معرض إعلانها عن قرار التأجيل، أكدت وزارة التجارة الأميركية أن القرار الذي كان يلزم شركتي "Apple"  و"غوغل" بحذف "تيك توك" من قائمة التطبيقات المتوفرة للتنزيل على منصتيهما سيدخل حيز التنفيذ في منتصف ليل 27 الحالي، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يأتي في ظل "آخر التطورات الإيجابية" حول الموضوع، بقرار من الرئيس دونالد ترامب.

بين المخاوف الأميركية والمنافسة التكنولوجية والاقتصادية

ما مصير التطبيق؟

وتستند الإدارة الأميركية في قراراتها تجاه "تيك توك" الى ما تصفه بالمخاوف الأمنية واتهام التطبيق بقدرته على جمع المعلومات الخاصة بالمستخدمين، ويبررون المسؤولون الأميركيون ذلك أيضاً بالرجوع إلى قانون الأمن القومي الذي أصدرته الصين سنة 2017 والذي يجبر أي منظمة أو شركة صينية على تسليم بيانات مستحدميها الأجانب للحكومة في حال طلبت ذلك، غير إن هذه التبريرات لم تقنع العديد من الخبراء الذين أشاروا إلى أن معظم المستخدمين لـ "تيك توك" هم من المراهقين ويستخدمونه لأغراض نشر فيديوهات الرقص والضحك، ما يقلل من أهمية الداتا التي يمكن جمعها عن هؤلاء لاستخدامها لأغراض أمنية، ويفتح المجال أمام شكوك في نوايا الإدارة الأميركية واحتمال أن تكون قراراتها مرتبطة بأغراض اقتصادية، خصوصاً أن التطبيق المذكور قد شهد رواجاً كبيراً على مستوى العالم، إذ حظي باهتمام الملايين مع معدل استخدام يومي قدر بنحو 45 دقيقة للمستخدم في اليوم الواحد.

.. فماذا بعد؟

وبغض النظر عن الأسباب الأمنية الأميركية لحجب "تيك توك"، فإن الأنظار تتجه اليوم إلى الصفقة المحتملة بين "بايت دانس" الصينية وشركتي "أوراكل" و"وولمارت"، والتي حظيت بمباركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال حديث إلى الصحافيين يوم أمس السبت. كذلك، فإن التطورات الإيجابية على صعيد هذه الصفقة التي قد تنتهي بشراكة أميركية- صينية في "تيك توك" لا تلغي التساؤلات المطروحة أساساً حول ما تصفه واشنطن بـ "التهديدات الأمنية"، كذلك الأمر بالنسبة إلى العلاقة التي قد تنشأ بين الصين من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، في ظل قانون الامن القومي الصيني (2017)، وعليه فإن الأسئلة قد تتفرع لتصل إلى: لأي قانون ستخضع الشركة المدمجة؟ وهل يلغي الاندماج سطوة الحكومة الصينية على التطبيق؟ وما هي احتمالات استخدام الولايات المتحدة لـ داتا التطبيق لأغراض قد تعتبر غير مشروعة بحسب مفهومها؟

أبعد من التهديدات الأمنية

وبعيداً عن الاتفاق وتفاصيله التقنية والتجارية، فإنه يمكن القول إن الصفقة في طريقها إلى أن تصبح أمراً واقعاً، ويمكن الوصول إلى هذه النتيجة من خلال ردود الفعل الأولى على الاتفاق، إذ عبرت الشركة الصينية عن "سرورها" بالاتفاق الذي حظي بترحيب ترامب الذي منح مباركته له واصفاً إياه بـ "الرائع"، وهذا ما دفع معارضي ترامب إلى اتهامه باستغلال القضية لغايات انتخابية متسائلين عن ماهية التهديدات الأمنية التي يشكلها "تيك توك" مشيرين إلى أنها غير واضحة وأن الحظر يثير مخاوف حول ضبط الحكومة لحرية التعبير، وهذا أيضاً ما دفع بالمحللين إلى اعتبار محور النزاع القائم بين الولايات المتحدة الأميركية والصين هو المنافسة في مجال التكنولوجيا أكثر مما يدور حول المخاوف الأمنية، وبالتالي فإن الصفقة قد تكون تجارية بامتياز تتعلق بالأمور المالية الربحية، أكثر مما هي أمنية وتتعلق ببيانات المستخدمين.